story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
اقتصاد |

تقرير يحذر من موجة “بطالة تاريخية” في المغرب بعد مونديال 2030

ص ص

مع العد التنازلي لاستضافة المغرب كأس العالم 2030، تعيش البلاد على وقع دينامية غير مسبوقة، بين استثمارات ضحمة في البنيات التحتية، ومشاريع سياحية وعمرانية كبيرة، فضلاً عن حركية في قطاع البناء تعد بخلق مئات الآلاف من مناصب الشغل.

وفي ظل هذا الازدهار المرتبط بكأس العالم، يحذر تقرير استراتيجي حديث من إمكانية تحول “الازدهار المؤقت” إلى فقاعة تنفجر مباشرة بعد انتهاء الحدث، مخلفة وراءها آلاف العاطلين الجدد.

فقاعة المونديال

ودق المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة “ناقوس الخطر” في مرحلة وصفها بـ”الحرجة”، قال إنها “تجمع بين فرص واعدة ومخاطر بنيوية عميقة”.

وأوضح المركز في تقريره بعنوان “سوق الشغل المغربي: بين هشاشة الحاضر وفرص الغد”، أنه بينما يحتفي الاقتصاد بدينامية مرتبطة بالاستعدادات لتنظيم كأس العالم 2030، “تكشف نظرة فاحصة عن هشاشة مقلقة”.

كما حذر من أن استمرار الاعتماد المغربي على أوروبا قد يؤدي لموجة بطالة تاريخية بعد سنة 2030، مشيراً إلى أن التحديات الآنية قد تتحول إلى أزمة حادة في المدى المتوسط.

وينبع هذا التحذير من كون الاعتماد على أوروبا في الصناعة يجعل المغرب “رهينة سياساتها الحمائية والبيئية”، بحسب التقرير، الذي أكد على أن ازدهار كأس العالم “يخفي وراءه فقاعة قد تنفجر بعد عام 2030، تاركة آلاف العمال دون بدائل”.

دعوة لتحرك عاجل

“ماذا بعد المونديال؟” سؤال يطرحه المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية في معرض حديثه عن “ناقوس الخطر” وما يرتبط به من هشاشة على مستوى النموذج الاقتصادي والاعتماد على الخارج.

ويقول المركز: “لا شك أن تنظيم كأس العالم 2030 هو محفز اقتصادي هائل”، إذ تشير التقديرات إلى خلق حوالي 250 ألف وظيفة مؤقتة في قطاع البناء والأشغال العمومية، وحوالي 100 ألف وظيفة شبه دائمة في السياحة والضيافة.

لكن السؤال الحاسم الذي يجب طرحه اليوم، بحسب التقرير، هو: “ماذا بعد 2030؟”. ويرى أن هذا الازدهار “قد يكون ظرفيا فقط”، مشيراً إلى أنه بعد انتهاء الأوراش الكبرى، “سيجد قطاع البناء نفسه أمام فائض في اليد العاملة”.

وبعد انتهاء الحدث، قد يشهد قطاع السياحة هو الآخر “تباطؤاً إذا لم يتم بناء استراتيجية مستدامة لجذب الزوار”، بحيث أنه في حال عدم التخطيط من الآن لمرحلة ما بعد 2030 عبر برامج لتنويع الاقتصاد وتحويل المهارات، فإن المغرب يكون “قد خاطر بمواجهة أزمة بطالة حادة في صفوف عمال البناء والسياحة، مما قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية”.

ويشدد المركز البحثي على أن الاعتماد على أحداث ظرفية إلى جانب الاعتماد على أوروبا يشكلان ما سمّاه “كعب أخيل” سوق الشغل المغربي. وقال إن دق ناقوس الخطر اليوم “ليس تشاؤمًا، بل هو دعوة للتحرك العاجل لبناء نموذج اقتصادي أكثر استقلالية، وتنوعاً، واستدامة”.

ماذا بعد ناقوس الخطر؟

من أجل بناء مناعة ورؤية طويلة الأمد لصناعة المستقبل في مواجهة الهشاشة الحالية والتحديات المستقبلية، يقترح المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة خارطة طريق استراتيجية.

خطة استباقية لما بعد 2030 وتنويع الأسواق بشكل عاجل، هما أبرز مسارين يقترحهما التقرير على المدى القصير (من سنة إلى 3 سنوات)، مؤكداً على ضرورة دق ناقوس الخطر وبناء خطوط دفاع قوية.

وأوضح التقرير أن تشكيل لجنة وطنية تضم القطاعين العام والخاص إلى جانب خبراء مستقلين، من شأنه أن يضع استراتيجية واضحة لتحويل واستيعاب العمالة في قطاعي البناء والسياحة بعد انتهاء ذروة أشغال كأس العالم، مع التركيز على مشاريع البنية التحتية الخضراء وصيانة المدن.

أما في ما يخص تنويع الأسواق، فيؤكد المركز على ضرورة إطلاق “دبلوماسية اقتصادية مكثفة” لتوقيع اتفاقيات تجارية جديدة، وتخفيف الاعتماد على السوق الأوروبية، مع التوجه نحو إفريقيا والشرق الأوسط والأمريكيتين.

وعلى المدى المتوسط، أي بين أربع وعشر سنوات، يدعو المركز إلى إصلاح شامل لقانون الشغل، من خلال صياغة قانون جديد يعترف بتعدد أشكال العمل ويوفر حقوقًا اجتماعية متنقلة تتبع العامل أينما ذهب، بدلاً من أن تكون مرتبطة حصريًا بالوظيفة.

كما يقترح إعادة هيكلة منظومة التكوين المهني لتواكب حاجيات الصناعة الخضراء والرقمية، وتعميم تدريس المهارات الرقمية والتفكير النقدي في مختلف مراحل التعليم.

أما على المدى الطويل، أي ما بعد عشر سنوات، فيحث المركز على ضرورة صناعة نموذج مجتمعي جديد، عبر تجريب نماذج للدخل الأساسي الموجَّه من خلال إطلاق مشاريع رائدة تستهدف فئات محددة، مثل الشباب والعمال في القطاعات المتأثرة بالأتمتة، وذلك لتقييم جدواها كأداة مستقبلية.

كما يدعو إلى استكشاف صيغ جديدة لتنظيم وقت العمل عبر تشجيع الحوار الاجتماعي بشأن تقليص أسبوع العمل إلى أربعة أيام، باعتبارها وسيلة لتقاسم ثمار الإنتاجية وتحسين جودة الحياة.

ويخلص التقرير إلى التأكيد على ضرورة بناء منظومة وطنية للتعلم مدى الحياة، تضمن لكل مواطن الحق والوسائل لتحديث مهاراته بشكل مستمر طوال مساره المهني.