حقوقيون وسياسيون يطالبون بإصلاحات قانونية تضمن وصول المواطن إلى المعلومة

أجمع المشاركون في المنتدى الوطني الثاني حول الحق في الحصول على المعلومات بالمغرب، المنظم بوجدة الجمعة 21 فبراير 2025، على أن القانون 31.13 المتعلق بهذا الحق يواجه عدة إشكاليات على مستوى التنزيل، مما يحد من فعاليته وقدرته على تعزيز الشفافية والديمقراطية، مؤكدين ضرورة الارتقاء بهذا الحق من خلال تطوير التشريعات ذات الصلة.
غياب المعلومة.. مدخل للإقصاء
أكد النائب البرلماني عن الفريق الإشتراكي- المعارضة الاتحاية عمر أعنان، أن عدم الحصول على المعلومة يشكل “كارثة”، ويتناقض مع مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص، كما يشكل أول بوابة للإقصاء بالنسبة للمواطن، موضحا أن استمرار بعض الممارسات البيروقراطية، إضافة إلى غياب العقوبات الزجرية، يساهم في تأخير نشر المعلومات، مما يعيق ممارسة هذا الحق الذي يكفله القانون.
ودعا أعنان المؤسسة البرلمانية إلى تحمل المسؤولية في الدفع بهذا الحق إلى الأمام، وذلك عبر تفعيل جملة من الآليات من ضمنها مراجعة الثغرات القانونية وتقليص نطاق الاستثناءات التي تتحجج بها المؤسسات لعدم نشر المعلومات، إلى جانب تقديم مقترحات قوانين لتطوير القانون، ومراقبة عمل الحكومة عبر توجيه الأسئلة الكتابية والشفهية، وإعداد تقارير برلمانية تتناول التحديات المطروحة.
كما اقترح أعنان تعزيز التعاون بين البرلمان والمجتمع المدني، من خلال تنظيم يوم دراسي بمجلس النواب لدراسة سبل تفعيل الحق في المعلومة، كما دعا إلى تنظيم مهام استطلاعية للوقوف على مدى احترام الإدارات لهذا القانون، إلى جانب مساءلة المؤسسات حول التزامها بنشر المعلومات الضرورية للمواطنين.
وفي سياق آخر، شدد النائب عن الفريق الإشتراكي- المعارضة الاتحاية، على أن تعزيز الشفافية أمر ضروري لضمان تكافؤ الفرص والمنافسة العادلة، حيث أكد أهمية إتاحة المعلومات حول فرص العمل، والمباريات، والمناقصات العمومية لمحاربة المحسوبية، مضيفا أن تمكين الشباب من الوصول إلى المعلومات العلمية والمنح وبرامج الدعم الجامعي رقميًا، يساهم في تحقيق عدالة معرفية تتيح فرصًا متساوية للجميع.
وفي سياق العدالة المجالية، أشار أعنان إلى أن 80% من الاستثمارات تتركز في المدن الكبرى، مما يستدعي نشر البيانات المتعلقة بكافة الجهات لضمان توزيع أكثر توازنًا للموارد، كما شدد على ضرورة توفير المعلومات للفئات الهشة، مثل الأرامل وذوي الإعاقة، بطرق تتناسب مع احتياجاتهم.
مصلحة الوطن أولى
من جانبه، دعا جمال موساوي، رئيس شعبة المجتمع المدني والمواطنين والإعلام بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى تطوير الإطار القانوني الخاص بهذا الحق، بما يضمن التوازن بين السرية ومتطلبات الشفافية، مشيرا إلى ضرورة تقديم مصالح الوطن على المصالح الخاصة.
وفي هذا الإطار، شدد موساوي على ضرورة تعزيز الشفافية في منظومة العدالة، من خلال نشر المعلومات المتعلقة بمكافحة الفساد، موضحا أنه من المفترض أن تلتزم جميع الهيئات التي تعمل مع وزارة العدل بنشر كافة المعطيات المرتبطة بهذا المجال.
ومن جملة التوصيات التي قدمها موساوي، ضرورة نشر الأحكام النهائية المرتبطة بالفساد في موقع المجلس الأعلى للسلطة القضائية عبر نافذة مخصصة لهذا الغرض، مما يعزز الأثر الردعي.
كما أوصى بإنشاء منصات مماثلة لنشر المعلومات المتعلقة بمكافحة الفساد داخل كل المؤسسات العاملة ضمن منظومة العدالة، بهدف تمكين المواطنين من الاطلاع على المعطيات بشفافية.
وأكد المتحدث ذاته، أن النشر الاستباقي للمعلومات يعد ركيزة أساسية لتعزيز الشفافية، لكنه يستوجب توضيح مفهوم السر المهني وحدود الاستثناءات القانونية، لأن عدم وضوح هذه الجوانب قد يؤدي إلى تعارض مع القوانين الأخرى، مما يخلق إشكاليات في تطبيق مبدأ الحق في الحصول على المعلومة.
وفي ختام مداخلته، أكد جمال موساوي على ضرورة إشراك المواطن منذ البداية في صياغة المشاريع المتعلقة بالحق في الحصول على المعلومات، مع تتبع تنفيذها وتقييمها في النهاية، حيث أبرز أن هذا الانخراط يعزز ثقة المواطن في المؤسسات ويجعل الإصلاحات أكثر استجابة لحاجيات المجتمع.