رفض العلماء للخبرة الجينية في إثبات نسب الأبناء يغضب الحقوقيين
بعد رفض المجلس العلمي الأعلى مقترح استخدام الخبرة الجينية للحوق النسب، نادى حقوقيون وناشطون في المجتمع المدني بقبول فحص الحمض النووي لإثبات نسب الأطفال الذين “يولدون خارج مؤسسة الزواج”، معتبرين أن “الوقت قد حان لاستخدام هذه الوسيلة العلمية”.
وتعليقا على الموضوع، عبرت رئيسة جمعية التحدي والمساواة، بشرى عبدو عن أمنيتها في “أن يتم الحسم في هذه النقطة لأنها تشمل العديد من الأطفال داخل المغرب”، مضيفة أنها كانت تأمل في “أن تكون الخبرة الجينية هي الحل الوحيد لإثبات النسب ولحوق الطفل أو الطفلة بالأب البيولوجي”.
وشددت الحقوقية في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، على أنه “لا يعقل أن نترك الأطفال دون نسب فقط بسبب وجود آيات قطعية”، مردفة أن “اليوم أصبح الاجتهاد ضروريًا، وأصبح من اللازم أخذ معاناة هؤلاء الأطفال داخل المجتمع بعين الاعتبار، ويجب تسهيل المساطر لهم ولذويهم، لأن الوقت قد حان لاعتماد الخبرة الجينية كوسيلة علمية لإثبات النسب”.
وتساءلت عبدو عن سبب “التناقض” اعتماد الخبرة الجينية في جرائم كبيرة مثل القتل أو السرقة، وعدم اعتمادها في إثبات، مؤكدة على أن “تطبيق إثبات النسب عبر الخبرة الجينية سيحل العديد من المشكلات الاجتماعية، ويضع حدًا لظواهر سلبية مثل الاغتصاب، والتحايل، والابتزاز الجنسي، والهروب من المسؤولية”.
وأشارت الفاعلة الجمعوية إلى أنه “عندما نتحدث عن أطفال بدون هوية، فإننا نتحدث عن وصمة عار تلحق بهم، وعن العنف النفسي اليومي الذي يمارس عليهم داخل المجتمع المغربي”، مشيرة إلى “النظرة الدونية التي يتعرضون لها بشكل يومي”.
وأكدت المتحدثة ذاتها، أنه “من الضروري اليوم الاجتهاد في معالجة هذا الموضوع، مع الأخذ بعين الاعتبار التطورات المجتمعية ووجود هؤلاء الأطفال داخل المجتمع، خصوصا مع تزايد الأسر الأحادية وفقًا للإحصاءات.
وخلصت رئيسة جمعية التحدي والمساواة، إلى أن “كل هذه الظواهر يمكن تقليصها إذا وُضع قانون رادع يعطي للأطفال الحق في الانتساب إلى آبائهم البيولوجيين”، مبرزة أن “هذا التشريع لن يحمي حقوق الأطفال فقط، بل سيُسهم أيضًا في معالجة الكثير من المشكلات التي تعاني منها المنظومة المجتمعية ككل”.
أكثر من علاقة بيولوجية
من جانبه، أكد مصطفى بن حمزة، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق، أن النقاش حول النسب يجب أن ينطلق من العلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة، مشيرًا إلى أن “هذه العلاقة إذا خرجت عن إطار عقد زواج شرعي، فهي سفاح، ولا يمكننا هنا الحديث عن النسب.
وأوضح بن حمزة في تصريح لـصحيفة “صوت المغرب”، أن اعتماد فحص الحمض النووي (ADN) في إثبات النسب يُعنى فقط بإثبات العلاقة البيولوجية، لكنه لا يدل بالضرورة على أن هذه العلاقة نشأت ضمن عقد شرعي يثبت النسب، مضيفا أن “النسب الشرعي يبنى على إطار الزواج الذي وصفه الله تعالى بأنه ميثاق غليظ، يُنشئ العلاقة الأسرية ويضبطها بشروط وأحكام واضحة، فيما العلاقات الأخرى تبقى مجرد ارتباطات بيولوجية تفتقر إلى الشرعية”.
وأشار بن حمزة إلى أن الزواج ليس مجرد علاقة عابرة أو لقاء جنسي دون التزام، بل هو إطار شرعي يتجاوز التوالد البيولوجي ليؤسس للعائلة ويحفظ استمراريتها، متابعا أنه “في حالات عدم وجود عقد شرعي، لا يمكن أن نتحدث عن نسب، وما نشهده الآن في بعض المجتمعات الغربية، من غياب الأنساب بسبب انتشار العلاقات غير الشرعية، يوضح أهمية الزواج كإطار أساسي لضبط العلاقة الأسرية”.
وشدد المتحدث ذاته، على أن النسب لا يُثبت فقط من خلال العلاقة الجسدية، بل يرتبط بإطار شرعي يمنح الأب يقينًا بنسب أبنائه، قائلا “الأب الذي يتأكد من نسب أبنائه يتحمل مسؤولياته كاملة تجاههم، ينفق عليهم ويضحي من أجلهم، لأنه يرى فيهم امتدادًا لحياته، أما في حال ظهور الشكوك، فإن الأب قد يتخلى عن الطفل ولا يتحمل مسؤوليته”.