طفولة المرزوقي بين الجبال والريف.. بداية رحلة انتهت في قلب انقلاب الصخيرات
الولادة والنشأة
يحكي أحمد المرزوقي، عن تفاصيل حياته قبل المعتقل، متحدثا عن ولادته، حيث رأى النور في إحدى القرى الواقعة شمال غرب المغرب، على بعد كيلومترين من منطقة غفساي التابعة لإقليم تاونات، حيث واصل دراسته بمدرسة غفساي، التي كانت تدعى آنذاك غفساي الإسلامية.
وأوضح المرزوقي، في حديثه خلال حلوله ضيفا على برنامج “ضفاف الفنجان” الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، أنه غادر مدرسة غفساي عام 1961، إلى ثانوية مولاي رشيد بفاس، من أجل استكمال الدراسة، بعد ذلك، انتقل إلى المدرسة الفلاحية بمكناس، غير أنها لم تستجب لتطلعاته آنذاك فقرر مغادرتها متجها نحو الأكاديمية العسكرية المتواجدة بمكناس أيضا، حيث دخلها تلميذا ضابطا، وتخرج منها ضابطا عام 1969.
وباشر المرزوقي العمل مباشرة بعد التخرج، حيث اشتغل آنذاك كضابط، في العديد من المؤسسات والثكنات العسكرية لمدة سنة، ليلتحق بعدها بمدرسة أهرمومو العسكرية، التي عمل فيها لمدة سنتين بصفته أستاذا ومكونا في الفنون الحربية.
نقطة التحول
بعد استكمال السنتين، يحكي المرزوقي أنه انتقل بطلب من الكولونيل محمد أعبابو، لتكوين فوج خاص بالتجنيد الإجباري، مشيرا إلى أن التجنيد الإجباري آنذاك كان يستهدف بالأخص المحامون والأساتذة، وبشكل عام كل من حاول التعبير عن آراء أو مواقف لها علاقة بالسياسة، بمن فيهم السياسي الاشتراكي الطاهر بنجلون والحقوقي عبد الحميد أمين، الذين أرسلوا إلى الحاجب لتلقي التكوين.
ويشير المرزوقي إلى أن أعبابو كان دائما ما يولي أهمية خاصة إلى مدرسة أهرمومو، ما جعلها تشتهر بجودة التكوين والصرامة والانضباط، وبفضل ذلك كانت تتردد عليه الزيارات من مختلف الشخصيات العسكرية، وفي صيف سنة 1971، طلب أعبابو من المؤسسة تسريع إيقاع تقديم الدروس، وكذلك كان، حيث انتهت السنة في ماي 1971.
تأجيل الانقلاب
أكد مؤلف “الزنزانة رقم 10” أن الجنرال المذبوح كان يخطط للانقلاب في 14 ماي 1971، عن طريق مهاجمة الموكب الملكي، حيث تم تحضير الخطة على أساس أن يهاجم تلاميذ المدرسة الموكب الملكي، غير أن اعتراض المذبوح لعملية الكشف عما إذا كانت طريق الموكب آمنة أم لا، أثار شكوك أحد الكولونيلات، الذي أصر على القيام بهذه العملية، كونها تدخل ضمن البروتوكول الأساسي للموكب الملكي، ما اضطر المذبوح إلى الاتصال بالكولونيل أعبابو وطلب منه تأجيل العملية.
10 يوليوز.. اليوم الموعود
قال المرزوقي إن إدارة المدرسة أخبرتهم بوجود مناورة ببنسليمان، وهذا إجراء طبيعي، حيث جرت العادة أن تقام مناورات، يطبق خلالها التلاميذ كل ما تعلموه خلال الدروس النظرية، إلا أن الشيء الذي بدا مختلفا في هذه المناورة تحديدا وأثار الانتباه، هو أنه تم توزيع الذخيرة الحية، عوض الذخيرة المطاطية.
وأشار المرزوقي إلى أن هذه النقطة أثارت استغراب التلاميذ وأساتذتهم، إلا أنهم تقبلوا الأمر في نهايته، لأنه سبق لهم أن استخدموا الذخيرة الحية في إحدى مناوراتهم على الحدود المغربية الجزائرية، مشيرا إلى أن الأوامر العسكرية لا تناقش في نهاية المطاف.
حالة تأهب قصوى وخطاب اعبابو
قال المرزوقي إن مدرسة أهرمومو شهدت حالة قصوى من التأهب يوم العاشر من يوليوز 1971، حيث تم تقسيم المدرسة إلى 24 كوموندون، كل واحد منهم أمام الشاحنة الخاصة به، ليأتي فيما بعد أخ الكولونيل أعبابو، الذي أصدر أوامره بسرعة مفرطة، ودعا الضباط إلى قاعة الشرف، حيث ألقى محمد أعبابو خطابه “الغامض”، خلافا لما تتميز به الخطابات العسكرية من وضوح. حيث قال فيما قال “غدا لكم لقاء مع التاريخ، وإنني لست أعلم أكثر مما تعلمون”.
وذكر المرزوقي أن كل المؤشرات كانت تقول بأن الضباط وتلاميذهم متجهون للقيام بمناورة كباقي المناورات الأخرى، لكن الارتياب بدأ يتسلل إلى نفوسهم منذ الوصول إلى بوقنادل، هناك حيث التقوا بالقيادة العسكرية المتقدمة، بلباس مدني، وكان خطابهم على الشكل التالي: مهمتنا كالتالي: “سنذهب للصخيرات، وسنتوجه إلى بعض الأماكن، التي يجب علينا محاصرتها، ونضع الأجانب جانبا، والمغاربة بجانب آخر، وفي حالة ما واجهكم أي عناد، فأطلقوا الرصاص، أنتم ضباط عليكم أن تفهموا”.
لمتابعة باقي التفاصيل يمكن مشاهدة الحوار أسفله بالضغط على الرابط.