story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

دروس أردنية!

ص ص

الإنتصار المبهر للمنتخب الأردني أمس بقيادة المدرب المغربي الحسين عموتة على نظيره الكوري الجنوبي ومروره إلى نهائي كأس أمم آسيا في إنجاز تاريخي لمنتخب “النشامى”، حرك موجة مثيرة من التعاطف الشعبي في المغرب، حتى ظن الناس الذين لا تثير الكرة اهتمامهم عند سماع هتاف المتابعين في المقاهي أن الأمر يتعلق بإحدى المباريات لازال يخوضها المنتخب المغربي في “الكان”.

وجود طاقم تقني مغربي يشرف على المنتخب الأردني لم يكن لوحده سببا في تفاعل المغاربة مع منتخب بلد آخر يحقق “معجزة” كروية بعدما أطاح بمنتخبات عريقة في آسيا، وهو الضعيف الذي يمثل دولة صغيرة “على قدها” في كرة القدم، بل هناك سبب أهم، ألا وهو أن الجمهور المغربي وجد في المنتخب الأردني ما لم يجده في منتخبه الفاشل في تحقيق الإنجاز الذي كان مأمولا منه في الكوت ديفوار، إذ لا أعتقد أن المغاربة سيكون لهم مثل هذا التعاطف مع منتخب عموتة لو كان منتخبهم لازال حتى الآن مؤهلا لدور النصف في كأس إفريقيا ولازال يصارع على اللقب حتى آخر رمق.

جل النقاشات حول ما يصنعه المنتخب الأردني في كأس أمم آسيا، تجد فيه إسقاطات ومقارنات مع المشاركة المغربية في كأس إفريقيا الحالية، الجمهور المغربي عندما يشاهد فعالية خط هجوم الأردن في تسجيل الأهداف، يبدي إعجابه بها وفي نفس الوقت يتحسر على الفرص الكثيرة التي أضاعها لاعبونا في كأس إفريقيا، وعندما يشاهدون المنسوب المرتفع للياقة البدنية عند “النشامى”، يشيدون بها بإعجاب، وفي نفس الوقت يذكرون أسماء عناصرنا الوطنية التي خارت قواها في الشوط الأول خلال مواجهات “الكان”، وعندما تبدأ العناصر الأردنية هجومها الضاغط على خصمها، يقول الجمهور المغربي بانبهار، هكذا يجب أن نلعب عوض الحذر المفرط والرجوع إلى الخلف كما فعل وليد الرݣراݣي.

الحقيقة أن الحسين عموتة و المنتخب الأردني بغض النظر عما حققوه من إنجاز تاريخي مبهر، فهم يقدمون دروسا مجانية في كيفية صناعة منتخب قوي من “والو”، إذ بلا أسماء شهيرة ولا نجوم تلعب في الباييرن أو تشيلسي أو ريال مدريد، وبلا بعثرة الكثير من الميزانيات، يمكن فقط بلاعبين عاديين منضبطين ويمارسون فقط في بطولة شبه هاوية، وبكثير من اللياقة البدنية والروح القتالية و”النفس”، وعدم الخوف الزائد من الخصم، أن تأتي على الأخضر واليابس في البطولات المجمعة وتراهن على اللقب بأقل الإمكانيات.

الأمر السالف الذكر يشترط شيئين مهمين لكي يتحقق، أولهما ثقة المسؤولين في المدرب وصبرهم عليه بعد التعاقد على برنامج واضح، ومنحه الوقت الكافي ليحصل على نتائج عمله، ثم صرامة المدرب نفسه في اختياراته البشرية التي لا يمكن ان تخرج عن شروطها التقنية الدقيقة وتدخل في مجال العواطف، بالإضافة إلى الجدية في التداريب للتعود على أسلوب اللعب المطلوب.

درس آخر من دروس إطارنا الحسين عموتة مع المنتخب الأردني، هو كيف تَعامل قبل هذه الكأس الأسيوية مع الإنتقادات الحادة التي كانت تنزل عليه من كل حدب وصوب، بسبب الهزائم بالحصص الكبيرة في المباريات الودية والإقصائية الرسمية، كان الجميع يطالب بالتخلص من مدرب “أثبت فشله”، وكانوا يقولون أن الجامعة الأردنية أخطأت عندما استغنت عن سالفه العراقي عدنان حمد، لكن عموتة كان يجيب بهدوء وبثقة تامة أنه في الطريق الصحيح وأنه بصدد إصلاح الكثير من النواقص الموجودة عند لاعبيه، وكان يتحدث بوضوح عن أسباب الهزائم وطرق معالجتها، وأن كأس أمم آسيا وإقصائيات كأس العالم سوف تبدي نتائج عمله.. وكذلك كان.