سَحب بِساط التكوين من الأندية
اتضحت الآن معالم مشروع التكوين الذي كان قد أعلن عنه فوزي لقجع خلال شهر دجنبر الأخير، بعد خروج إعلامي مع موقع “ميديا24” بسط فيه تفاصيل المشروع وأهدافه وطرق تنزيله، ويتعلق الأمر بتكفل شركات خاصة بكل ما يتعلق بتكوين فئات اللاعبين أقل من 23 سنة وما تحت داخل الأندية الوطنية، التي سيبقى لإدارتها فقط الإشراف على الفريق الأول انطلاقا من شهر يوليوز المقبل.
الشركة الخاصة حسب رئيس الجامعة، سيتعاقد معها النادي على أساس أنها ستتكفل بجميع مصاريف تكوين الفئات الصغرى، من توفير الملاعب والتجهيزات اللوجيستيكية وأجور المؤطرين الذي سيشتغلون وفق نموذج تضعه الإدارة التقنية الوطنية لجميع مراكز التكوين التي تشرف على تدبيرها هذه الشركات، والغرض هو تشكيل هوية كروية موحدة على الصعيد الوطني.
قد يتساءل البعض، ما هو ربح هذه الشركات الخاصة من العملية؟ فحسب تفاصيل المشروع فالشركة التي ستتكفل بمصاريف تكوين اللاعب في المراحل السنية، ستتلقى عندما يصل إلى فئة الكبار ويوقع عقدا احترافيا مع ناديه، مبلغ 30 مليون سنتيم، مع الإحتفاظ بحق تقاضي نسبة 25٪ من أي صفقة بيع للاعب يقوم بها النادي بعد ذلك.
المشروع يحاكي تجربة الكثير من البلدان المتقدمة كرويا في تدبير سياسة التكوين داخل الأندية المحترفة، ولا يمكن مبدئيا إلا أن نقول “الله يسخر” عل وعسى يكون هذا المشروع فيه حلحلة لهذا الوضع البئيس الذي تعيشه أنديتنا الوطنية، وتخبطها اللا منتهي في مشاكل التدبير المالي والتقني وعجزها منذ سنوات عن إنتاج لاعبين جيدين للمنتخبات الوطنية.
بالمقابل لابد من تنزيل سقف التفاؤل بنجاح المشروع، فماضينا الكروي ( كما في مجالات عديدة) مليء بالمشاريع والمخططات الفاشلة التي هُدرت فيها ملايير الدراهم من ميزانيات المال العمومي، وفي النهاية وجدنا أنفسنا أمام استمرار الوضع على ماهو عليه، بل أفدح في كثير من الأحيان، وأيضا لوجود كثير من جوانب هذا المشروع تحتاج إلى بعض التدقيق فيما يتعلق بالجانبين التقني والمالي.
تقنيا فعملية تدبير الشركات للتكوين ستخضع لنموذج موحد تضعه الإدارة التقنية الوطنية، حتى تكتسب الأجيال المقبلة هوية كروية مغربية موحدة، فهل سيتم وضع وجودنا في إفريقيا في الإعتبار، حتى نتوفر مستقبلا على لاعبين ببنيات جسدية قوية وطريقة لعب فعالة تمكننا من التفوق القاري على مستوى الأندية والمنتخبات، علما أن الهوية الكروية المغربية منذ القديم، كانت تتميز باللعب المهاري، واللاعبين ذوي القامات المتوسطة والقصيرة؟
ماليا، نعلم أن المكتب الشريف للفوسفاط الذي يُعَد شركة في ملكية الدولة هو أول مَن سيستثمر في المشروع، عن طريق تأسيس شركة فرعية خاصة بكرة القدم، بغلاف مالي يناهز 39 مليون درهم، والمجال مفتوح أمام جميع شركات القطاع الخاص للإستثمار في تكوين اللاعبين كما أشار إلى ذلك فوزي لقجع.. السؤال الذي يمكن أن يُطرح هنا، هل وَضْع كرتنا الوطنية حاليا وطريقة تدبير أنديتها سيشجع الخواص على استثمار أموالهم في منتوج مفلس، ونحن نعلم أنه من طَبْع المستثمرين وأصحاب الشركات الخاصة، لا يضعون درهما واحدا في أي مشروع حتى يتأكدوا بنسبة كبيرة من جدواه وقابلية نجاحه.
سحب البساط من تحت أرجل المسيرين الكارثيين للأندية الوطنية، وحصر “تخربيقهم” في الفريق الأول، هو قرار لا يمكن إلا أن يكون جيدا، بالنظر لما وصلت إليه الأمور مؤخرا في بطولتنا “الإحترافية”، لكن هذا القرار يجب أن يكون بداية لثورة حقيقة في هيكلة الكرة الوطنية، لا أن يتحول إلى هدر جديد للمال والوقت.