“تهديد لشرعية الانتخابات”.. “المصباح” يحذر من الإبقاء على القاسم الانتخابي وحذف العتبة
حذر حزب العدالة والتنمية من الإبقاء على القاسم الانتخابي في صيغته الحالية، والتي اعتبرها “تخالف جوهر الديمقراطية التمثيلية”، ضمن مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25، القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، مؤكدا أن هذا الإبقاء على القاسم الغريب يهدد شرعية الانتخابات ويقوض إرادة الناخبين.
وأوضح الحزب، في مذكرته حول مشاريع القوانين الانتخابية، الصادرة يوم الأربعاء 26 نونبر 2025، أن المشروع أبقى على المادة 84 من القانون التنظيمي رقم 27.11، التي تعتمد “القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في الدائرة الانتخابية بدل الأصوات الصحيحة المعبر عنها”.
واعتبر الحزب أن هذه الصيغة غريبة عن المعايير الدولية، تتعارض مع التمثيل النسبي، وتنقص من العدالة والتوازن بين مختلف اللوائح الانتخابية، كما تمس بإرادة الناخبين الفعلية، وتؤثر على شرعية الحكومة الناتجة عن التصويت الشعبي، مؤكدا ضرورة تعديل المادة لتوزيع المقاعد وفق “القاسم الانتخابي الصحيح وعدد الأصوات الصحيحة مع قاعدة أكبر البقايا”.
ولم يتوقف قلق حزب “المصباح” عند القاسم الانتخابي، وإنما امتد إلى “غياب أي عتبة للمشاركة في توزيع المقاعد النيابية”، حيث أبقى المشروع على منح جميع اللوائح المتنافسة الحق في المشاركة، مهما كانت نسبة أصواتها، ويرى الحزب أن اعتماد عتبة 3% يساهم في عقلنة المشهد السياسي، ويضمن توازن التعددية الحزبية، مع احترام قاعدة أكبر البقايا.
كما نبه الحزب إلى أن المشروع “يشجع بلقنة الترشيحات ويضعف الأحزاب السياسية”، عبر منح دعم مالي عمومي يصل إلى 75% من المصاريف الانتخابية للمرشحين الشباب والمستقلين، دون دراسة أثر ذلك على استقرار الأحزاب، وهو ما يفضي إلى تشتيت الترشيحات وبلقنة المشهد الانتخابي المحلي، بعيدا عن معالجة أسباب العزوف الانتخابي.
ومن جانب آخر، أشارت المذكرة كذلك إلى “تغليب المقاربة الزجرية الجنائية على الوقائية”، عبر فرض عقوبات حبسية وغرامات مالية عالية، والحرمان السياسي دون حكم قضائي نهائي، وهو ما يمثل حسب الحزب “انتهاكا صارخا للحقوق والحريات الدستورية”، ويطرح مشاكل انسجامية مع قوانين أخرى مثل قانون الصحافة والنشر، ويخلق ازدواجية تشريعية تهدد الديمقراطية البرلمانية.
كما انتقدت الوثيقة ذاتها انتقال صلاحيات قضائية، للإدارة المكلفة بتلقي الترشيحات، والتي باتت قادرة على “رفض أو إلغاء الترشيحات بناء على محاضر ضبط أو متابعة في حالة التلبس”، وهو ما اعتبره الحزب “انتهاكا لمبدأ الفصل بين السلطات وحق المترشح في الترشح، فضلا عن تحويل السلطة الإدارية محل القضاء”.
وخلص الحزب في مذكرته إلى التأكيد على ضرورة “مراجعة شاملة للمشروع لضمان عدالة القاسم الانتخابي، عقلنة توزيع المقاعد، حماية الحقوق الدستورية، وتقوية الأحزاب السياسية”، داعيا إلى اعتماد مقاربة شاملة لمعالجة القضايا الانتخابية بدل التركيز على العقوبات الزجرية التي تقوض المشاركة الديمقراطية.
وفي السياق، شدد عضو الأمانة العامة للحزب، عبد العلي حامي الدين، في مداخلة له، خلال الندوة الصحافية التي نظمها الحزب لتقديم موقف الحزب من التعديلات المقترحة على القوانين الانتخابية والتفاصيل الخاصة بتضارب المصالح في صفقات التزويد بالأدوية، يوم الأربعاء 26 نونبر 2025، شدد على أن مشروع القانون السالف الذكر، اعتمد المقاربة الزجرية الجنائية على المقاربة الوقائية والتدخلية الاستعجالية في تخليق الحياة الانتخابية.
ولفت في هذا الصدد، إلى أن تحليل العقوبات الجنائية المشددة والآليات الزجرية الواردة في المشروع، “يكشف عن خلل وظيفي ومؤسساتي عميق في السياسة الجنائية، ويؤدي إلى انتهاك خطير للحقوق والحريات الأساسية التي يكفلها الدستور”.
“نحن أمام سياسة جنائية جديدة تقوم على تشديد الآليات العقابية بدون انسجام مع قوانين أخرى”، يضيف حامي الدين، الذي أكد “أننا أمام مشروع يتضمن حجما كبيرا من التشديد والآليات العقابية الجنائية”، إذ تم إدراج عقوبات حبسية تتراوح بين سنتين وعشر سنوات، وغرامات مرتفعة تصل إلى 100.000 درهم، إضافة إلى الحرمان السياسي لمدد طويلة، “وهو ما يمثل ملامح سياسة جنائية جديدة تسائل مؤسسات أخرى يقع على عاتقها مسؤوليا رسم وتوجيه السياسة الجنائية”.
وتساءل في هذا الصدد، حول مدى انسجام النص العقابي مع المبادئ العامة للقانون الجنائي، ومع قوانين أخرى، “إذ توجد جرائم معاقب عليها في مدونة الصحافة يتم تجريمها مجددا في القانون الانتخابي بصياغة مختلفة، مما يخلق ازدواجية تشريعية خطيرة”.
وأورد في نفس السياق، أنه تم “تغليب المقاربة الزجرية في معالجة إشكالات أخلاقية وسياسية، في حين أن الأولى هو اعتماد مقاربة وقائية تستند إلى تحميل المسؤولية للأحزاب السياسية في اختيار مرشحيها، وتشديد العقوبات بعد ثبوت الجرائم الانتخابية بأحكام قضائية نهائية حائزة على قوة الشيء المقضي به”.