تقرير أمريكي: “اتفاقية التجارة مع المغرب لم تحقق مستويات النمو المتوقعة”
سلط تقرير حديث لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الضوء على نتائج اتفاقية التجارة الحرة التي تجمع المغرب مع الولايات المتحدة الأمركية وذلك بعد مرور عقدين تماما على توقيعها في غشت من سنة 2004، معتبرا أنه على الرغم من عدم تحقيقها لـ”مستويات النمو الاقتصادي المتوقعة”، إلا أن واشنطن لا زال في مقدورها “استخدامها لتعزيز العلاقة الثنائية، وتشجيع الإصلاح، وفتح أسواق أخرى في إفريقيا”.
وأوضح التقرير الصادر عن المعهد الأمريكي المتخصص في دراسات الشرق الأوسط، أنه منذ تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمغرب، زاد إجمالي التجارة الثنائية بأكثر من أربعة أضعاف، من حوالي 1.3 مليار دولار في عام 2006 إلى 5.5 مليار دولار في عام 2023، مسجلا في الوقت ذاته وجود “اختلال تجاري متزايد” بسبب ارتفاع العجز التجاري للمغرب مع الولايات المتحدة، حيث انتقل الرقم من أقل من مليار دولار سنة 2006 إلى ما يناهز 1.8 مليار سنة 2003، مما يدل على “أن الإمكانيات الاقتصادية الكاملة لاتفاقية التجارة الحرة لم تتحقق بعد”.
وأشار التقرير أيضا إلى الإمكانيات التي يطرحها توجه المملكة إلى الأسواق المتخصصة من خلال صناعة بطاريات المركبات الكهربائية، معتبرا أن اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمغرب من المفترض “نظريا أن تعزز الاستثمار في هذا القطاع، بما في ذلك من أطراف ثالثة تتطلع للاستفادة من الوصول إلى الأسواق الأمريكية”، خصوصا في ظل قانون خفض التضخم لعام 2022 الذي يحفز المستثمرين الأمريكيين على تمويل الصناعات التي تقلل الكربون مثل بطاريات المركبات الكهربائية، خاصة مع الدول التي وقعت اتفاقيات تجارة حرة ثنائية.
في المقابل، أبرز التقرير أن الوجود الصيني المتزايد في المغرب في “الاستثمارات الخضراء” المعلنة، بدءًا من تصنيع المركبات الكهربائية إلى مشاريع الهيدروجين الأخضر، “يفسر تردد واشنطن في تشجيع مستثمريها على الاستثمار بقوة في المغرب”، حيث تقود الصين الزيادة في الاستثمارات الخضراء بالمغرب في حين لا يتجاوز الرأس المال الأمريكي 1 بالمائة فقط.
التقرير أبرز أيضا أنه من المفترض أن تدفع اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمغرب الرباط نحو إصلاحات داخلية من شأنها أن تفتح أسواقها بشكل أكبر وتعزز نموها الاقتصادي، مشيرا إلى أنه على الرغم من الإصلاحات التي قام بها المغرب في نظامه التجاري، إلا أن المستثمرين الأمريكيين يتخوفون من تأخر بعض الإصلاحات كالحضور الكبير للدولة في بعض الصناعات الرئيسية (مثل الفوسفات)، والوصول غير المتكافئ إلى الائتمان، بالإضافة إلى ارتفاع مؤشرات الفساد.
في ذات السياق، تابع التقرير أنه رغم بعض التحسينات في مؤشرات التنمية البشرية على مدار العقود الماضية، لا تزال معدلات محو الأمية والتوظيف في المغرب منخفضة نسبياً، “مما يعكس نظامًا تعليميًا لم ينجح في إعداد قوة عمل عالية المهارة أو دعم سوق عمل ديناميكي”.
وخلص المصدر إلى أن “اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمغرب قد خدمت المصالح السياسية والاستراتيجية أكثر من الاقتصادية”، مضيفا أنه بالنظر إلى القطاعات الاستراتيجية التي اختارت المغرب تطويرها، “قد لا تحقق الاتفاقية أبداً إمكاناتها الكاملة، ومن غير المحتمل إعادة التفاوض عليها لمعالجة القضايا الاقتصادية الثنائية المستمرة نظراً لسياسات الاقتصادية التي باتت الحكومة الأمريكية تتبناها لحماية الصناعات المحلية من المنافسة الخارجية”.
ودعا التقرير الولايات المتحدة التجارة للاعتماد على التجارة لدعم النمو الاقتصادي في المغرب من خلال التركيز على صناعات مثل التصنيع الخفيف، الذي يمكن أن يساعد في خلق وظائف جديدة، خاصة للنساء، كما طالبت واشنطن والدول الناطقة باللغة الإنجليزية الأخرى بالعمل على توسيع فرص التدريب اللغوي مع المغرب لتحقيق فوائد اقتصادية متبادلة، خاصة في ظل قرار المملكة السابق بتعزيز تعليم اللغة الإنجليزية.