تقرير: التبعية الطاقية وتأخر المشاريع ضمن أهم ثغرات السياسة الطاقية بالمغرب
أنجز المعهد المغربي لتحليل السياسات بشراكة مع مؤسسة مبادرة الإصلاح العربي وحلول السياسات البديلة، تقريرا مرجعيا حول سياسات التحول الطاقي بالمغرب، توقف فيه عند أهم ثغرات السياسة الطاقية للمغرب.
وأشار التقرير إلى أنه رغم تمكن الحكومات المتعاقبة منذ أواخر التسعينات من ضمان إمدادات مستقرة وكافية لتلبية الطلب الوطني، إلا أن السياسة الطاقية التي ينهجها المغرب لا زالت تعتريها بعض النواقص التي تأخر تعزيز استقلاليته الطاقية وضمان تحوله نحو الطاقات النظيفة.
“تبعية طاقية”
في هذا السياق، أظهر التقرير أن المغرب لا زال يعتمد أساسا على الواردات الطاقية لتلبية طلبه الداخلي على الطاقة، وهو ما يضع عبئا ثقيلا جدا على الميزان التجاري، وكذلك ميزان المدفوعات.
هذا الطرح تأكده بعض الوثائق والمعطيات، حيث كشف تقرير صادر عن شركة الاحتياطيات الإستراتيجية للمنتجات البترولية (CORES) نشرته جريدة “El Periódico de la Energía”، أن واردات المغرب من الغاز الطبيعي المسال من إسبانيا وحدها قد ارتفعت بنسبة 403 بالمائة خلال السنة الماضية.
من جانبه يرى الخبير الطاقي، كريم شكري، أن المغرب انتقل من استيراد الطاقة إلى استيراد التكنولوجيا، حيث يظل المغرب مرتبط ارتباطا وثيقا بالسوق الدولي.
وتابع الخبير خلال مداخلته في لقاء تواصلي نظمه المعهد المغربي لتحليل السياسات اليوم السبت 02 مارس 2024 بالرباط، أن هذا الطرح وجد تأكيده خلال أزمة جائحة كوفيد، حيث أدت بعض الأعطاب بإحدى محطات ورزازات إلى توقفها لمدة 6 أشهر، نظرا لعدم قدرة الخبراء الإسبان الذين كان من المفترض أن يتدخلوا لإصلاح الأعطاب، على التنقل إلى المغرب بسبب القيود المفروضة على النقل الجوي آنذاك.
ودعى شكري إلى إعادة التفكير في مسألة الاعتماد على الخبرات الأجنبية، من خلال توطين التكنولوجيا، وتعزيز قدرات المهندسيين والتقنيين المغاربة، محذرا من السقوط في “التبعية التكنولوجية”.
كما سجل التقرير تأخر استخدام مصادر الطاقة المتجددة، كأحد أهم المشاكل التي تعتري السياسة الطاقية بالمغرب، حيث “يعاني برنامج نور الذي تشرف عليه الوكالة المغربية للطاقة المستدامة من تأخر متراكم في إنجاز مشاريعه وتكلفة إضافية بسبب اختيار التقنيات المستخدمة ونموذج الأعمال المعتمد”.
وأضاف التقرير أنه بالرغم من الجهود المبذولة والإنجازات التي تحققت في هذا المجال الطاقي، إلا أن أحد أسباب الفشل في قطاع الطاقة تتمثل في وجود العديد من المؤسسات الفاعلة، مبرزا أن هناك العديد من الجهات الفاعلة المشاركة في تخطيط وتنفيذ سياسة الطاقة، تحت الإشراف المباشر لوزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، موضحا أن تعدد الفاعلين في القطاع يعقد من عملية التنسيق.
فرص تسريع وتيرة التحول
في المقابل أكد التقرير أن رحلة المغرب نحو مستقبل طاقي مستدام، مليئة بالتحديات، موضحا أنه “مع رؤية واضحة ودعم تنظيمي واستثمار لميزاته الخاصة، يمكن للمغرب أن يصبح رائدا بالمنطقة في مجال الطاقة المتجددة”، وهو ما يمكن المملكة من سد نسبة كبيرة من حاجياتها الطاقية.
في هذا السياق قدم ذات المصدر عددا من التوصيات للرفع من وتيرة التحول الطاقي نحو الطاقات النظيفة.
وبخصوص خطط المغرب في إنتاج الهيدروجين الأخضر دعا التقرير إلى التغلب أولا على التحديات التكنولوجية التي تخص التحويل، والنقل، والتخزين، وفقدان التنوع البيولوجي، قبل البدء بتصدير الهيدروجين الأخضر.
كما دعا التقرير المغرب إلى الاستفادة من الفرص التي يوفرها التعاون الدولي من أجل التقدم في مجالات الطاقة والمناخ، موضحا أن هناك العديد من الدول التي تقدم آفاقًا للتعاون المشترك في هذا المجال، بما في ذلك كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا واليابان وروسيا.
بالإضافة إلى هذا يرى التقرير أن المزج بين الطاقة النووية والغاز الطبيعي سيمكن من استغلال احتياطات المغرب المكتشفة حديثا من الغاز الطبيعي، وتقليص اعتماده على المنتجات البترولية، ومعالجة مشكلة الانقطاع الذي يميز الطاقات المتجددة مما يجعل الاعتماد عليها كليا أمراً غير ممكن.
وفي هذا الصدد، كانت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، قد أكدت في حوار سابق لها مع وكالة بلومبرغ الاقتصادية، أن المغرب يسعى إلى استثمار مايناهز 40 مليار دولار في قطاع الغاز خلال السنوات القليلة المقبلة.
وبررت الوزيرة هذا الاعتماد ب“استيعاب انقطاع مصادر الطاقة المتجددة”، مضيفة أن المغرب يهدف إلى إدخال المرونة في نظامه الطاقي، والاستعداد لظهور اقتصاد هيدروجيني جديد إلى جانب إنتاج الأمونيا والميثانول الأخضر.