story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

شبكة مفترضة لتبديد 6.3 مليار درهم بمراكش ومطالب بفتح تحقيق

ص ص


وضعت الجمعية المغربية لحماية المال العام شكاية أمام رئاسة النيابة العامة بالرباط، طالبت فيها بفتح تحقيق شامل ومعمق حول “شبهات فساد وتبديد واختلاس المال العام وغسل أموال واستغلال النفوذ” في مشاريع برنامج “مراكش الحاضرة المتجددة”، الذي رُصدت له ميزانية تقدّر بـ 6.3 مليار درهم.

وتستعرض الشكاية، التي اطلعت عليها صحيفة “صوت المغرب”، معطيات تعتبرها قرائن قوية على وجود شبكة معقدة من الأشخاص والشركات التي ظهرت بمناسبة الإعلان عن مشاريع البرنامج، وتورط منتخبين ومسؤولين عموميين في علاقات مالية متشابكة يُشتبه في استغلالها لتمرير صفقات والحصول على عقارات عمومية وتبييض أموال، وتكوين “واجهة صورية” للاستثمار.

وأشارت الشكاية، الموقعة من طرف المكتب الجهوي مراكش الجنوب، للجمعية، إلى وجود دلائل ووثائق تُظهر “استغلال مواقع النفوذ” من طرف منتخبين ومسؤولين عموميين لتسهيل حصول شركات معينة على عقارات وصفقات عمومية، مقرونة بتداول مبالغ مالية وصفقات تُوصف بأنها مشبوهة.

الشخصية المركزية

وتضع الشكاية في قلب الاتهامات البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار يونس بنسليمان، الذي تشير إلى شغله مناصب عمومية عدة، منها منصب النائب الأول السابق لعمدة مراكش وعضو مجلس الجهة، وكان مكلفاً بتتبع أشغال البرنامج بين 2015 و2021. وتُورد الوثيقة وجود معاملات مالية اعتبرتها “مثيرة للريبة” بينه وبين أشخاص يسيرون شركات مرتبطة بالمشاريع.

ومن بين المبالغ التي ذكرتها الشكاية: 2.188.667,38 درهم و 580.000 درهم؛ الأولى بين طرفين وفق الوثائق، والثانية مبالغ نقدية حوّلها أحد الأطراف إلى حساب سيدة تُدعى “إ. خ”.

وفي تعليقٍ على الملف، أوضح رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن كل اسم ورد في الشكاية “له دور محدد داخل شبكة المصالح التي رُصدت، وقد تم شرح دوره ضمن الوثيقة”.

وتوقف رئيس الجمعية أيضاً عند مداخلة البرلماني يونس بنسليمان خلال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب الأسبوع الماضي، معتبراً أنها “أثارت أكثر من علامة استفهام”. وأبدى استغرابه من دفاع البرلماني “المستميت” عن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة في ملف شبهات تضارب المصالح، متسائلاً: “لماذا يدافع عنه بهذه الحدة؟”.

وكان البرلماني التجمعي قد انتقد اتهامات المجموعة النيابية للعدالة والتنمية للوزير برادة بتضارب المصالح في صفقات أدوية، وذلك خلال الاجتماع المذكور.

وأرجع الغلوسي سبب تكذيب بنسليمان لهذه الاتهامات إلى كون الأخير “متورطاً هو نفسه في ملفات يُشتبه أنها تتعلق بتضارب المصالح واستغلال النفوذ”، وهو ما يشكل جوهر الشكاية الموضوعة أمام النيابة العامة.

تفاصيل الشركات والصفقات

وتورد الشكاية أسماء عدة شركات مرتبطة بالوقائع موضوع الشبهات، مع تفاصيل تتعلق بتأسيسها وتسجيلها وعقود كراء مع أملاك الدولة، إضافة إلى رؤوس أموالها (غالباً 100.000 درهم)، والتزاماتها الاستثمارية التي بلغت 52.000.000 درهم و 49.000.000 درهم، إلى جانب حقوق كرائية سنوية منخفضة (مثل 225.000 درهم سنوياً لمساحة 7.500 م²، أو 76.200 درهم لعقار بمساحة 1.270 م²).

