story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

عمروش وأوناحي

ص ص

كأس إفريقيا للأمم الحالية بالكوت ديفوار، شهدت خلال أيامها الأولى جدلا إعلاميا في مصر والمغرب، أثارته تصريحات لاعبنا عز الدين أوناحي، ومدرب منتخب تنزانيا عادل عمروش، وكانت مادة دسمة لمقالات الصحف في البلدين، وفي محتويات وسائل التواصل الإجتماعي.

الأول هاجم طريقة لعب المنتخب المصري في حوار مع صحيفة “لابروفانس” الفرنسية، حيث قال:” يمكنهم أن يسيطروا ويسجلوا هدفا من ركلة ثابثة، ثم يسقط لاعب يمينا وآخر يسارا إلى أن يعلن الحكم عن نهاية المباراة”.

والثاني وجه اتهامات للمغرب في حوار مع قناة “الهدف” الجزائرية حيث قال إن: “المغرب يتحكم في كل شيء، حتى أنه يختار الحكم الذي يدير المباراة، بالإضافة إلى أننا نواجه خصما قويا، فإننا نلعب ضد عوامل أخرى خفية”.

طبعا هذه التصريحات لم تكن لتُبتلع في المغرب ومصر بـ”جغيمة ديال الما”، لأن فيها ما فيها من تنقيص من قيمة منتخبين يعتبران من أقوياء القارة تاريخيا، والمرشحين للصراع على اللقب في الدورة الحالية لكأس الأمم الإفريقية.

لكن دعونا نتجرد قليلا من شوڤينية الانتماء، وننظر إلى تصريحات أوناحي وعمروش بموضوعية، ونقارن بينهما، وذكر السياق والخلفيات التي تحكمت في هذه التصريحات، ومدى صدقية كل واحدة على حدة.

عز الدين أوناحي عندما انتقد طريقة لعب المنتخب المصري، فهو عبر بدون خلفيات عن وجهة نظر ورأي تقني يتأكد في الواقع وعلى الملاعب باستمرار، ويتفق معه ملايين الناس الذين تفرجوا في منتخب “الفراعنة” وعاصروا الألقاب التي فاز بها في إفريقيا.

مصر التي يراكم معها المغاربة صراعا كرويا طويلا، ولازالوا يتذكرون مواجهات حاسمة جمعت منتخبهم الوطني بالمنتخب المصري، وكيف كان أشقاؤنا يلجؤون إلى كل وسائل الاستفزاز و”التبوحيط” والاعتداء الجسدي، وادعاء الإصابة، من أجل الفوز بالمباريات، في غياب لأي غلبة كروية نزيهة.

هذا دون الدخول في كثير من تفاصيل القرارات “المشبوهة” التي كانت تصدر من الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم في الزمن الذي كان المصريون يسيطرون على أجهزتها بالكامل، ويمكن أن نسوق هنا مثالا لهذا الدعم “بالعلالي” للمنتخب المصري، من خلال الحالة الشهيرة للاعب طاهر أبو زيد خلال نهائيات كأس إفريقيا للأمم 1986، عندما سمحت له لجنة العقوبات بالكاف، وبشكل استثنائي بخوض مباراة نصف النهاية أمام المنتخب المغربي، رغم توفره على إنذارين في الدور الأول، و المثير كان في المباراة، هو أن اللاعب المفترض أن يكون موقوفا، هو من سجل هدف الإنتصار للمصريين، و عبروا به إلى النهاية، ثم الفوز باللقب.

فيما عادل عمروش مدرب منتخب تنزانيا، عندما قال بعظمة لسانه أن المغرب مسيطر على الإتحاد الإفريقي ويمارس الكولسة ويتحكم في تعيينات الحكام وبرمجة المباريات، في تناقض تام مع ما كان قد صرح به بعد مباراة تنزانيا والمغرب برسم إقصائيات كأس العالم 2026 من إشادة بالمنتخب الوطني والتذكير بقوته الكروية على الساحة الإفريقية.

عمروش عندما تحول في رأيه بخصوص المنتخب المغربي بهذا الشكل الجذري، وبدون أن يأتي بدليل على اتهاماته الخطيرة، يمكننا أن نعطي لذلك تفسيرين لا ثالث لهما، فإما أنه كان بصدد ممارسة لعبة التصريحات، و”تسخين الطرح” ومحاولة تشتيت تركيز الخصم التي عادة ما يلجأ إليها الكثير من المدربين قبل المباريات، وإما أنه كان يحابي جهاز الكرة في بلاده الجزائر الذي يوجه نفس الاتهامات للمغرب منذ مدة طويلة، أو تلقى تعليمات منه ليصرح بما صرح به.

الدليل على عدم صدقية ما صرح به عادل عمروش، هو تراجعه عنها مرة أخرى في الندوة الصحفية التي سبقت مباراة المغرب وتنزانيا في سان بيدرو، وعد م تأييد رئيس الجامعة التنزانية لتصريحات ناخبه الوطني، واستدعائه للمثول أما لجنة الأخلاقيات بالكاف لسؤاله عما قال، واتخاذ إجراء تأديبي في حقه.

بخصوص عز الدين أوناحي ولدنا “الرقايقي” الجميل، فقد قال رأيه وانتهى الأمر، وهو الآن يخوض رهانا في الكوت ديفوار مع المنتخب الوطني للذهاب بعيدا في هذه الكأس، وتحقيق الانتظارات الكروية المُلحة للمغاربة، ومن الأجدر أن يركز على مبارياته مع رفاقه وعلى استعداداته لها، ولا يجاري هذا “البوليميك” الفارغ الذي يصنعه الأشقاء في مصر، بالتفكير فيه والرد عليه من خلال الحركات والإشارات ونشر الصور في وسائل التواصل الاجتماعي، لأنه بمنتهى البساطة لا طائل منه.