تفويت أصول مستشفيات عمومية يجر وزير الصحة للمساءلة البرلمانية
أثار إقدام وزارة الصحة على تفويت أصول تلاث مستشفيات بجهة طنجة تطوان الحسيمة لفائدة مؤسسات تابعة للقطاع الخاص، انتقادات واسعة سواء من قبل المعارضة البرلمانية أو من قبل النقابات والجمعيات.
سؤال كتابي وتقييم للحصيلة الحكومية
وانتقدت المعارضة البرلمانية ممثلة في حزب العدالة والتنمية هذه الخطوة، حيث تقدمت سلوى بردعي عضو المجموعة النيابية لهذا الحزب بمجلس النواب، بسؤال كتابي، حول الموضوع، أثارت من خلاله المخاوف حول مصير شريحة عريضة من المواطنين الفقراء، الذين قد يجدون أنفسهم مقصيين من العلاج الذي يعتبر حقا دستوريا.
وتساءلت النائبة البرلمانية في نفس السياق، عن الدوافع التي جعلت وزارة الصحة تقدم على خوصصة مستشفيات عمومية (مستشفى سانية الرمل بتطوان ومستشفى للامريم بالعرائش ومركز صحي بطنجة)، وهي المستشفيات التي تؤدي خدمات مهمة للمواطنين ولفئة واسعة من المغاربة تؤكد النائبة.
وذلك بعد أن أقدمت الوزارة تضيف نفس النائبة على مراسلة مديرية التجهيزات والصيانة بالوزارة نفسها، تطلب منها اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل ولوج أصحاب المستشفيات الجدد إلى عقاراتهم وممتلكاتهم.
وطالب حزب العدالة والتنمية من خلال وثيقة تقييمه للحصيلة النصفية لعمل الحكومة، والتي قام بتعميمها أمس التلاثاء 16 أبريل2024، الوزارة بالتوقف عن بيع أصول الدولة دون إطار قانوني يضمن الشفافية وقواعد الصرف.
النقابات وموقف الرفض المبدئي
وعبرت النقابات بدورها، من خلال بياناتها عن موقف رافض لهذه العملية، حيث قالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، إن لوبي الخصخصة يقوم بمحاولات لعرقلة أية بوادر لإصلاح عميق لقطاع الصحة العمومي، ودفعها في اتجاه احتكار القطاع من طرف مجموعات مالية كبرى تحوم حولها العديد من التساؤلات والتي تسعى إلى بسط هيمنتها على “السوق الصحية”، التي أصبحت بقرة حلوب بعد العمل على تعميم التغطية الصحية”.
وهو الموقف ذاته الذي عبرت عنه الفيدرالية الديمقراطية للشغل من خلال بلاغ لها ، حيث وصفت الأمر ب” الخطير” معتبرة إياه “خطوة أحادية وانفرادية تنم عن حجم الجشع والتغول الاقتصادي.
وتحدثت النقابة ذاتها عما أسمته “التناقضات والمناورات المفضوحة بين الشعارات والممارسة السياسية داخل الحكومة ذات التوجه الليبرالي الرامي إلى التخلي التدريجي عن القطاع الصحي، وخدماته الحيوية التي تعتبر أساس الدولة الاجتماعية”، قائلة بـأنها “ستتصدى بقوة” لهذه الخطوة.
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
موقف الجمعيات الحقوقية، سيعبر عنه بقوة، وقد عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بدوره عن استنكاره لعملية تفويت أصول مستشفيات عمومية للخواص، حيث بسط العديد من الإشكالات المرتبطة بتفويت هذه المستشفيات للقطاع الخاص.
واعتبر غالي، أن هذا التفويت سيطرح إشكالية صيانة هذه المؤسسات الحيوية التي تقدم خدمات مرتبطة بصحة المواطنين، وذلك في حال ما إذا رفضت هذه الشركات صيانة هذه المستشفيات، مما سيكون للأمر أثر سلبي وخطير على صحة نزلاء هذه المستشفيات.
وأشار الفاعل الحقوقي، إلى أن مشكل تفويت هذه المستشفيات، سيطرح قضية تدبير العقارات المقامة عليها هذه المستشفيات، حيث أن إمكانية استغلال هذه الشركات لحدائق هذه المستشفيات لإقامة مشاريع استشفائية خاصة، يبقى أمرا واردا، وذلك بالنظر يؤكد غالي، إلى أن هذه العقارات، أولا وأخيرا هي في ملكية هذه الشركات.
وأوضح رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، استحواذ هذه الشركات الخاصة على عقارات المستشفيات، سيمكنها من قدرات اقتراضية مهمة، وذلك من خلال تقديم هذه العقارات كضمانات من أجل الإقتراض، مما يطرح معه سؤال، يضيف نفس المتحدث، مصير هذه العقارات، في حال ما إذا عجزت هذه الشركات على سداد قروضها.
الشركات المستفيدة من التفويت
وكانت وزارة الصحة قد قامت بتفويت كل من مستشفى لالة مريم في العرائش، والمستشفى المدني سانية الرمل بتطوان، ومركز صحي آخر يتواجد بإقليم طنجة، بمقابل مالي لفائدة “سي إم إر ستون” (OPCI CMR MF Stone) ممثلة بشركة “التجاري ريم” (Attijari REIM)، إلى جانب هيئة توظيف ثانية تحت اسم “أوريزون ريل إستايت” (Horizone Real Estate)، تمثل شركة “أجاري أنفست”.
ويذكر أن “سي إم إر ستون” هي هيئة توظيف جماعي للقيم المنقولة وذراع استثمارية للصندوق المغربي للتقاعد (CMR)، في حين أن هيئة “أوريزون ريل إستايت” المحدثة بشراكة بين مؤسسة عمومية ومؤسسة بنكية.