رسالة الحسن الثاني لحث المغاربة على عدم ذبح الأضاحي سنة 1996
النص الكامل للرسالة التي وجهها الملك الراحل، الحسن الثاني، للمغاربة سنة 1996، وتلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عبد الكبير العلوي المدغري، داعيا إلى الامتناع عن ذبح الأضاحي في عيد تلك السنة:
“الحمد لله
والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
شعبي العزيز:
نستقبل عما قريب عيد الأضحى الذي سيحل بنا إن شاء الله حلولا مباركا ميمونا في العاشر من ذي الحجة من هذا العام، وهو العيد الذي يرمز إلى أعلى درجات التضحية في سبيل الله والطاعة الكاملة للباري عز وعلا، بالإضافة إلى أنه مناسبة كريمة لصلة الرحم والتغافر والصدقة على الفقراء، وإخلاص العبادة لله بإقامة صلاة العيد، والتضرع فيها إلى الله عز وجل، وتكبيره وتسبيحه وحمده على جليل نعمائه.
وإننا بوصفنا أمير المؤمنين، وبحكم البيعة الشرعية التي في عنقنا، والتي من أسسها ودعائمها واجب حفظ الدين، في هذا البلد الأمين، سهرنا –شعبي العزيز منذ ولانا الله مقاليد أمرك، وجريا على سنن أسلافنا الميامين– على أن تبقى قواعد الإسلام وأركانه، وفروضه وسننه، مصونة في بلادنا لا يلحقها تفريط، ومحفوظة في بلادنا لا ينالها نقص أو تحريف أو تغليط، كما حرصنا على إحياء أعيادنا الدينية بما ينبغي لها من قدسية وتكريم، وجلال وتعظيم.
وقد أعدنا النظر هذه الأيام الأخيرة فيما ينبغي لها من قدسية وتكريم، وجلال وتعظيم.
وقد أمعنا النظر هذه الأيام الأخيرة فيما ينبغي توفيره لإقامة عيد الأضحى المبارك هذه السنة، وما يتبع دبح الأضاحي من آثار على اقتصادنا الوطني، فوجدنا أن الأمر يتطلب توفير ما يقرب أربعة ملايين وسبعمائة ألف رأس من الغنم لهذه المناسبة السعيدة، بينما عدد الرؤوس المتوفرة حاليا لا يتعدى ثلاث ملايين رأس، فالخصاص يبلغ بذلك مليونا وسبعمائة ألف رأس، سيكون علينا استيراده بالعملة الصعبة.
هذا بالإضافة إلى ما سيحدث بعد العيد من نقص هائل بالنسبة لحاجيات البلاد من اللحوم، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وهذا كله بسبب سنوات الجفاف الأخيرة التي مرت ببلادنا، والتي جعلتنا نعلن السنة المنصرمة سنة كارثة وطنية.
ومعلوم أن ذبح الأضحية، إذا كان سنة مؤكدة، فإن إقامتها في هذه الظروف الصعبة لمن شأنه أن يتسبب في ضرر محقق، بسبب ما سينال الماشية من إتلاف، وما سيطرأ على أسعارها من ارتفاع يضر بالغالبية العظمى من أبناء شعبنا، لا سيما ذوي الدخل المحدود منهم.
ومن القواعد الشرعية أنه:
- إذا تعارض ضرران أرتكب أخفهما.
- وأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.
- وأن المشقة تجلب التيسير.
وأن القاعدة العظمى هي ما ورد في قوله تعالى:وما جعل عليكم في الدين من حرج.
وقد ضحى جدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمته كما جاء في السنة ورد أنه ضحى بكبشين أملحين، فقال: هذا لنفسي، وهذا هن أمتي.
واقتداء منا بسنته صلى الله عليه وسلم وتمسكا بمنهجه، نهيب بشعبنا العزيز أن لا يقيم شعيرة ذبح أضحية العيد في هذه السنة للضرورة. وسنقوم إن شاء الله بأدائها نحن نيابة عنه، فنضحي عن نفسنا وعن كل واحد من أبناء شعبنا، إحياء لسنة نبينا، وعملا بأحكام شريعتنا.
وسيبقى عيد الأضحى إن شاء الله مع ذلك كاملا بجميع سننه ومظاهره، من أداء صلاة العيد في المصليات والمساجد، وإنفاق الصدقات، وصلة الرحم، وعمل الصالحات، ولا يتوقف من شعائره هذه السنة إلا ذبح الأضحية.
نرجو الله أن يتقبل من الجميع، وهو سبحانه من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
والسلام عليكم ورحمة الله.
لقراءة الملف كاملا، يمكنكم الاشتراك في مجلة “لسان المغرب” بالضغط على الرابط