حقوقيون يتحدثون عن 2023.. حقوق مهضومة وأفواه مكممة
تدفع بنا سنة 2023 وهي تهم بالرحيل إلى استحضار الوضع الحقوقي بالمغرب طوال هذه الفترة، ثم وضعه تحت ضوء النقاش وتطارح الأفكار.
سنة الأفواه المكممة
كشف مؤشر حرية الصحافة لعام 2023 عن تراجع المغرب الى المرتبة 144 من أصل 180 دولة، بعد أن فقد 9 مراتب (135 سنة 2022).
وترى في هذا الصدد الناشطة الحقوقية لطيفة البوحسيني أن ” استمرار قبوع صحافيين وعدد من النشطاء وراء أسوار السجن، يدل على الانتهاكات الجسيمة التي تضرب في الصميم الدستور الذي ينص على الحقوق والحريات، كما تعري واقع إرادة تفعيل هذا القانون الأساسي”.
من جانبه، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان إدريس السدراوي قال إن “هذه السنة شهدت ارتفاع الاعتقال على خلفية حرية الرأي والتعبير، إلى جانب منع الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات بشكل غير مبرر”، مشيرا في هذا الصدد إلى “استمرار سجن معتقلي حراك الريف، بالرغم من مطالب الجمعيات الحقوقية، وتوصيات المنظمات الدولية”.
نؤكد أن الدولة مطالبة بتحسين وضعيتها الحقوقية، عبر فتح حوار حول القضايا الوطنية، خاصة التي تتعلق بالاعتقال السياسي على خلفية الرأي والتعبير.
ادريس السدراوي
وضعية الحقوق الأساسية
وفيما تعلق بالاختلالات التي تمس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، قالت البوحسيني إنه ” يصعب تصور احترام هذه الحقوق مع الزيادة الصاروخية في المحروقات والمواد الغذائية الأساسية، التي تحول دون تلبيتها لمتطلبات آلاف من المغاربة في أحزمة الفقر”.
من جانب آخر، تضيف الناشطة الحقوقية إلى ذلك، “الاختلالات التي تمس التعليم العمومي وأوضاع المهنيين، ناهيك عن حرمان آلاف المواطنين المغاربة من حق إنساني أساسي، ألا وهو الصحة، بسبب ما يعترض سبيل تعميم التغطية الصحية من حواجز”.
وصل عدد المستفدين من الدعم المالي المباشر للأسر الفقيرة ما يزيد عن 4 ملايين أسرة بمبلغ ناهز 25 مليار درهم سنويا، إضافة إلى أنه تم إطلاق برنامج دعم شراء المواطنين للسكن الرئيسي.
وحسب رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، “يظل المغرب متأخرا جدا في تنزيل ورش الحماية الاجتماعية وتعويض الأسر الفقيرة”.
سجلت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، نتائجا ضعيفة لحد الآن، باعتبار تراجع المغرب في سلم التنمية البشرية مما يبرز أن بلادنا لازالت محتاجة إلى مقاربة جديدة في مجال التنمية تنسجم مع معايير حقوق الإنسان.
التقريرالسنوي للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان-سنة 2023
“القضية” تحرك الشارع المغربي
طوال ثلاثة أشهر كاملة، لا صوت كان يعلو فوق صوت آلاف المغاربة الذين كانو يخرجون للتظاهر في وقفات ومسيرات شعبية احتجاجية كسرت هدوء المدن وملأت شوارعها، دعما للمقاومة الفلسطينية في حربها أمام العدوان الإسرائيلي وللمطالبة بوقف التطبيع.
في هذا الصدد، استنكرت البوحسيني ما وصفته بـ”أسلوب القوة الذي اعتمدته السلطات في وجه بعض المنظمات الحقوقية وبعض النشطاء الذين عبروا عن رفضهم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر وما يقع في فلسطين من حرب “.
ما أود التأكيد عليه في هذه المناسبة، هو العنوان العريض لانتهاك حرية التعبير الذي رافق قرار التطبيع مع إسرائيل.
