تقرير: تعليق المساعدات الأمريكية يهدد برامج مكافحة الإيدز في المغرب

سلط تقرير حديث صادر عن برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز (UNAIDS) الضوء على التأثير المباشر لتعليق المساعدات الخارجية، التي كانت تقدمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، على الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في المغرب، حيث أدى ذلك إلى تراجع التمويل المخصص لعدد من المشاريع الاجتماعية الأساسية.
ووفقًا للتقرير، تعتمد العديد من الجمعيات المغربية على الدعم المالي الذي توفره الوكالة الأمريكية، مما يجعل تعليق هذه المساعدات تهديدًا حقيقيًا لاستمرارية المشاريع المتعلقة بالتعليم، وتمكين المرأة، والتنمية الريفية، والصحة. ونتيجة لذلك، قد تتراجع الجهود المبذولة في هذه المجالات، مع احتمال توقف بعضها بشكل كامل بسبب غياب التمويل.
وكانت برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (VIH) من بين أكثر البرامج المتضررة جراء هذا القرار، بحيث تعتمد بشكل أساسي على تمويل وكالة التنمية الأمريكية، إذ أوضح التقرير أن “هذه البرامج، التي تنفذها منظمات محلية، تواجه خطر التوقف، كما أن المشاريع التي تدعمها مؤسسة “تحدي الألفية”، وهي مبادرة أمريكية نشطة في المغرب منذ أكثر من 15 عامًا، قد تتأثر أيضًا”.
وفي السياق ذاته، يعد “قطاع الصحة من أكثر المجالات تأثرًا بهذا القرار، إذ كانت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) داعمًا رئيسيًا لمبادرات الوقاية الصحية، بما في ذلك مكافحة الأمراض المعدية، وتعزيز الصحة الإنجابية، وحماية الفئات الهشة، وبالتالي، فإن تعليق التمويل سيؤثر بشكل مباشر على حملات التلقيح وبرامج الوقاية، مما قد ينعكس سلبًا على الصحة العامة في المغرب، خاصة بالنسبة للفئات الأكثر عرضة للمخاطر”.
كما أشار التقرير إلى أن الدعم الفني الذي يوفره برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز (UNAIDS) مهدد بالتراجع بسبب تعليق هذه المساعدات، وهو ما قد يؤدي إلى تعطيل برامج يمولها الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز، والتي تستهدف الفئات الهشة مثل المهاجرين واللاجئين، مضيفا أن المبادرات التي يشرف عليها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، قد تتأثر كذلك.
وبالإضافة إلى الأزمة التمويلية التي تواجهها البرامج الصحية، أوضح المصدر ذاته، أن المغرب لا يزال يواجه تحديات في تحقيق أهداف 95-95-95 المتعلقة بعلاج فيروس نقص المناعة البشرية، إذ تعاني بعض الفئات، خاصة الأطفال والنساء، من ضعف التغطية العلاجية بمضادات الفيروسات القهقرية.
وعلى مستوى التمويل، أكد التقرير أن المغرب، مثل العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يعاني من عجز مالي كبير في تمويل الجهود المخصصة لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز)، مشيرا إلى أن هذا العجز يبلغ 85% من الميزانية المطلوبة لتحقيق الأهداف المحددة لعام 2025، مما يعني أن التمويل الحالي لا يغطي سوى 15% فقط من الاحتياجات اللازمة.
ومن بين المبادرات التي تواجه خطر التوقف، أورد التقرير “برنامج دعم الاستجابة لزلزال الحوز”، الذي تم تمويله سابقًا من قبل الوكالة الأمريكية بالشراكة مع اليونيسيف، إلى جانب برامج دعم المهاجرين، والمشاريع التعليمية الموجهة للأطفال في وضعيات صعبة، والشباب المعرضين لخطر التسرب المدرسي، التي أصبحت كلها مهددة بسبب تعليق هذه المساعدات.
وفي هذا الإطار، أطلق فريق الأمم المتحدة القُطري مشاورات داخلية لتقييم مدى تأثير هذا القرار على برامجه المختلفة، في انتظار مزيد من التفاصيل حول سبل التعامل مع المستجدات، خاصة أن تداعيات القرار الأمريكي لم تقتصر على الجمعيات والمنظمات غير الحكومية فحسب، بل امتدت أيضًا لتشمل مشاريع حكومية مدعومة من قبل منظومة الأمم المتحدة في المغرب.
ووصف التقرير الأممي هذا الوضع بأنه “فراغ مالي يصعب ملؤه”، مشيرًا إلى أن “الجمعيات المتضررة تسعى جاهدة للبحث عن مصادر تمويل بديلة، غير أن العثور على مانحين جدد يمثل تحديًا كبيرًا، نظرًا لأن عمليات تأمين تمويل بديل تستغرق عادةً وقتًا طويلاً، مما يجعل الفجوة المالية الناتجة عن تعليق المساعدات الأمريكية تحديًا صعب التجاوز على المدى القصير”.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلنت عقب تنصيبه رئيسا لأمريكا في يناير المنصرم، أنها ستلغي أكثر من 90% من عقود المساعدات الخارجية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية و60 مليار دولار من المساعدات الأمريكية حول العالم.
وتتضمن مذكرة تفاصيل داخلية نتائج مراجعة مدتها 90 يوما أمر بها ترامب لجميع الأموال التي قدمتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية لأعمال التنمية والمساعدات في الخارج.
وأفاد بيان للخارجية الأمريكية حينها، أن “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية حادت منذ فترة عن مهمتها الأصلية، المتمثلة في تعزيز المصالح الأمريكية في الخارج بشكل مسؤول “، مضيفا أن جزءا هاما من تمويل هذه الوكالة “لا يتماشى مع المصالح الوطنية الأساسية للولايات المتحدة”.