story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

ضيوف “من الرباط”: تدوينة لشكر تعبير عن الرأي ولا تستدعي الاعتقال

ص ص

سلط برنامج “من الرباط”، الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، الضوء على متابعة الناشطة ابتسام لشكر في حالة اعتقال بعد منشور أثار جدلا واسعا حول حرية التعبير وحدودها في المجتمع المغربي، حيث أجمع الضيوف الحلقة الثلاثة على رفض اعتقال الناشطة مع التأكيد على أهمية فتح النقاش العام حول حرية التعبير واحترام التقاليد المحلية، وتجنب تدخل السلطات إلا عند وجود اعتداءات فعلية على الأشخاص أو الممتلكات.

“أمر مدبر وليس صدفة”

في هذا السياق، أكدت الحقوقية لطيفة البوحسيني أن متابعة ابتسام لشكر بعد أكثر من شهرين من نشر الصورة، وتحريك المسطرة فقط بعد تدوينة وزير العدل السابق مصطفى الرميد، “أمر مدبر وليس صدفة”، معتبرة أن الهدف منه “إلهاء الرأي العام عن القضايا الأكثر أهمية التي يعيشها المغاربة يوميا، مثل الفساد وغلاء المعيشة وفشل السياسات العمومية”.

وشددت البوحسيني على أن ما قامت به ابتسام هو تعبير عن الرأي طبعه “الاستفزاز”، و اعتبرت أن الاعتقال ليس حلا، معتبرة أن ابتسام “لم تقم بالاعتداء على أحد، وما حدث يستدعي نقاشا هادئا فكريا وليس الدعوة الى اعتقالها”.

كما أشارت الى أن المغرب “يعيش تحولا يتجلى في بروز الفرد الذي يشكل قناعاته السياسية و الاديولوجية و الفكرية بشكل مستقل عن السلطة عكس السابق، وهو ما يدفع الفرد في بعض الأحيان الى التعبير عن هذه الآراء بوضوح”.

واستدركت قائلة أنه “بالرغم من كل هذه التحولات و بروز الفرد إلا أن المجتمع لازال متشبثا بالدين ولازال محافظا و لا يمكن أن يقبل نهائيا الإساءة للذات الإلهية و هي مسألة مفروغ منها”.

وأضافت البوحسيني موضحة أن “التعبير عن الرأي حق للجميع شريطة مراعاة السياق الاجتماعي والثقافي المغربي”، مبرزة أن “الاعتقال ليس حلا، ودغدغة المشاعر الدينية الحساسة من طرف الذين خرجوا يدعون الى اعتقالها ليست مبررا للتضييق عليها، فالمسألة تتعلق بتقبل الاختلاف والتعايش”.

و ختمت لطيفة البوحسيني مداخلتها في الموضوع مشيرة إلى “غياب نص قانوني واضح يجرم سب الذات الإلهية”، مشددة على ضرورة “الاهتمام برهانات أخرى، من ضمنها تقبل الاختلاف والتعايش، والوصول إلى مستوى لا يشكل فيه هذا الاستفزاز أي إشكال بالنسبة للمغاربة ولا تتدخل فيه النيابة العامة”.

المسؤولية القانونية

من جانبه شدد الأستاذ الجامعي و الحقوقي خالد البكاري على أهمية التمييز بين حرية التعبير والدعوة إلى الكراهية أو العنف، موضحا أن “القانون والمواثيق الدولية تتيح للفرد التعبير عن آرائه، حتى إذا كانت مثيرة للجدل أو تخالف قناعات الآخرين، وذلك شريطة ألا تمس أساس الدولة أو تشجع على العنف أو العنصرية”.

وأشار البكاري إلى أن ما قامت به ابتسام لشكر لا يخرج عن نطاق التعبير عن الرأي، مستشهدا بمثال كاريكاتورات تنشر في فرنسا أو إسبانيا تسخر من الجمهورية أو الأحزاب، مؤكدا أن هذه المنشورات “لا تعد دعوة للكراهية طالما بقيت في إطار التعبير الرمزي أو الفكري”.