لطيفة البوحسيني
وأضافت أن “السلطات منعت الكثير من الوقفات بالقوة، وتم اعتقال البعض بسبب تدوينة، ما تسبب في نشر جو التخويف، في محاولة يائسة لفرض قرار التطبيع.
رغم المذابح والمآسي التي ترتبت عن ردة الفعل الانتقامية لإسرائيل، يبقى طوفان الأقصى فرصة استرد المغاربة فيها حقهم في التعبير والتنديد بالتقتيل بإيقاف قرار التطبيع الذي لم يعد له أي معنى”.
لطيفة البوحسيني
واسترسلت أن “التضييق على حرية التعبير بخصوص هذا القرار، هو أحد عناوين الانتهاكات الحقوقية التي طبعت السنوات الأخيرة، والتي تعتبر حلقة في مسلسل تصاعدي دشن لتراجعات كبيرة”.
سنة الأسرة، والمرأة والطفل
دعا الملك محمد السادس يوم 26 شتنبر 2023 في رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش إلى إعادة النظر في مدونة الأسرة، تفعيلا ما جاء في خطاب العرش في يوليو 2022، من مراجعة بعض البنود ومعالجة النقائص والاختلالات، في أجل أقصاه 6 أِشهر.
وكانت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة قد أنهت جلسات الاستماع التي بلغ عددها 130 جلسة، استمعت خلالها لعدد من الفاعلين الاجتماعيين والحقوقيين والسياسيين.
وسترفع مقترحات التعديلات إلى الملك قبل إعداد الصيغة النهائية التي سيتم عرضها على الحكومة لإعداد مشروع قانون يتعلق بهذه المراجعة، وإحالته على البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه في إطار مسطرة التشريع العادية.
في هذا السياق، قالت الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي إن “إطار تعديل مقتضيات الأسرة لسنة 2004، يشابه ما نشهد عليه اليوم، نظرا أنه لا يوجد تغيير خارج النقاش الديني المعروف”.
من جانبها، قالت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء سميرة موحيا إن ” مراجعة مدونة الأسرة وتغيير القانون الجنائي أساسي لتحقيق المساواة والعدل وعدم التمييز،
آن الأوان أن يعترف المغرب للمرأة بنفس الحقوق والمسؤوليات مع الرجل.
سميرة موحيا
وأضافت موحيا أن “المغرب شهد على تقدم ملموس في مشاركة المرأة المغربية في جميع الميادين والقطاعات، اليوم، نجد ستة وزيرات حصدن حقائب مهمة بالحكومة، غير أن هذا يختلف كثيرا بالنسبة لحضور المرأة في البرلمان، حيث لا نجد مشاركة مكثفة للعنصر النسوي في صناعة القرار على هذا المستوى”.
لايزال المغرب في الرتب الأخيرة بين البلدان الأكثر تضررا من ظاهرة “عدم المساواة بين الجنسين”، بحلوله المرتبة 136 بين 146 دولة، في عام 2022، خاصة فيما يتعلق بمشاركة المرأة في سوق العمل، ولاسيما الوظائف ذات المسؤولية العالية، وتحررها السياسي الكامل.
تقرير للمعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية حول “تطور موقع المغرب على المستوى العالمي”
وسجلت رئيسة تحالف الجمعيات العاملة في مجال إعاقة التوحد بالمغرب، عفاف عفان أن “الوضعية الحقوقية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة تحتاج إلى التنزيل السريع للأوراش الاجتماعية، خاصة المتعلقة ببرنامج تقييم الإعاقة والدعم الاجتماعي وبطاقة شخص في وضعية إعاقة”.
على المغرب أن ينظر إلى الإعاقة من الجانب الحقوقي وليس من الجانب الإحساني
عفاف عفان
وأوردت عفان، “لكن تظل هنالك مبادرات إيجابية لإنصاف هذه الفئة من المجتمع، مثل صندوق التماسك الاجتماعي ودعم المتمدرس، إضافة إلى صندوق تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة، كما أنه تم دعم العديد من مراكز أِشخاص ذوي إعاقة”.