شيپو ودياز ووطنية كرة القدم
لاعبنا الدولي السابق والمحلل في قنوات “بيين سبورت” القطرية يوسف شيبو، كتب تدوينة على حسابه في أنستغرام ينتقد فيها بشدة طريقة تعامل لاعب ريال مدريد المغربي الأصل إبراهيم دياز مع قضية اختياره ما بين حمل قميص المغرب أم إسبانيا، حيث كتب: “تمثيل الوطن لا يحتاج انتظارا أو مساومات أسي براهيم، المغرب كبير بمن فيه ومن يريد”.
هو نموذج واحد فقط من مواقف كثير من المغاربة، لا ينظرون بعين الرضى وغاضبون جدا من مسلسل إبراهيم دياز الذين يتهمونه بأنه يساوم ويبتز ويستغل ملاحقة المنتخبين المغربي والإسباني من أجل ضمه، ويرفعون في وجهه شعارات الوطنية وحب البلاد والراية وباقي المزايدات والمفردات الحماسية الفارغة التي لا علاقة بحالة لاعب ريال مدريد وتفاصيلها المعقدة.
أولا، إبراهيم دياز لم يولد بالمغرب وأبوه كذلك، وأمه إسبانية، وجداه لأبيه رحلا في مقتبل العمر من الريف المغربي إلى مدينة مليلية، فكيف إذن يمكننا أن نتحدث مع شاب إسباني ونطالبه بتمثيل وطن “آخر” بغير تفكير ولا انتظار ؟! وكيف نتهمه بمساومة وطنه الذي “عاد شافو” مؤخرا خلال زيارات سياحية قصيرة؟!
ثانيا، مسطرة إثبات الجنسية المغربية في حالة ابراهيم دياز كانت معقدة جدا وإنجازها تطلب مجهودا خارقا من الإدارات في المغرب، نظرا لأنها بحثت كثيرا عن شخص في عائلة ابراهيم يتوفر على وثيقة تثبت جنسيته المغربية، ولم يجدوا سوى جدته لأبيه. هذا بالإضافة إلى إجراءات تغيير الجنسية الرياضية لدى الفيفا وما يتطلب ذلك من وثائق بتوقيع اللاعب وناديه وجامعة المنتخب الذي كان يلعب له والتي لازالت جارية لحد الآن، فكيف إذن سيخرج إبراهيم دياز ليعلن أنه سيلعب للمنتخب المغربي وإجراءات ذلك لم تكتمل بعد؟!
ثم هناك معطى آخر يجعل هذه الإتهامات لإبراهيم دياز بلا معنى، وهي أننا نتحدث عن شخص بصدد التفكير في القيام باختيار مهني كلاعب محترف في رياضة كرة القدم، وأي حديث عن حب الوطن والخيانة والإبتزاز والمساومة، “على هاذ الحساب” يمكن أن ينطبق على أي مواطن عادي يشتغل طبيبا أو مهندسا أو نجارا أو سائق طاكسي في موقف اختيار بين العمل في إسبانيا أو المغرب، فهل إذا تأخر أحدهم في حسم مستقبله بين الخيارين يمكن أن نتهمه بمساومة الوطن وأن تمثيل الوطن لا يحتاج الإنتظار؟؟!!
موضوع اختيار أبناء المهاجرين المغاربة بأوربا للمنتخب الوطني في حاجة إلى من يعرف عقلية هؤلاء الأولاد، وكيف يفكرون، وما هي محددات هويتهم، وكيف يوفقون بين نصفهم الأوربي والآخر المغربي، هؤلاء الأجيال لا يفهمون هذه المزايدات والصراخ بالوطنية “الإستعراضية” المفرطة في العاطفة، هم يعشقون وطن آبائهم في داخلهم، ويموتون حبا فيه دون انتظار المقابل، ودون أن يفسدوا حبهم الصامت بالمَن وكثرة الكلام.
أولاد جاليتنا من لاعبي كرة القدم في أوربا، يفصلون كل ما سبق عن حب بلاد الأصول باختياراتهم المهنية الرياضية، فعدم اللعب مع المنتخب المغربي وتفضيل اللعب لهولندا أو فرنسا أو إسبانيا، لا يعني أنهم لا يحبون المغرب، أو انهم خونة أو ناقصي الوطنية تجاه وطن آبائهم وأجدادهم.
المطلوب أن نتعامل مع هؤلاء الأولاد بمنطقنا الشعبي الجميل… “جيتي مرحبا بيك، مشيتي الله يسهل عليك”.