حُقوقي: نجاح قانون العقوبات البديلة يقتضي دقّة ووضوح نصوصه التنظيمية
أعلن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، يوم الاثنين 13 يناير 2025، عن دخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ قريبًا، بعدما صادق عليه البرلمان بغرفتيه، مؤكدا أن “هذا القانون سيشكل خطوة هامة في إعادة النظر في بعض العقوبات الحبسية التقليدية”.
وأشار وهبي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، الإثنين الماضي، إلى أنه بناء على مخرجات اجتماع ترأسه رئيس الحكومة في هذا الشأن، “تم تشكيل ثلاث لجان موضوعاتية، ستناط بالأولى مهام التنزيل القضائي لنظام العقوبات البديلة، بينما ستتكفل الثانية بصياغة النصين التنظيميين، أما اللجنة الثالثة فستتولى اختيار الشركة المراد التعاقد معها”.
وتعليقا على الموضوع، رأى عادل تشيكيطو، رئيس “العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان”، أن قانون العقوبات البديلة يمثل تطورًا مهمًا في منظومة العدالة بالمغرب، خصوصًا في ظل الاكتظاظ المتزايد داخل السجون والآثار السلبية لعقوبة السجن على النزلاء والمجتمع، مشددا على أن نجاح هذا القانون يعتمد بشكل كبير على دقة ووضوح النصوص التنظيمية والتدابير المسطرية المرتبطة به.
دليل عملي
وأوضح تشيكيطو أن هذا التوجه يُظهر وعيًا رسميًا بالحاجة إلى بدائل تركز على الإصلاح وإعادة الإدماج بدل الاقتصار على العقوبة السالبة للحرية، مشيرا إلى أن الإجراءات التي أعلنها وزير العدل، مثل تشكيل لجان متخصصة لصياغة النصوص التنظيمية وتكوين القضاة، تُعد خطوة إيجابية، مستدركا في الوقت ذاته بالقول: “إلا أنها بحاجة إلى تسريع وتيرة التنفيذ.”
وأشار الناشط الحقوقي إلى أن إرسال بعثات لاستلهام التجارب الدولية الناجحة يُظهر جدية في الاستفادة من النماذج المقارنة، وهو أمر مُرحب به، إذا ما توفق في التحدي المرتبط بمواءمة هذه التجارب مع السياق المغربي، وأخذ بعين الاعتبار التحديات القانونية والاجتماعية والثقافية الخاصة بالمغرب.
وشدد المتحدث ذاته، على أهمية أن تكون العقوبات البديلة مصممة بشكل يضمن العدالة ويُحقق الأهداف المرجوة، مثل الحد من الاكتظاظ السجني وتعزيز التأهيل والإدماج الاجتماعي.
وأوصى تشيكيطو بتفعيل شراكات مع مختلف الفاعلين، بما في ذلك القطاعات الحكومية والجماعات المحلية والمجتمع المدني، لضمان توفر بيئة ملائمة لتطبيق العقوبات، مثل الخدمة الاجتماعية أو التكوين المهني، داعيا إلى إطلاق منصات إلكترونية تتيح تتبع تنفيذ الأحكام وتعزز الشفافية والثقة في هذا النظام.
وأكد على أن نجاح هذا المشروع التشريعي يعتمد على سرعة إصدار النصوص التنظيمية، وضمان استقلالية القضاة في اختيار العقوبات الملائمة، وتطوير دليل عملي واضح يشمل جميع الإجراءات المتعلقة بالتنفيذ، مشددا على ضرورة إشراك جميع الفاعلين الحقوقيين في مراحل صياغة وتقييم هذه السياسات لضمان احترام حقوق الإنسان وتحقيق أهداف العدالة الإصلاحية.
ومن جهته قال وزير العدل “إن قانون العقوبات البديلة يتضمن دورات تكوينية للقضاة بالتنسيق مع السلطة القضائية، لتوضيح كافة الجوانب المتعلقة بالعقوبات البديلة”، مؤكدا أن مجموعة من المحاكم الابتدائية قد بدأت في إنشاء مكاتب خاصة لتنفيذ هذا القانون، مع توفير إمكانية القيد الإلكتروني لتحويل الاعتقال إلى حالة سراح، مضيفا في نفس الوقت أنه تم إرسال وفود إلى بعض الدول للاطلاع على تجاربها في هذا المجال.
وتابع وزير العدل أنه تم تحضير دليل عملي يتعلق بالعقوبات البديلة يتضمن شروحات موسعة لبناء فهم قانوني مشترك حول هذا الموضوع، كاشفا عن أن الحكومة طلبت من جميع القطاعات الحكومية تقديم مجالات محددة يمكن أن يعمل فيها الأفراد الذين سيحكم عليهم بأداء خدمة اجتماعية.
وقال إنه تم توفير حوالي 200 مجالا مختلفا، وستتمكن المحكمة من تحديد المكان المناسب في إطار هذا العمل الاجتماعي بناءً على مكان إقامة الشخص المدان، مشيرا إلى أن هذه المبادرة ستتيح الفرصة للمدانين للقيام بأعمال اجتماعية تعزز لديهم الإحساس بالمسؤولية وتجنبهم السجون، وأن هذه الآلية تهدف إلى تخفيف العبء على هذه الأخيرة.
رقم قياسي للساكنة السجنية
وكان المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، قد حذر من ارتفاع الساكنة السجنية بشكل يفوق بكثير الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية، حيث بلغ عدد السجناء بالسجون المغربية في أواخر شهر أكتوبر المنصرم، 105 آلاف سجين، بزيادة قدرها ألفي سجين عن العام الماضي.
وقال المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، في نونبر 2024، إن هذا العدد يعكس المنحى التصاعدي للساكنة السجنية في المستقبل ويؤكد المعطيات الإحصائية المتعلقة بتزايد الساكنة السجنية على مر السنوات السابقة.
وأضاف: “يكفي أن نلاحظ ارتفاع حجم هذه الساكنة بما يزيد عن الثلثين خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة أو بما يقارب النصف خلال العشر سنوات الأخيرة”
وأشار التامك، خلال تقديمه لمشروع الميزانية الفرعية للمندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج، بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، إلى أن هذا المسار التصاعدي ينذر بارتفاع الساكنة السجنية بشكل يفوق بكثير الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية.
وأضاف أن ذلك يحدث “رغم جهود المندوبية العامة للرفع من طاقتها الإيوائية ودعوتها المتكررة إلى اتخاذ تدابير موازية فعالة وملموسة للحد من تداعيات هذه المعضلة ومن انعكاساتها السلبية على جميع البرامج الأمنية والإصلاحية، واستنزافها لطاقات الموظفين”.
وأفاد التامك بأنه يعول على القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة الذي تمت المصادقة عليه، “كأحد الحلول التي يمكن أن تُسهم في التقليص من أعداد الوافدين على المؤسسات”، وتقدم بدائل للعقوبات السجنية من أجل تخفيف الضغط على السجون و تيسير الإدماج الاجتماعي للمحكوم عليهم.