وأضاف أن الصورة التي نشرتها ابتسام قبل شهرين لم تثر أي رد فعل داخل المجتمع المغربي، وأن “أي تأثير جاء لاحقا بعد تدوينة نشرها وزير سابق”، مشددا على أن العمل الحقوقي “يتطلب موقفا مسؤولا يدافع عن آراء حتى إن اختلفت جذريا مع قناعات الحقوقي نفسه”.

وأشار البكاري إلى الفارق الثقافي بين المغرب وأوروبا، حيث أوضح أن الخطأ في السياق لم يكن في الموقف ذاته، بل في محاولة إسقاط تجارب أوروبية على المجتمع المغربي المختلف ثقافيا واجتماعيا. فكما يمكن في السويد مثلا أن يدخل إحراق القرآن ضمن حرية التعبير رغم احتجاج بعض المسلمين، فإن السياقات القانونية والثقافية تختلف باختلاف المجتمع.

وأكد الحقوقي أن ابتسام لشكر تصنف ضمن التيار الحداثي المدافع عن الحريات الفردية، وأن دفاعه عنها لا يعني اتفاقه مع كل ما قامت به، بل احترام حقها في التعبير وتحمل المسؤولية القانونية والاجتماعية المصاحبة لذلك.

واختتم البكاري بالتأكيد على رفضه للأصوات التي تنتقد المجتمع المغربي واعتباره “متخلفاً” أو “ذكورياً” لمجرد عدم تقبله كل أشكال الاختلاف، مشددا على أن الحداثة والعقلانية يمكن تحقيقهما عبر مسار خاص بالمجتمع المغربي، دون تقليد تجارب دول أخرى.

“إدانة الهيمنة الذكورية”

في نفس السياق اعتبر الإعلامي عبد الله الترابي أن صورة القميص التي نشرتها ابتسام لشكر كانت تهدف إلى “نقد العقلية الذكورية المهيمنة باسم الدين”، وليس الإساءة للدين نفسه، وأضاف أن الدين و الذات الإلهية في التراث العربي غالبا استعمل صفات ذكورية، وأن الرجال تولوا زمام الأمور في جميع المجالات، من القضاء إلى السياسة وحتى الحياة اليومية للنساء، مشيرا إلى أن “القميص يسلط الضوء على هذه الهيمنة بطريقة نقدية”.

وأكد الترابي أن “ما قامت به ابتسام تعبير عن حرية الرأي والتعبير، حتى لو اختلف البعض أو شعر بالاستفزاز”، مؤكدا أن “الاختلاف الفكري لا يجب أن يؤدي إلى اعتقال أو تضييق”.

وأشار إلى أن أي نقاش ديني أو فكر تاريخي، مثل التساؤل عن صلاحية القرآن لكل زمان ومكان، يقع ضمن نطاق التعبير الأكاديمي والفكري، طالما لم يتضمن عنفا جسديا أو شتما أو سبا.

كما شدد على أن “التعامل مع الاختلاف الفكري يجب أن يكون بالحوار والنقاش الهادئ، كما كان الحال في تاريخ الفكر الإسلامي، حيث جرت جدالات مستمرة بين الفلاسفة والمعتزلة والسلفيين حول مسائل معقدة”، مؤكدا أن المواقف الفكرية الجريئة “يجب أن تقابل بالحجة لا بالقمع”.

واختتم الترابي موقفه بالتأكيد على أن الدفاع عن حرية التعبير لا يعني الموافقة على كل محتوى، بل حماية حق الأفراد في التعبير وتحمل المسؤولية، مع التأكيد على أن أي اعتقال لأسباب تتعلق بالنقد الفكري أو النقاش حول الدين يمثل تضييقا على الحقوق والحريات الأساسية.

وتابع: “حتى لو اختلفنا مع فكر الشخص، فالدفاع عن حقه في التعبير يبقى أساسا، وهذا يشمل الحركات النسوية والجهادية السابقة”.

أكرم القصطلني صحافي متدرب

لمشاهدة الحلقة كاملة المرجو الضغط على الرابط