ردا على تقرير واشنطن.. الرياضي: لا نقبل دروساً من أمريكا ونضالنا مستمر ضد الانتهاكات

قالت وزارة الخارجية الأمريكية، في تقرير حديث حول حقوق الإنسان بالمغرب، إن السلطات تمارس انتهاكات حقوقية في البلاد، “بما فيها التضييق والترهيب بحق الصحافيين، مع نشر شائعات ضارة تستهدف حياتهم الخاصة”.
وأشار التقرير الأمريكي، الذي اطلعت عليه صحيفة “صوت المغرب”، إلى أن السلطات المغربية تلجأ إلى آليات مختلفة، مالية وقانونية واجتماعية، “لاستهداف الصحافيين المنتقدين للسلطة التنفيذية”، مستشهداً بتحليل لمنظمة دولية.
وتأتي هذه الإحاطة في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة الأمريكية بدورها انتقادات متواصلة على المستوى الحقوقي جراء دعمها لحرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة. وفي هذا السياق تقول خديجة الرياضي، الكاتبة العامة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان: “لا نقبل أي دروس من أمريكا”.
واشنطن أول من يحاسَب
وتتفق الرياضي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، على أن الواقع المغربي يعرف انتهاكات حقوقية كثيرة، لكنها تضيف: “أول من يجب أن يحاكم بسبب انتهاكات حقوق الإنسان هي أمريكا، كما أنها آخر من يحق له أن يقدم دروساً لأية جهة كانت”.
وأوضحت أن الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة اليوم “عن أبشع وأفظع الانتهاكات التي وقعت في العالم”، مشيرة إلى ما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة جماعية وجرائم يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حق الفلسطينيين بدعم أمريكي.
وقالت الناشطة الحقوقية: “أنا شخصيا لا أقبل دروسا من هذه الدولة المارقة التي تقتل وتجوع وتبيد شعبا بكامله، ولا أهتم بتقاريها”.
وأكدت أن الحقوقيين في المغرب مدركون لوجود انتهاكات لحقوق الإنسان في بلادهم، مضيفة أنه “لدينا آليات نناضل بواسطتها ضد انتهاكات حقوق الإنسان”.
واسترسلت قائلة: “لا أعني أنه لا ينبغي أن تصدر تقارير عن جهات دولية أو أممية لتشخيص الوضع الحقوقي في البلاد”، مشددة على أن هذه المنظمات يجب أن تقوم بدورها، غير أن الولايات المتحدة الأمريكية “لا يُقبل منها كدولة أي دروس أو تقارير أو تحليلات لأوضاع حقوق الإنسان”.
وأشارت إلى أنها “أول من ينتهك حقوق الإنسان في أبشع صورها، وآخر من يُسمَح له بإعطاء الدروس في هذا الشأن”.
الانتهاكات تضر بصورة المغرب
أما بخصوص تأثير التقارير الدولية في تشخيص الأوضاع الحقوقية، فترى الصحافية هاجر الريسوني، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن هذه التقارير حين ترسم صورة تبرز تراجع البلد في مجال الحريات، “تضعف الخطاب الرسمي الذي يسوق المغرب كـ’استثناء ديمقراطي’ في المنطقة، ويجعل أي خطاب رسمي عن الإصلاح متناقضاً”.
وتوضح الريسوني، مديرة نشر صحيفة “هُنّ” المهتمة بقضايا منطقة شمال إفريقيا، أن هذه التقارير تُعد وثائق يتم اعتمادها في البرلمانات، ووسائل الإعلام العالمية ومراكز القرار. وتضيف أن من شأنها أن تؤثر على الاستثمارات في البلد الذي تبرز مساوئه، إذ أن المستثمرين “يدرسون بيئة الأعمال من زاوية الاستقرار السياسي واحترام القانون”.
وعندما تتكرر التقارير التي تشير إلى الاعتقالات التعسفية وغياب استقلالية القضاء، فإن ذلك يدفع بعضهم وفقاً للريسوني إلى “إعادة النظر في ضخ رؤوس الأموال أو توسيع مشاريعهم، خاصة في القطاعات التي تتطلب شفافية عالية”.
الحاجة لمصالحة وإصلاحات
وكان يأمل الفاعلون الحقوقيون والصحافيون المغاربة، بمن فيهم خديجة الرياضي وهاجر الريسوني، أن يكون عيد العرش هذه السنة مناسبة لطي هذه الصفحة عبر الإفراج عن معتقلي حراك الريف، والنقيب محمد زيان، وبقية معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين “في خطوة رمزية وسياسية”، ترى الريسوني أنها كانت ستعيد بعض الثقة بين الدولة والمجتمع.
وتضيف المتحدثة: “لكن الواقع أثبت أن السلطة في المغرب تفتقر إلى الإرادة السياسية لإنهاء مسلسل التراجعات والانتهاكات الحقوقية، والعودة إلى مسار الانتقال الديمقراطي الذي تعثر منذ سنوات”.
وترى الريسوني أن استمرار الاعتقالات التعسفية، والتضييق على الصحافة، وتوسيع دائرة الرقابة الذاتية “مؤشرات على أن منطق ‘المقاربة الأمنية’ ما زال يهيمن على حساب الانفتاح السياسي”.
وتنبه إلى أن كلفة انتهاكات حقوق الإنسان على صورة المغرب في الخارج “أصبحت أكبر من أي مكاسب ظرفية يمكن أن تحققها السلطة من خلال تكميم الأفواه”.
وتوضح أن الاستثمار في القمع قصير المدى، “لكنه يضعف شرعية المؤسسات، ويعمق فقدان ثقة المغاربة في مؤسساتهم، ويغذي شعور الإحباط والاحتقان الاجتماعي”.
ودعت الريسوني السلطات المغربية إلى ضرورة استيعاب أن بناء استقرار حقيقي “لا يمر عبر تضييق الحريات وإبقاء ملفات سياسية مفتوحة، بل عبر المصالحة الشاملة والإصلاحات وترسيخ دولة الحق والقانون”.