وتتحدث الشكاية عن شركات أُسست برأسمال ضعيف جداً (100 ألف درهم) حصلت رغم ذلك على مشاريع استثمارية بقيمة تقارب 50 مليون درهم، وعن “استغلال علاقات المسؤولية العمومية للحصول على عقارات تابعة للدولة بعقود كراء منخفضة وغير مفهومة”.

إضافة إلى ذلك، أشارت الشكاية أيضا إلى “تداول مبالغ مالية ضخمة نقداً بين أشخاص مرتبطين بالبرلماني بنسليمان، وتحويلات إلى حسابات خاصة، وعمليات تفويت سريعة لحصص شركات بعد الحصول على موافقات الاستثمار، بما يُشتبه أنه تحايل على المساطر”.

وتبرز الوثيقة كذلك وجود تناقض في تواريخ الموافقات على المشاريع مقارنة بتاريخ تأسيس بعض الشركات، مثل حالة شركة وافقت عليها اللجنة الجهوية للاستثمار بتاريخ 7 فبراير 2017، رغم أن تاريخ بدايتها في السجل التجاري هو 10 فبراير 2017.

كما تشير إلى حصول إحدى الشركات (برأسمال ضعيف ومسير دون سوابق استثمارية) على 7.500 م² من عقار الدولة لإنجاز مشروع فندق وباحة استراحة ومحطة خدمات، رغم “عدم توفرها على شروط الأهلية”.

ويُظهر تتبع مسار شركة أخرى عمليات تفويت وهبات وحصولاً على حق تسيير حر بقيمة 10 ملايين درهم، في خرق لبنود عقد الكراء، وفق ما ورد في الشكاية.

شبكة إجرامية مفترضة

وتنبه الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى استغلال هذه الشركات، صفقات ومحاور البرنامج الملكي «مراكش الحاضرة المتجددة» بدعم وتدخل منتخبين ومسؤولين عموميين لهم مصلحة مباشرة في فوزها بالصفقات.

وتعتبر أن الأخطر هو تحول بعض الأسماء الواردة في الشكاية إلى “واجهة صورية للمضاربة في العقار العمومي والمال العام، عبر التحايل على القانون واستغلال العلاقات المصلحية مع البرلماني المذكور، واستغلاله لموقع المسؤولية العمومية”.

وترى الجمعية أن هذه السلوكيات “ساهمت في تكوين شبكة إجرامية عبر استغلال اتفاقات وقرارات ومحاضر لارتكاب جنايات ضد الأموال العمومية”.

مشاريع متعثرة

وإلى جانب ذلك، سلطت الجمعية الضوء على حالة نافورة ساحة القزادرية بحي الملاح، مؤكدة أنه كان يُعول عليها لإضفاء رونق على قلب المدينة، غير أنها تحولت إلى “شكل مشوه”.

كما أشارت إلى اختلالات عميقة عرفها البرنامج، الذي رُصدت له ميزانية تناهز 600 مليار و300 مليون سنتيم، خصوصاً مشروع مدينة الفنون والإبداع المقام على مساحة 11 ألف م² بتكلفة 11 مليار سنتيم، والذي كان يفترض أن يكون فضاءً ثقافياً متكاملاً، لكنه ظلّ في حالة أشغال لأكثر من عشر سنوات قبل أن تتوقف بشكل “غامض”، ليصبح بناية مهجورة.

وتؤكد الهيئة المدنية ذاتها أنها لم تتمكن من رصد كل حالات الفساد المفترضة المرتبطة بالبرنامج، رغم ضخامته، وأن أبحاث الفرقة الوطنية للشرطة القضائية اقتصرت على بعض محاور البرنامج دون باقي مكوناته.

وفي غضون ذلك، دعت الجمعية المغربية لحماية المال العام النيابة العامة إلى إصدار تعليماتها للفرقة الوطنية للشرطة القضائية لإجراء بحث عميق وشامل لا يستثني أي محور من محاور ومشاريع برنامج “مراكش الحاضرة المتجددة”، والاستماع إلى كل المسؤولين والمنتخبين المرتبطين به بشكل مباشر أو غير مباشر، فضلاً عن الاستماع لإفادة البرلماني يونس بنسليمان بصفته النائب الأول السابق لرئيس المجلس الجماعي والمفوض له تتبع الأشغال.