story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

جدل متواصل حول رسو “ميرسك” في طنجة.. ما القصة؟

ص ص

مع تواصل عمليات إعادة الشحن التي تنفذها سفن تابعة لشركة “ميرسك” في ميناء طنجة المتوسط، يستمر التساؤل بشأن طبيعة حمولة هذه السفن، والسبب وراء عدم حسم الجدل القائم حولها منذ أكثر من عام ونصف، خاصة في ظل اتهامات من منظمات حقوقية بنقل شحنات عسكرية أمريكية موجهة لإسرائيل التي تشن حرب إبادة ضد الفلسطينيين بغزة، في مقابل نفي متواصل من جانب الشركة.

في هذا الصدد، تفتح صحيفة “صوت المغرب” نافذة للقارئ تطلعه فيها على أبرز المعطيات المتعلقة بهذا الملف، منذ بروز القضية لأول مرة لدى الرأي العام الدولي مثيرة موجة استياء حقوقي، إلى أن أصبح المغرب جزءاً من المشهد، وما رافق ذلك من حراك شعبي مندد بالقضية.

بداية القصة

القصة لم تبدأ من المغرب، ولا من الجارة الشمالية إسبانيا، بل من وراء المحيط الأطلسي، حيث ينشط شباب في منظمة أمريكية تحمل اسم حركة الشباب الفلسطيني (PYM)، المؤيدة للقضية الفلسطينية منذ تأسيسها عام 1982، والتي لها انتشار في أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا.

وتُعد الحركة من أبرز المشاركين في احتجاجات الجامعات الأمريكية الرافضة للعدوان الإسرائيلي على غزة، بما في ذلك مظاهرات جامعة كولومبيا عام 2024، والتي جذبت أنظار العالم حينها.

في 4 نونبر 2024، نشرت حركة الشباب الفلسطيني تحقيقاً ضمن حملة “Mask Off Maersk”، كشفت فيه عن تفاصيل شحنات عسكرية “نفذتها شركة الشحن الدنماركية ‘ميرسك’ إلى أو نيابة عن وزارة الدفاع الإسرائيلية خلال الفترة من شتنبر 2023 إلى 2024”.

ووفقاً للتقرير، تم تنفيذ أكثر من 2,110 شحنة من الولايات المتحدة إلى إسرائيل عبر سفن “ميرسك”، من بينها 827 شحنة تضمنت مركبات مدرعة، وأخرى تكتيكية، وأنظمة أسلحة أو أجزاء منها. كما شملت الشحنات هياكل، ومحركات، وأجزاء متخصصة لمركبات نقل الأفراد المدرعة، بالإضافة إلى مكونات لمركبات تكتيكية، وأجزاء لأنظمة الطائرات والمقذوفات.

بعد هذا التحقيق، مارست الحركة ضغوطاً على الحكومة الإسبانية لمنع دخول سفن “ميرسك” التي اعتادت تنفيذ عمليات إعادة الشحن في ميناء الجزيرة الخضراء.

وفي الشهر ذاته، أصدرت الحكومة الإسبانية قراراً بمنع سفينتين، هما “ميرسك دينفر” و“نيستد ميرسك”، من الرسو في موانئها، عقب مطالبات تقدم بها برلمانيون إسبان إلى مدريد لاتخاذ هذا القرار.

وبذلك، أصبحت السفينتان أول من تنفذ عملية إعادة شحن، المثيرة للجدل، عبر ميناء طنجة المتوسط، بعد تحويل مسارهما إلى المغرب إثر الحظر الإسباني.

واعتمد التحقيق في إعداد معطياته على تحليل وثائق الشحن، وأوصاف البضائع، والرموز، والوجهات، والتواريخ، إلى جانب الإشارة إلى صفقات بيع أسلحة ومركبات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، موثقة ضمن تقارير وزارة الدفاع الأمريكية وموقع وكالة التعاون الأمني الدفاعي (DSCA).

منع رسو السفن بموانئ المغرب

ارتبطت عودة المطالب بمنع هذه السفن من الرسو بموانئ المغرب، بتقرير جديد أنجزته هذه المرة صحيفة “ديكلاسيفايد” (Declassified UK) البريطانية ومؤسسة الأخبار الاستقصائية الأيرلندية “ذا ديتش” (The Ditch)، والذي قال إن شركة الشحن العالمية “ميرسك” تنقل أجزاء من مقاتلات “F-35” من مصنع تابع للقوات الجوية الأمريكية في ولاية تكساس نحو ميناء حيفا، ثم إلى قاعدة “نيفاتيم” الجوية الإسرائيلية.

