خبير: لا يمكن اعتبار الأمطار الأخيرة ضماناً لموسم فلاحي جيد
بعد موجة التساقطات المطرية التي عرفتها عدد من مناطق المغرب خلال الأيام الأخيرة، عاد الأمل مجدداً بإمكانية إنعاش الموسم الفلاحي الحالي، بعدما تسبب تأخر نزول الغيث في زيادة مخاوف الفلاحين، خاصة وأن هذه الوضعية تأتي امتداداً لسنوات من الجفاف القاسي التي أثقلت كاهل القطاع الفلاحي وعمّقت أزمة الماء التي تعيشها المملكة منذ سنوات.
وفي هذا السياق، اعتبر مصطفى بنرامل، الخبير المائي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، أن الأمطار المتساقطة خلال هذه الفترة من فصل الخريف تُعدّ نافذة أمل مهمة، لكنها ليست في حد ذاتها ضمانة لإنقاذ الموسم الزراعي.
وأوضح بنرامل في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أنه حسب نشرة حالة السدود الصادرة بتاريخ 14 نونبر 2025، سجّلت عدد من السدود مداخل مائية ملموسة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية بملايين الأمتار المكعبة، من بينها سدود يوسف بن تاشفين وأولوز.
واستدرك بالقول أن “هذا التحسن يبقى متفاوتاً، إذ لا تزال نسبة ملء عدد كبير من السدود دون 25%، ما يعني أن الأمطار الأخيرة رفعت بعض الاحتياطات المحلية لكنها لم تُعد التوازن على المستوى الوطني بعد”.
وأوضح المتحدث أن معدل ملء السدود وطنياً ظل قبل هذه التساقطات عند حدود 32% فقط خلال أكتوبر ونونبر 2025، وهي نسبة تبرز حجم العجز المائي مقارنة بالمعدل الموسمي المعتاد، مشيراً إلى أن أي تساقطات معزولة، مهما كانت غزيرة، لا تكفي لتعديل هذا العجز ما لم تتكرر في إطار سلسلة منتظمة من الهطولات.
وأضاف الخبير المائي أن الأمطار الأخيرة أسهمت في تعزيز مخزون بعض السدود خلال 24 ساعة، وهو معطى إيجابي يسهم في تخفيف الضغط عن المياه الجوفية والآبار، لكنه بالمقابل تأثير موضعي ومحدود زمنياً ما لم تُدعّم هذه المداخل بأمطار متواصلة تعيد تغذية الخزانات الجوفية وتضمن استدامة التزويد.
ولفت، في هذا الصدد، إلى أن المؤشرات المناخية المتوسطة والطويلة الأمد تُحذّر من استمرار اتجاه عام يتسم بارتفاع درجات الحرارة وطول فترات الجفاف، مقابل هطولات متقطعة وغير منتظمة، وهو مسار يجعل الاعتماد على أمطار ظرفية، غير كافٍ لضمان الأمن المائي والغذائي.
وشدّد بنرامل على أن الأمطار الأخيرة، رغم أهميتها، لا يمكن أن تنقذ الموسم الفلاحي بمفردها، داعياً إلى تبني تدبير مائي طارئ وموجّه، وترشيد فوري للاستهلاك في الفلاحة والبيوت مع تشجيع نظم الري المقتصدة للماء، إلى جانب تسريع عمليات تعبئة السدود الصغرى والحقن المدروس للفرشات الجوفية.
كما دعا إلى دعم الفلاحين بالمعلومات والتمويل الذي يتيح لهم اعتماد ممارسات زراعية مقاومة للجفاف، إلى جانب الاستثمار في البنى التحتية المائية مثل التحلية وإعادة تدوير المياه وترميم أحواض التجميع، إضافة إلى الحلول الطبيعية المرتبطة باستصلاح الأراضي وإعادة التشجير.
وخلص بنرامل إلى التأكيد على أن كل فترة مطرة تُعدّ خطوة إيجابية، لكنها في الوقت ذاته تذكيراً بضرورة الاستمرار في العمل، لأن حماية الموسم الزراعي والفلاحي عموماً تتطلب أمطاراً موزعة بشكل جيد وسياسات مائية مرنة واستباقية تواكب تحولات المناخ.
انطلاق الموسم الفلاحي
وعقب هذه الأمطار، أعطى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، الجمعة 14 نونبر 2025، بالجماعة الترابية أربعاء عياشة بإقليم العرائش، الانطلاقة الرسمية للموسم الفلاحي 2025/2026.
وفي كلمته، أكد الوزير أن انطلاقة هذا الموسم الفلاحي تأتي بعد موسم فلاحي 2024 / 2025 اتسم على وجه الخصوص بعجز مائي ملحوظ، “وعدم انتظام التوزيع الجغرافي للتساقطات المطرية، الوضع الذي تفاقم بسبب تعاقب سنوات الجفاف خلال المواسم السبع الفارطة بالإضافة لارتفاع تكلفة عوامل الإنتاج”.
وأوضح أنه “وبالرغم من هذه الظروف الصعبة، التي لم تثقل كاهل الفلاحين فحسب، بل تركت بصماتها على الغطاء النباتي والمجال القروي، ظل القطاع الفلاحي صامدا ونجح خلال الموسم الماضي في تحقيق نسبة نمو تقارب 6 في المائة مقارنة بالموسم الذي قبله”.
وفي هذا السياق، أبرز المسؤول الحكومي أن “إنتاج الحبوب سجل ارتفاعا بنسبة 39 في المائة مقارنة بالموسم السابق ليبلغ أكثر من 43 مليون قنطار”.
أما الأشجار المثمرة، فأكد البواري، أنها “حققت أداء استثنائيا، متوقعا أن يصل انتاج الزيتون إلى مليوني طن، مسجلا، بذلك، زيادة بنسبة 111 في المائة مقارنة بالموسم السابق”.
وبخصوص الحوامض قال إن “إنتاجها سيبلغ نحو 9ر1 مليون طن بارتفاع قدره 24 في المائة، بينما سيبلغ إنتلج التمور حوالي160 ألف طن بزيادة 55 في المائة مقارنة بالموسم السابق”.