خبير: عدم تحيين الاستراتيجيات المائية يُهدر كميات هائلة من مياه الأمطار

بعد التساقطات المطرية المهمة التي عرفتها البلاد خلال الأيام الأخيرة، يتجدد النقاش حول الإجراءات الضرورية لضمان استفادة قصوى من هذه الأمطار، وذلك من خلال تبني حلول مبتكرة لتجميع هذه المياه، وعدم تركها عرضة للهدر والتبدير، خصوصا بعد موجة جفاف قاسية أرخت بسدولها على البلاد لأعوام طويلة.
وفي هذا السياق، أكد المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، جواد الخراز أن المغرب لا يستفيد بالشكل الأمثل من مياه الأمطار بسبب ضياع كميات كبيرة منها نتيجة لعدم تحيين استراتيجيات فعالة لتجميعها، سواء عبر السدود أو أنظمة التخزين المحلية، مثل الخزانات القروية التقليدية التي كانت تُعرف بـ”المطفية”.
وشدد الخراز، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، على ضرورة تحسين إدارة الموارد المائية في المغرب، خاصة في القطاع الزراعي، وذلك في ظل التحديات التي تواجه البلاد بسبب الجفاف الممتد والتغيرات المناخية وتحسين كفاءة استخدام المياه.
وشدد المتحدث ذاته، على أهمية تطوير طرق تجميع مياه الأمطار واستغلالها بشكل أكثر كفاءة، سواء عبر السدود الكبرى أو من خلال مشاريع محلية أصغر، مثل إنشاء خزانات لتخزين المياه في القرى.
وأشار الخراز إلى أن إدارة الطلب على المياه تمثل عاملاً حاسمًا في مواجهة الأزمة، داعيا إلى ضرورة تحسين كفاءة استخدام المياه، خاصة في القطاع الزراعي الذي يستهلك نحو 80% من الموارد المائية في المغرب.
وأوضح أن تقنيات الري “ما زالت غير فعالة في كثير من المناطق بالمغرب”، داعيًا إلى اعتماد أنظمة ري ذكية تعتمد على الأقمار الصناعية والمستشعرات لتحديد الاحتياجات الفعلية للنباتات بشكل دقيق حتى لا يتم إهدار الماء.
وفيما يتعلق بشبكات توزيع المياه، لفت الخراز إلى أن نسبة المياه المهدورة تصل في بعض المدن إلى 40% بسبب التسربات. في الوقت الذي يصل فيه الرقم في المدن التي تنتهج “طرقا مثالية” لضمان عدم تسرب المياه إلى 15%، لافتا عدإلى ضرورة استخدام تقنيات حديثة للكشف عن التسربات وإصلاحها بشكل سريع للحد من الهدر المائي.
وأشار المتحدث في هذا الصدد، إلى أهمية إعادة النظر في تسعير المياه، مقترحا أن يتم تشجيع الاستهلاك الرشيد، مع مراعاة الفئات الفقيرة، وفرض تسعيرة أعلى على المستثمرين والمستهلكين الكبار كوسيلة للردع وتقليل الاستهلاك المفرط.
في هذا السياق، لفت الخراز إلى ما يُعرف بـ”عقود فرشة الماء”، وهي اتفاقيات تجمع بين المديرين المسؤولين عن الموارد المائية والفلاحين والجهات المحلية بهدف إدارة المياه الجوفية بشكل تشاركي وتبادل المعلومات حولها، مبرزا أنه رغم اعتماد هذه العقود، “إلا أنها لم تُفعّل بالشكل المطلوب، بحيث لا تُعقد الاجتماعات الدورية لمتابعة تنفيذها، مما أدى إلى غياب الرقابة على استهلاك المياه”.
وأضاف أن الفلاحين الكبار يستهلكون كميات هائلة من المياه الجوفية لزراعة محاصيل تتطلب كميات كبيرة من المياه، مثل التمر “المجهول”، الأفوكادو، والبطيخ الأحمر (الدلاح)، وهو ما يُهدد الموارد المائية على المدى الطويل.
وفي سياق متصل، سجل الخراز أن السدود تُعد أحد الحلول الاستراتيجية لتخزين المياه، “إلا أن فعاليتها أصبحت محدودة في ظل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، إذ يؤدي التبخر إلى فقدان كميات كبيرة من المياه المخزنة”، مقترحا في هذا السياق أن يتم وضع “ألواح شمسية عائمة” على طول المياه المخزنة في السدود لحمايتها من التبخر، وكذا ضمان إنتاج طاقة إضافية.
وخلص المتحدث إلى ضرورة إجراء دراسات معمقة قبل بناء السدود الجديدة، تأخذ في الاعتبار التغيرات المناخية والتأثيرات البيئية لضمان تحقيق أكبر استفادة ممكنة من هذه المنشآت.