جودة مياه الشرب.. شكاوى مواطنين وخبراء وأطباء يطمئنون

راجت في الأيام الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي شكاوى لمواطنين عبّروا فيها عن استيائهم من جودة مياه الصنابير، مطالبين بماء صحي وآمن دون الحاجة لشراء المياه المعدنية. غير أن خبراء بيئيين وصحيين دعوا إلى التعامل بحذر مع هذه المنشورات، مؤكدين أن مياه الشرب تخضع لرقابة صارمة ومعايير دقيقة، وأن التغيرات الظاهرة لا تعني بالضرورة وجود تلوث.
وفي هذا السياق، شدد الدكتور خالد فتحي، طبيب عام ومختص في العلوم الصحية، على ضرورة التحقق من صحة ما يتم تداوله مؤخرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن جودة مياه الصنابير، محذرا من الوقوع في شرك الأخبار الزائفة.
وفي حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أوضح فتحي أن مياه الصنابير، في الوضع الطبيعي، لا تشكل خطرًا مباشرا على صحة المواطنين، ما دامت تخضع لرقابة دورية من الجهات المختصة، مؤكدا أنها تُعالج وفق المعايير الوطنية والدولية.
إلا أنه أشار في المقابل إلى أن بعض الحالات الاستثنائية قد تشهد تغيرات في اللون أو الطعم أو الرائحة، وهي إشارات تستوجب التحليل الفوري والتدخل.
وفي هذا الإطار، أوضح فتحي أن ضمان سلامة مياه الصنابير للاستهلاك البشري يقتضي أن تكون خالية من الجراثيم والفيروسات الضارة، مثل الإشريكية القولونية (E. coli)، كما ينبغي أن تحتوي على نسب متوازنة من المعادن كالكالسيوم والمغنيسيوم، دون تجاوز الحد المسموح به من النيترات أو الرصاص أو الكلور، لافتا إلى أهمية أن تكون المياه عديمة اللون والرائحة والطعم الغريب.
وأشار المتحدث أيضا إلى أن هذه المياه يجب أن تخضع لمراقبة دورية تشمل التحاليل البكتريولوجية والكيميائية، وهو ما تقوم به الجهات المسؤولة فعليًا، مؤكدا أنه في معظم المناطق، تُحترم هذه المعايير بشكل فعّال، غير أن التفاوت في جودة الشبكات المحلية أو تقادم البنية التحتية قد يؤدي في بعض الأحيان إلى تغيرات مؤقتة في بعض المناطق.
ولتفادي أي ضرر محتمل، نصح فتحي المواطنين بعدد من الإجراءات الوقائية البسيطة، مثل ترك الماء ينساب لبضع ثوانٍ قبل تعبئته، خاصة في حال عدم استخدام الصنبور لفترة طويلة، كما دعا إلى استخدام فلاتر منزلية معتمدة عند الشك في جودة الماء، وغلي الماء قبل شربه، خصوصًا بالنسبة للأطفال أو المناطق التي تتضرر بشكل أكبر.
كما شدد على ضرورة التبليغ الفوري للجهات المعنية عن أي تغير غير طبيعي في المياه، سواء تعلق الأمر باللون أو الرائحة أو الطعم، داعيا إلى مواصلة تحسين البنية التحتية وتعزيز الشفافية في نتائج التحاليل الدورية، بما يضمن حق المواطن في الحصول على ماء صحي وآمن دون الحاجة لشراء المياه المعلبة.
ومن جانبه، نفى الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ مصطفى بنرامل، صحةَ ما يُتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن وجود مشاكل في جودة مياه الشرب، موضحًا أن هذه المياه المخصصة للشرب تخضع لمراقبة صارمة من قبل السلطات المختصة، وأن المعايير التقنية ونظام المراقبة متعدد المستويات يضمنان سلامتها، خاصة في المدن الكبرى.
وأوضح بنرامل أن بعض المشاكل التي تظهر في الوسط القروي تكون ناتجة في الغالب عن تخريب قنوات الماء من طرف بعض المزارعين أو السكان، الذين يعمدون إلى كسر القنوات واستخدامها لأغراض السقي، وهو ما يؤدي أحياناً إلى انقطاعات في التزويد أو وجود حصى وشوائب في الماء، غير أنه قلّل من خطورة هذه الحالات على صحة الإنسان، لكونها ناتجة عن مكونات طبيعية في التربة.
أما في الوسط الحضري، فقد يلاحظ بعض السكان أحيانا أن ماء الصنبور يبدو أبيض اللون، وهو ما فسّره بنرامل بكونه نتيجة طبيعية لارتفاع نسبة الكلور، خاصة خلال فصل الصيف، بسبب زيادة الضغط على الشبكة المائية، إذ أوضح أن هذه الزيادة تُعتمد بهدف القضاء على البكتيريا المحتملة، بعد إجراء تحاليل يومية دقيقة لمراقبة جودة المياه.
وفي غضون ذلك، شدد المتحدث على أن أي تلوث فعلي في مياه التوزيع على نطاق واسع لا يمكن أن يمر دون أن يُحدث آثاراً واضحة، نظراً لخطورة تأثيره وشموله، لافتا إلى أنه لو كانت الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تعكس وضعاً حقيقياً، لكانت قد خلفت نتائج ملموسة وانتشاراً واسعاً للأعراض، خصوصاً أن المدن الكبرى تعتمد على شبكة موحدة لتوزيع المياه.