story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

حرق بنك وسرقة محلات تجارية بسلا.. تفاصيل احتجاجات طال ليلها

ص ص

مع حلول الغروب، بدت مدينة سلا هادئة كعادتها، إذ لم تشهد أي احتجاجات طوال أربعة أيام منذ انطلاق مظاهرات ما بات يُعرف بـ”احتجاجات جيل Z” السلمية، يوم السبت 27 شتنبر 2025، المطالِبة بإصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية.

كانت حركة السير طبيعية، والعاملون العائدون من الرباط إلى منازلهم يسلكون طرقهم المعتادة، فيما ارتفعت أصوات الأطفال الخارجين من المدارس، جماعات وفرادى، بضحكاتهم وصيحاتهم الصاخبة.

بدا كل شيء وكأنه يوم عادي، فلم تُسجل بالمدينة إنزالات أمنية استثنائية أو نقاط تفتيش مشددة، باستثناء عناصر شرطة المرور الذين ينظمون السير عند ملتقيات الطرق، خصوصًا بطريق القنيطرة.

غير أن المشهد سيتغير فجأة، فقد ظهر محتجون مجهولون، بينهم أطفال وشباب بعضهم ملثمون وآخرون بأقمصة منزوعة ويحملون عصيا وأسلحة متنوعة، متجهين نحو المركز التجاري “كارفور” بحي شماعو، تجمعوا في الشارع وبدأوا التقدم نحو هدفهم وهم يلوحون بالحجارة وقطع الطوب ويطلقون الشتائم في وجه رجال الأمن.

سرعان ما شرع هؤلاء في رشق واجهة المركز التجاري بالحجارة، ما دفع عناصر الأمن الخاص إلى التراجع، بينما احتمى موظفون مذعورون في الداخل، واستمرت المجموعة في تكسير كل ما تصادفه حتى وصلت إلى الباب الرئيسي للمحل، حيث تمكنت من كسره وإثارة الفوضى قبل أن تتراجع في آخر لحظة.

وبعد دقائق من الفوضى، عاد الهدوء النسبي، وشرع موظفو المركز في إحصاء الخسائر وتنظيف آثار التخريب الظاهرة للعيان، ثم غادروا المكان تباعًا بعد انتهاء دوامهم الليلي، الذي كاد ينتهي بكارثة.

لاحقًا، خيّم الصمت على المكان، فيما حضرت قوات المساعدة مدعمة بأكثر من سبع سيارات، رابطت في محيط المركز دون أن تسجل أي تحركات مشبوهة.

لكن المجموعة نفسها انتقلت إلى حي الأمل، حيث ارتكبت أفعالًا أكثر خطورة، استولت على سيارتي شرطة، قلبت الأولى وألحقت أضرارًا بالثانية، قبل أن تشعل فيهما النار وسط مشهد صادم وثقته كاميرات الهواتف.

تواصلت أعمال التكسير والتخريب، ثم اتجهوا نحو وكالة البنك الشعبي القريبة، فحطموا زجاجها بالعصي والحجارة، وخرّبوا الصراف الآلي، قبل أن يقتحموا المبنى بعد جهد في كسر بابه الرئيسي، وفي الداخل، عبثوا بالمكاتب، أحرقوا وثائق، وشرعوا في تكسير الكراسي وإضرام النيران مجددًا.

هنا أصبحت الصورة سوريالية أكثر، سيارتا شرطة متفحمتان قرب بنك يحترق بالكامل، ألسنة اللهب تمتد إلى مختبر طبي في الطابق العلوي، بينما بدا الشارع مسرحًا للفوضى والدمار، وفي الأثناء اقتُحم متجر لبيع العطور ونهب بالكامل.

وعند الساعة العاشرة ليلًا، وصلت قوات التدخل السريع معززة بسيارة لرش المياه، وبدأت التقدم في الشارع، رد المخربون برشق الحجارة، قبل أن تبدأ عمليات التوقيف السريعة، ومع اشتداد الضغط الأمني، تراجع المخربون وبدأت القوات في السيطرة على الحي.

انتشرت تجريدات أمنية عند ملتقيات الشوارع، بينما لجأت السلطات إلى استخدام دراجات نارية مدنية كتمويه لاعتقال المشتبه فيهم، حيث كانت تُنقل كل دقيقة مجموعة من الموقوفين إلى سيارات الشرطة.

واستمرت العملية لأكثر من ساعة، قبل أن يغيّر المخربون وجهتهم نحو حي الرحمة، فيما استُعيد الأمن تدريجيًا بحي الأمل، وأُخمدت الحرائق ونُقلت بقايا السيارات المحروقة.

غير أن أعمال التخريب لم تتوقف؛ فقد امتدت إلى أحياء مجاورة، حيث تم اقتحام محلات أخرى وحرق مقاطعة إدارية، واستمرت الملاحقات الأمنية إلى أن أسدل الليل ستاره على سلا في واحدة من أكثر لياليها رعبًا، ليلة سيظل سكانها يتذكرونها طويلاً.