حيكر لِـ برادة: أنت غير مؤهل لتدبير قطاع التعليم ومشروع “مدارس الريادة” مجرد أوهام

وجّه عضو مجموعة العدالة والتنمية بمجلس النواب، عبد الصمد حيكر، انتقادات حادة لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، معتبرا إياه غير مؤهل لتدبير قطاع حيوي من حجم قطاع التربية والتكوين.
وقال حيكر موجها كلامه للوزير، خلال اجتماع للجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب يوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025، “أنت لا تربطك علاقة بالقطاع وغير مؤهل لتدبير هذا المجال الحساس في الظرفية الحالية”، مبرزا أن “ما نجح فيه هذا الوزير عند توليه المسؤولية هو إعفاء عدد من المسؤولين وتعيين آخرين لحسابات حزبية”.
وأضاف النائب البرلماني أن الوزير لو كان يستمع للمغاربة، لاعتبر أن خروج الشباب للاحتجاج في الشارع وتركيزهم على قضيتي التعليم والصحة وربطهما بمحاربة الفساد، هو تعبير مجتمعي حقيقي وليس افتراضياً، منتقداً في المقابل لجوء الوزير إلى تصريحات مستفزة، مستشهداً بتصريحه حول اهتمام دول مثل فرنسا وألمانيا بتجربة مدارس الريادة بالمغرب، متسائلاً: “هل يُعقل أن تطلب هذه الدول زيارة المغرب للاطلاع على تجربة ما تزال في مراحلها الأولى؟”.
كما استغرب المتحدث ذاته أن يخرج مسؤول على المستوى الترابي ليصرّح بأن تلميذ واحد من مدارس الريادة أفضل من ثمانين تلميذاً من باقي المؤسسات التعليمية، في إشارة إلى تصريح مديرة الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، وفاء شاكر، شهر شتنبر الماضي، متسائلاً: “ولنفترض أن هذا الكلام صحيح، فما مسؤوليتك أنت، السيد الوزير، تجاه هؤلاء الثمانين تلميذاً؟ ماذا فعلت لتحسين وضعهم؟”.
وتابع النائب البرلماني متحدياً الوزير بالقول: “أنا مستعد لمرافقتك لأي جهة وأي مؤسسة تختارها، وسأُثبت لك أن ما يُروّج حول نجاح مدارس الريادة مجرد أوهام، وأن مؤشرات الجودة داخلها تكشف عن كوارث”.
وتوجه حيكر للوزير قائلاً: “أتحداك، السيد الوزير، أن تكون قد قرأت أو اطلعت على القانون الإطار للتربية والتكوين؟ أو على الرؤية الاستراتيجية للإصلاح؟ أو على الآراء والتقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين، أو حتى على الملخص التنفيذي المتعلق بالتجربة الأولية لمدارس الريادة؟”.
واعتبر المسؤول البرلماني أن “المشكلة الأساسية في هذه الحكومة تتلخص في ثلاثة جوانب رئيسية، أولها أنها تعتبر في كل المجالات وكأن التاريخ لم يتحرك قبل مجيئها، في الوقت الذي سبق لمعظم أعضائها أن شغلوا أكبر وأخطر الوزارات في الحكومات السابقة، ومع ذلك تتملص من المسؤولية”.
وأضاف أن “العطب الثاني يتمثل في اختزال إصلاح التعليم في هذه الولاية في مؤسسات الريادة وحدها، وتقديمها فقط من منظور مادي وكمّي، على حساب جودة العملية التعليمية وجودة التعلمات الفعلية للتلاميذ”، والتي شدد على أنها تعاني من كوارث.
وتابع أن “المشكل الثالث يكمن في أن الحكومة تقدم هذه المدارس على أنها إبداع خاص بها، في حين أنها تجربة مستوردة من الهند ودول أخرى، وتخضع لإملاءات مؤسسات مالية دولية”، داعياً الحكومة إلى إعلان هوية مكتب الاستشارة الدولي الذي يواكب تنفيذ المشروع أمام المغاربة.
وتساءل حيكر: “إذا كانت تجربة مدارس الريادة ناجحة بالشكل الذي تصوّره الحكومة، فلماذا لا تعمم على مدارس التعليم الخصوصي أيضاً؟”، معتبراً أن هذا الاستثناء يطرح تساؤلات حول جدوى المشروع. فيما أوضح أن ما يُروج حول تقسيم التلاميذ بحسب المستوى “مجرد ادعاءات”، لأن المعطيات المتوفرة تظهر أن جميع الفئات تدرس داخل نفس الأقسام في عدد من المؤسسات.
ومن جهة أخرى، أكد المتحدث أن المغاربة يلاحظون ارتفاع الاعتمادات المالية المخصصة للتعليم، بحيث زادت الميزانيات وتضاعفت وقد تصل هذه السنة إلى 97 مليار درهم، لكنه شدد على أن هذا الارتفاع الصاروخي “لا يقابله أي أثر ملموس على الواقع”، ما يعكس وجود مشكلين أساسين، سوء الحكامة واستمرار الفساد وسوء التدبير.
وأشار، في هذا الصدد، إلى أن مرجعيات منظومة التربية والتكوين تم إهمالها وتجاهلها بشكل كامل، مضيفاً أن “التقييم الداخلي لمشروع مؤسسات الريادة أُنجز من قبل مكتب، المشرف عليه يوجد ضمن ديوان الوزير نفسه، معتبرا أن الاستعانة بمنظمة حقوقية غير حكومية لتقييم المشروع غير مناسبة، لأنها لا علاقة لها بالتعليم، في الوقت الذي تم فيه تجاهل تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين.
وتطرق حيكر إلى مسألة الأجور في القطاع، إذ اعتبر أن الرفع منها لا يكفي، إذا لم يُستحضر في المقابل الإفلاس في التدبير لمعالجة التضخم وتحكم مسؤولين حكوميين في غلاء الأسعار، مؤكداً أن أي زيادة في الأجور تصاحبها زيادة في تكاليف المعيشة.
واسترسل بالحديث عن فئة “شباب NEET”، حيث سائل الوزير عن مصير مليون شاب من هذه الفئة، كشف عنهم تقرير المندوبية السامية للتخطيط، وهم الذين لا يدرسون ولا يعملون، متسائلاً عن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمعالجة مشاكل هذه الفئة من الشباب.
كما أشار إلى أن تعميم التعليم الأولي، الذي كان من المفروض الانتهاء منه في سنة 2028، قررت الحكومة تمديده إلى سنة 2030، “فيما لا تتساوى وتيرة الإنجاز مع ما كان معمولاً به قبل مجيئها”.
وفي غضون كل ذلك، أعلن حيكر أن المجموعة النيابية العدالة والتنمية ستحيل طلباً لتشكيل مهمة استطلاعية حول مؤسسات الريادة، محذراً من أي محاولة للالتفاف عليها كما حدث في طلب سابق حول موضوع دعم استيراد المواشي أو ما سمي إعلاميا بـ “الفراقشية”.