خلاصات منتخبٍ ممتع
شاهدنا أمس منتخبنا الأولمبي يلعب بمنظومة تكتيكية هي نسخة طبق الأصل لكل مبارياته التي لعبها في فرنسا ضمن نهائيات الألعاب الأولمبية، وهذه المرة كان لاعبو المدرب طارق السكيتيوي أكثر إقناعا وإبهارا وإمتاعا من كل المواجهات السابقة، ونتيجة أربعة أهداف لصفر تتحدث عن نفسها.
منتخب يحمل الجينات الكروية المغربية القديمة التي تلعب من أجل المتعة والإحتفال وتضمن مكانا ل”الكوايرية”، رغم أن جل لاعبيه ولدوا ونشؤوا في أوربا.. السلاسة التي يبنون بها الهجمات، وتفوقهم المهاري في المساحات الضيقة، وكيفية اختراقهم بالمثلثات الصغيرة بلمسات أنيقة، وضغطهم العالي بانسجام تام لاستخلاص الكرة وإعادتها إلى الخلف للبداية من جديد، كل هذا وأشياء أخرى تشير إلى أن كرامة السماء قد أهدتنا منتخبا يبعث على الإفتخار، وكان ينقصه فقط مدرب يمتلك قليلا من “الكوتشينغ” مثل السكيتيوي ليصنع منه آلة للإمتاع والإبهار وصناعة الإنتصارات العريضة.
المنتخب الأولمبي أمام الولايات المتحدة الأمريكية، ظهر على لاعبيه منسوب إضافي من الثقة والإنسجام وروح المجموعة وكأنهم يلعبون مع بعضهم لسنوات طويلة وتكاد لا تصدق أنهم اجتمعوا لتوهم أول مرة قبل انطلاق الأولمبياد بأيام قليلة، وهو دليل على أن طارق السكيتيوي قام بعمل كبير خلال مدة وجيزة للحصول على هذا المنتخب الرائع، وترك بصمة شخصيته وقناعاته التقنية، على عكس الكثير مما يروج حول “خضوعه” لتعليمات وليد الرݣراݣي المعروف بإتقانه للخطط الدفاعية فقط، ولا يميل مطلقا للطريقة الهجومية الممتعة التي يلعب بها المنتخب الأولمبي حاليا.
مباراة أمس أمام الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت أنه لدينا كل المقومات إن لم نقل أفضلها أمام المنتخبات المتأهلة لنصف النهاية، من أجل صعود البوديوم والتتويج بالذهب أو على الأقل المرتبة الثانية والميدالية الفضية، إن ساعدت التفاصيل الصغيرة لاعبي طارق السكيتيوي في مواجهاتهم المقبلة القوية أمام المنتخبات الوازنة التي تبقى أبرزها إسبانيا القوة الكروية العالمية الجديدة في نصف نهاية حارقة يوم الإثنين المقبل.
أيضا ما يصنعه المنتخب الأولمبي من تألق مبهر في مباريات أولمبياد باريس، يدفعنا إلى إعادة النظر في الكثير من الخلاصات المتعلقة بالمنتخب الأول الذي يلعب له سبعة لاعبين حاليا مع طارق السكيتوي في الأولمبياد، والتساؤل لماذا يتواصل الآداء الجماعي الباهت والمستوى الهزيل بعد إنجاز مونديال قطر، وكيف لم نستطع إيجاد منظومة لعب هجومية على غرار طريقة الأولمبيين، وهل سيستفيذ وليد الرݣراݣي من خلاصات ما تقدمه مباريات زملاء أشرف حكيمي حاليا في فرنسا من أجل اعتمادها في منتخبه.. أم أننا سنستمر في المعاناة أمام منتخبات إفريقية تحرجنا داخل وخارج المغرب.
في انتظار ذلك، دعونا نكمل هذه الرحلة الجميلة مع منتخبنا الممتع ، وبعدها في شهر شتنبر المقبل سيكون لهذه الألعاب الأولمبية ما بعدها.