تفكيك الخلايا الإرهابية.. شماعو يستحضر محاكمات أحداث 16 ماي الأليمة

أعادت عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية من طرف الأجهزة الأمنية بالمغرب، في الأيام الأخيرة، إلى الأذهان الأحداث المأساوية التي عاشتها مدينة الدار البيضاء سنة 2003، عقب الهجمات الإرهابية التي استهدفت عددا من الأماكن بالمدينة مخلفة عددا كبيرا من القتلى وخسائر مادية فادحة فضلا عن حالة الصدمة التي عاشتها الدولة بسبب هذه الأحداث وما تبعها من تداعيات.
وقد تلى هذه الأحداث الأليمة حملة اعتقالات واسعة ومحاكمات صعبة، في حق المتهمين الرئيسيين والمشتبه فيهم، القادمين من مناطق مختلفة من المغرب، والذين صدرت في حقهم أحكاما قاسية بالنظر لفظاعة الجرائم التي ارتكبت ذات ليلة دافئة من ليالي شهر ماي سنة 2003.
وفي هذا السياق، يتذكر المحامي والناشط الحقوقي محمد شماعو بوضوح هذه الأحداث الأليمة التي عايشها من داخل قاعات المحكمة.
يقول المحامي محمد شماعو أثناء حلوله ضيفا على برنامج “من الرباط” الذي يبت على منصات صحيفة “صوت المغرب”، “كانت هناك أعداد كبيرة من المعتقلين، قادمين من مناطق مختلفة، وكان أثر العنف واضحًا عليهم. كانوا صغارًا جدًا في السن، وحتى ظروف التصفيد كانت قاسية. تلك الصورة كانت صعبة ومؤلمة للغاية”.
وأضاف المتحدث، أنه “كان هناك تعذيب، وكان هناك تعسف، ولم يكن هناك احترام للقانون”، موضحا أن “الحق في الدفاع لم يكن موجودًا حينها”.
“عندما تابعت الملف في ذلك الوقت، كان النقيب عبد الرحمان بن عمر – أطال الله عمره – موجودًا، بالإضافة إلى محامين آخرين، كنت أتنقل بينهم، وأسمع الأحاديث حول الوضع الحقوقي. سواء داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أو داخل منظمة العفو الدولية، كنا نتحدث عن هذه الأوضاع التي كانت مرعبة”، يصف المحامي والحقوقي محمد شماعو سياق تلك المرحلة السوداء من تاريخ المغرب الحديث.
وفي حديثه عن معالجة “التجاوزات الحقوقية” التي وقعت أثناء صدور الأحكام في حق المتابعين حينها، أوضح شماعو أن بعض هذه القضايا تم التعامل معها عبر العفو، وبعضها عولج عبر المصالحة مع من بقي حيا، وبعضها الآخر تم حله بطرق أخرى، مبرزا أنه “حتى الأحكام الصادرة في المرحلة الابتدائية كانت قاسية جدًا، لكن مع مرور الوقت، تم تصحيح بعض هذه الأمور”.
وأشار المتحدث إلى أنه في تلك المرحلة، لم تكن هناك مؤسسات حقوقية تلعب أدوارًا رقابية فعالة، ولم يكن هناك حديث عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، “لأنه في ذلك الوقت كان مجرد هيئة استشارية، ولم يكن له الدور الرقابي الذي نعرفه اليوم”.
وأضاف أنه “حتى الجمعيات الحقوقية لم يكن لها دور في الرقابة على العمل القضائي أو الاعتقالات، وكان هناك نوع من خنق الحريات. كان المعطى الأمني هو المسيطر بشكل كامل”.
وفي هذا السياق، قال شماعو إن الوضع الحقوقي في تلك اللحظة التي تزامنت مع بداية مشواره المهني كمحامي بهيئة الرباط كان محفزا له، “لمواجهة التحديات في أصعب اللحظات”، موضحا أنه “عندما كنت أشاهد الظلم والجور، كنت أزداد قوة. ربما أجد نفسي في مواجهة هذا الجور، وأصرح به علنًا”.
وأبرز المتحدث أن العمل الحقوقي كان بمثابة درع يحمي مهنة المحاماة، “كانت مهنة المحاماة مرتبطة بالنضال الحقوقي بكل معنى الكلمة. لم يكن الأمر يقتصر على العمل داخل المحكمة فقط، بل كان يشمل أيضًا النشاط داخل الجمعيات الحقوقية والمشاركة في الوقفات الاحتجاجية المناهضة للتعذيب، مثل تلك التي كنا نقيمها في شارع محمد الخامس” يضيف شماعو.
ويتذكر المحامي محمد شماعو في هذا الجانب، الاعتداءات التي كانت تطال عددا من المحامين والحقوقيين وواقع الحقوق والحريات بشكل عام، “كنت أجد إلى جانبي شخصيات بارزة مثل النقيب عبد الرحمان بن عمر، الذي كان رمزًا من رموز النضال، هذه الاعتداءات كانت ضد الحريات، وكان الأمر واقعًا، لكن كانت هناك جبهة مقاومة، وهذه الجبهة كانت على حق”.
واستطرد قائلا: “لا نتحدث عن واقع خيالي، بل جبهة كانت على حق، لأنه فيما بعد، عندما بدأت الحركة الحقوقية تأخذ مسارها، ظهرت آليات مناهضة التعذيب وآليات الرقابة وهيئة الانصاف والمصالحة، وبدأ يتضح أن هناك نقصًا لدينا، وأننا كنا نعيش في حالة من الفوضى، ولكن هذا لا يعني أن الوضع الحالي أصبح سليمًا”.
لمشاهدة الحوار كاملا، يرجى الضغط على الرابط