تعادل بخلاصات مفيدة
كل المعطيات كانت تشير إلى أن مباراة المنتخب الوطني المغربي ضد منتخب الكونغو الديموقراطية، ستكون أصعب من المباراة الأولى التي كسبتها العناصر الوطنية بسهولة وبكامل الهدوء والثقة، فالمعطى المناخي، واللعب في الثانية ظهرا، وقوة الخصم الكونغولي، كانت تشير إلى أن امتحانا عسيرا ينتظر وليد الرݣرأݣي ولاعبيه من أجل الدخول الحقيقي في المنافسة.
لكن معطيات الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية لا يمكن أن نبقيها بأي حال من الأحوال سببا وحيدا لهذا الظهور الباهت في ثاني مباريات المجموعة، لأنه لم يكن مفاجئا، والكل كان ينتظره ويتخوف منه، ومن المفروض أن توضع جميع الاستعدادات، وتجهز جميع الحلول لمواجهته، وطريقة التعامل مع هذه الأجواء هي التي تحدد قدرة أي منتخب على الذهاب بعيدا في هذه المنافسة الإفريقية المتعبة.
صحيح أننا لم ننهزم وربحنا نقطة من مواجهة صعبة، والتأهل إلى الدور الثاني كان هو الهدف الذي أصبحنا أقرب إليه بعد جمع أربع نقاط، ولكن مواجهة الكونغو الديموقراطية أعطتنا الكثير من الخلاصات والدروس التي يجب أن نستفيد منها في مواجهاتنا القادمة التي بلا شك ستكون أصعب بكثير.
أول الدروس التي خرج بها الفريق الوطني من هذه المواجهة “الساخنة”، هي ضرورة استغلال أنصاف الفرص في بداية المباريات الإفريقية، لتسجيل الأهداف واللعب بارتياح وبثقة أفضل بعد ذلك، لأن مباراة الأمس كانت نقطة التحول فيها هي عندما ضيع النصيري فرصتين سانحتين للتسجيل، كانتا من الممكن أن نقتل بهما المباراة بشكل مبكر جدا، ونلعب بقية الدقائق بأريحية كبيرة، بالإحتفاظ بالكرة وإنزال الإيقاع ودفع الكونغوليين إلى استنزاف طاقتهم البدنية بالضغط العالي لاستخلاص الكرة.
ثاني الدروس هو عندما نلعب في ظروف مناخية صعبة كالتي لعبنا فيها أمس، من المفروض تكثل اللاعبين بشكل متقارب، وعدم ترك المساحات بين الخطوط، لاقتصاد المجهود البدني، وعدم ترك الفراغات لاعبي الخصم لتسلم الكرة، ولعب التمريرات في ظهر المدافعين، وشاهدنا كيف تم التخلي عن محمد الشيبي لوحده في مساحة كبيرة ليواجه تسربات الكونغوليين، في غياب مساندة الجناحين بوفال وبعده الزلزولي وأيضا العميد سايس، ولقطة هدف التعادل تؤكد هذا الخطأ الفادح في تمركز اللاعبين.
ثالث الدروس هو ضرورة عدم المراهنة في جميع المباريات على المثلث الاعتيادي لحكيمي-زياش-أوناحي في صناعة الهجمات من الجهة اليمنى، لأن مباراة أمس عرفت مجازفة مستمرة بصعودهم للهجوم، وعدم قدرتهم على الرجوع إلى الخلف عند ضياع الكرة، بسبب استنزاف مخزونهم البدني، مما أدى إلى لعب كرات كثيرة في ظهر حكيمي كانت لحسن الحظ تجد تغطية جيدة من نايف أكرد وسفيان أمرابط.
رابع الدروس هو ضرورة استغلال التغييرات بشكل ذكي لتصحيح الوضع، وإدخال البدائل القادرة على إعادة امتلاك مفاتيح المباريات برسمٍ تكتيكي بديل، لأن دخول عناصرنا الاحتياطية أمس كان من باب تبديل لاعب “تسالا” بدنيا بلاعب آخر في نفس المركز، دون تغيير لطريقة 4-1-4-1 التي أصبحت في فترة ما من المباراة “ما واكلاش” ، على عكس تغييرات الخصم التي أضافت له كثرة عددية في خط الهجوم، والدليل هو أن صاحب تمريرة الهدف، ومسجله أيضا هما لاعبين احتياطيين.
خامس الدروس هو ضرورة الاستفادة من العناصر التي تتوفر على بنية جسدية قوية، والقادرة على ربح النزالات الثنائية مع الأفارقة، والذين باستطاعتهم مقاومة الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية، فليس كل لاعب يصلح لكل المباريات في كأس إفريقيا، ومباراة الكونغو الديموقراطية كان من الممكن أن نرى فيها يونس عبد الحميد واسماعيل الصيباري على سبيل المثال.
على العموم كانت مباراة الكونغو الديموقراطية امتحانا عسيرا لاشك أنه أفاد الناخب الوطني وليد الرݣراݣي ولاعبيه كثيرا، وخرجوا منه بأخف الأضرار، وبكثير من الخلاصات المفيدة التي سيتم استحضارها في المباريات المقبلة، فطريق اللقب الإفريقي ليس مفروشا بالورود، ولا محاطا بـ”الدقايقية”، وشخصية البطل تكتَسب بالأخطاء وتصحيحها في الوقت المناسب، وأعتقد أن أولادنا ومدربهم في الكوت ديفوار لهم من القدرة والذكاء والاحترافية الكافية لتقويم مسارهم بعد المرور إلى الدور الثاني.