وأفادت صحيفة “ديكلاسيفايد” بأن وثائق الشحن التي اطلعت عليها تشير إلى أن بعض المعدات الخاصة بـ F-35، المحملة على السفينتين “Maersk Detroit” و”Nexoe Maersk” سيتم تفريغها في ميناء حيفا.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن شركة “ميرسك” “أنها لا تملك معلومات عن المكان النهائي للبضائع بعد مغادرتها السفينة، وبالتالي هي لا ترسل شحنات بشكل مباشر إلى الجيش الإسرائيلي”.

“ميرسك” تنفي

تنفي شركة “ميرسك” الدنماركية أن تكون شحنات سفنها عبر ميناء طنجة المتوسط تتضمن أسلحة موجهة إلى الجيش الإسرائيلي. لكنها تؤكد في الوقت ذاته أنها تملك عقوداً مع الحكومة الأمريكية عبر فرعها الأمريكي “مايرسك لاين المحدودة (MLL)”، المدرج ضمن برنامج الأمن البحري.

وأوضحت الشركة، في بيان رسمي، أن ذلك يأتي في إطار “دعم السياسة الأمريكية الرسمية”، مشيرة إلى أن هذه العقود تشمل “نقل البضائع إلى أكثر من 180 دولة ضمن برامج التعاون الأمني، بما في ذلك البضائع المدنية والعسكرية إلى إسرائيل، مع اعتماد نهج موحد عبر جميع الدول”.

وأكدت أن البضائع المشحونة بواسطة فرعها نيابة عن الحكومة الأمريكية إلى إسرائيل كانت دائماً تخضع لقيود واضحة. إذ يحظر برنامج التعاون الأمني الأمريكي نقل البضائع المصنفة أو الحساسة، بما في ذلك الأسلحة والذخائر، دون تقديم خطة نقل معتمدة من الحكومة الأمريكية.

كما تم تداول بيان للنقابة العامة CGT لعمال الأرصفة والموظفين بالموانئ في خليج “فوس” الفرنسي، ينفي وجود أية قطع عسكرية على إحدى سفن “ميرسك”.

ماذا تقول المنظمات الحقوقية؟

تؤكد هذه المنظمات، وعلى رأسها حركة مقاطعة إسرائيل “بي دي إس” (BDS)، أن حديث “ميرسك” عن كون شحناتها لا تدخل ضمن اتفاقية النقل بين الجيش الأمريكي وجيش الاحتلال الإسرائيلي، “من الناحية الشكلية، صحيح”.

وتفيد بأن العقد هذه المرة يتعلق بعملية توريد بين المعمل الرئيسي لشركة “لوكهيد مارتن” الأمريكية، التي تصنّع طائرة F-35، وفرعها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الذي يختص بصيانة هذه الطائرات.

كما تشير إلى أن الأمر يتعلق بشحنة كبيرة من أجهزة تحليل الأسطح (Surface Analyst)، وهي أجهزة أساسية تُستخدم في صيانة طائرات F-35، وتُعد ضرورية للحفاظ على جاهزيتها القتالية والتدميرية.

أما بخصوص نفي إحدى النقابات الفرنسية وجود شحنة عسكرية أو أسلحة على إحدى السفن، فإن هذا المعطى، حسب منظمة “بي دي إس” يتعلق بالسفينة “نيكسو ميرسك”، التي لن تتولى مهمة نقل هذه الشحنة قبل يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025، أي بعد تفريغها من قبل السفينة “ميرسك ديترويت” يوم الاثنين، بعد وصولها إلى ميناء طنجة المتوسط قادمة من الولايات المتحدة الأمريكية.

لماذا لا يتم الحسم بتفتيش السفينة؟

طرحت صحيفة “صوت المغرب” سؤال تفتيش السفينة على السلطات المينائية في ميناء طنجة المتوسط، والتي أفادت بأنها “ليست على علم بمحتوى الحاويات الجاري شحنها في الموانئ العالمية أو القادمة، في إطار التوقف المؤقت ضمن عمليات إعادة الشحن”.

وقالت إن الميناء يُعد نقطة عبور للتجارة الدولية تمر عبره ملايين الحاويات القادمة من مختلف أنحاء العالم، مشيرة إلى أن هذه الحاويات “تصل في إطار عمليات إعادة الشحن، وقد تتوقف في عدة موانئ قبل بلوغ وجهتها النهائية”.

وذكرت أن مالكي السفن ومشغلي الأرصفة يتولون “تحديد محطات التوقف البحري للسفن، ولديهم الصلاحية لتغييرها في أي وقت”.