story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

عبد الرحيم أوحيدا.. يتيم الزلزال الذي عانقته إنسانية ريال مدريد

ص ص

قبل إطلاق صافرة البداية لمباراة ريال مدريد أمام إسبانيول برشلونة على أرضية ملعب “سانتياغو برنابيو”، ظهر السبت 20 شتنبر 2025، برسم منافسات الدوري الإسباني لكرة القدم، كان الملعب يعيش لحظة مختلفة تمامًا. على غير العادة لم تكن الأعين شاخصة نحو اللاعبين، الذين يستعدون لخوض الجولة الخامسة من “الليغا”، بل نحو فتى مغربي في السادسة عشرة من عمره، تقدم بخطوات واثقة نحو دائرة الوسط ليمنح إشارة انطلاق المباراة بركلة شرفية.

إنه عبد الرحيم أوحيدا، القادم من قرية صغيرة في أعالي جبال الأطلس الكبير، والذي تحوّل رمز عالمي للأمل، بعد أن نجا من كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة ليلة الثامن من شتنبر سنة 2023.

تصفيق حار دوّى في أرجاء مدرجات قلعة “البيرنابيو”، واللاعبون اصطفوا احترامًا، فيما كان عبد الرحيم يلمس الكرة بخفة، وكأن تلك الركلة ستكتب فصلا جديدا من حياة هذا الفتى الذي تغيّرت حياته في ليلة الثامن من شتنبر 2023.

ففي تلك الليلة المظلمة، ضرب زلزال مدمر منطقة الحوز وباقي منطقة الأطلس الكبير، بقوة جعلت الأرض تتشقق والبيوت تتهاوى فوق رؤوس قاطنيها، كتب لعبد الرحيم أن يكون من الناجين ضمن عائلة فقد فيها، والديه، وجدّه وشقيقتين كانتا عماد طفولته.

وبين الركام والدموع وصرخات الاستغاثة، وجد نفسه فجأة يتيمًا بلا سند، يحمل في قلبه ألمًا لا يُحتمل، وفي يديه قميص ريال مدريد الذي لم يفارقه حتى في أشد لحظات الفقد.

وبعد أيام قليلة من الكارثة، ظهر عبد الرحيم على شاشة إحدى القنوات العربية وهو يبكي بحرقة، مرتديًا القميص الأبيض، ويروي قصته للعالم.

كلماته البسيطة آنذاك اخترقت القلوب، تحدث عن والدته ووالده اللذين رحلا، وعن شقيقتيه اللتين لم تعودا تلعبان غلى جانبه، وعن حلم والده أن يراه طبيبًا أو معلمًا في المستقبل، لتلمس تلك الصور وجدان الملايين، ووصل صداها سريعًا إلى مدريد

هناك، في العاصمة الإسبانية مدريد، لم يمر المشهد مرور الكرام، بعد أن تمكنت إدارة النايد الملكي من التواصل مع الطفل عبد الرحيم، عبر جماهير النادي في مدينة تطوان شمال المملكة.

وبعد عامين، وجد الفتى لأول مرة نفسه في مدرجات البرنابيو لمشاهدة مباراة ريال مدريد أمام نادي مارسيليا الفرنسي برسم دوري أبطال أوروبا، وبعد صافرة النهاية، نزل إلى أرضية الملعب، صافح لاعبيه المفضلين، التقط الصور، عانق كيليان مبابي، وتلقى منه قميصًا موقعًا باسمه.

ولم تقتصر جولته هذه على مباراة، بل امتدت إلى قلب النادي العريق، ريال مدريد، حيث شاهد بأم عينه أروقة الأكاديمية، وغرف التدريب، وكؤوس أوروبا التي طالما تابعها عبر شاشة التلفاز.

إضافة إلى ذلك، التقى الفتى المغربي بأعضاء فريق كرة السلة للنادي، وحظي بوقت خاص مع الرئيس فلورنتينو بيريز، الذي أكد أن النادي سيقف بجانبه في كل تفاصيل حياته القادمة.

وكتبت الصحف الإسبانية أن نادي ريال مدريد قرر تبني رعاية الطفل المغربي عبد الرحيم أوحيدا، سواء أكاديميًا أو رياضيًا، بحيث أن الفتى الذي كان يدرس في قرية صغيرة بمنطقة الحوز، نواحي مدينة مراكش، سيجد نفسه قريبًا بين صفوف الفئات السنية للنادي الملكي، لتحقيق حلمه وحلم والده الذي لطالما تمنى أن يرى ابنه إنسانًا ناجحًا.

غير أن ما يجعل قصة عبد الرحيم أكبر من مجرد مأساة أو تكريم، هو الطريقة التي واجه بها الحياة بعد الفقد، خاصة وأنه لم ينغلق على جراحه، ولم يستسلم لليأس، بل تشبث بالأمل، ووجد في كرة القدم مساحة للفرح، ووسيلة للعبور من الألم إلى الرجاء.