story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

“تطيح بالحكومة في بلد ديمقراطي”.. حقوقيون يستنكرون المعاملة اللا إنسانية “للشباب العراة”

ص ص

خلفت الصور التي تسربت على إثر أحداث “الهروب الجماعي” نحو مدينة سبتة المحتلة، بتاريخ الأحد 15 شتنبر 2024، وأظهرت شباباً مغاربة مرشحين للهجرة في حالة وصفها مراقبون بـ “اللا إنسانية”، استياء واسعاً في صفوف المواطنين والأوساط الحقوقية في الوقت الذي أعلن فيه الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف في تطوان فتح تحقيق قضائي بشأنها بعد تأكيد سلطات الفنيدق أنها “حقيقية لكنها تعود لأيام خلت”.

“عذر أقبح من زلة”، هكذا عبرت خديجة عيناني نائبة رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن استنكارها لأوضاع الشباب الذين يوجد ضمنهم قاصرون وتبرير سلطات العمالة لخلفياتها، وقالت في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” إن تداول مثل هذه المشاهد في بلد ديمقراطي “من شأنه الإطاحة بالحكومة والبرلمان ومساءلة المسؤولين الفعليين عن هذه الوضعية”.

ممارسات مهينة

وأضافت عيناني أنه “كيفما كانت الظروف والأحوال فهناك ممارسات مهينة وحاطة من الكرامة الإنسانية توثقها الصور، بما في ذلك الوضعية التي كانوا عليها شبه عراة”، مشددة على أنها “مسألة مستفزة للجسم الحقوقي والشعب المغربي، الذي يتابع كيف تعامل سلطات بلاده المواطنين، خاصة وأن الأمر يتعلق بقاصرين”.

وانتقدت الناشطة والمكلفة بملف الهجرة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان صمت الحكومة تجاه ما وقع وكأن الأحداث “جرت في جزيرة خارجية نائية”، مشيرة إلى أن هذه الصور أصبحت “وصمة عار وفضيحة دولية بالنسبة للدولة المغربية بعدما جابت العالم بأسره”، داعية إلى الكف عن ترويج نظرية المؤامرة باعتبار أنه يوجد من يريد تأجيج الأوضاع داخل المغرب، “والتي هي مؤججة أصلاً بشكل كبير كما يمكن أن تنفجر في أي وقت”، تقول المتحدثة.

وطالبت خديجة عيناني بالحرص على أن يصل التحقيق الذي أمر الوكيل العام للملك بمدينة تطوان بفتحه إلى نتيجة ما، “وأن يكون نزيهاً وجدياً وعميقاً يحاسب المسؤولين عن هذه المأساة وليس من سرب الصور”، داعية إلى ضرورة محاسبة من أوصل الشباب لهذا الوضع “ومن اعتدى عليهم وعنفهم، ومن حطم كرامتهم بهذا الشكل”.

وتساءلت “كيف ستحترم دول أخرى المغاربة بينما يعاملون في وطنهم بهذا الشكل؟” لهذا، تضيف المتحدثة ذاتها “يجب أن تقوم الدولة بدورها ومحاسبة المسؤولين عن هذا الوضع”.

مساساً خطيراً بالكرامة الإنسانية

من جهته، يرى محمد النويني المحام والباحث في القانون الإنساني الدولي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن ما وثقته تلك الصور “يشكل مساساً خطيراً بالكرامة الإنسانية وبالسلامة الجسدية المحمية بمقتضى الدستور المغربي في فصله الثاني والعشرين”، وذلك إذا خلص التحقيق القضائي إلى كونها “تعود لأحداث تخص عمليات توقيف واعتقالات قامت بها الأجهزة الأمنية بمدينة الفنيدق ونواحيه، في مواجهة شباب قاصر كان يهم بالهجرة الجماعية إلى سبتة السليبة، بغض النظر عن تلك الصور المتداولة هل هي قديمة أم حديثة”.

وينص الفصل المذكور من الدستور المغربي على أنه “لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية، أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية، وأن ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون”.

وتمنى النويني أن تكون المشاهد غير صحيحة كونها تمس بالحكامة الأمنية التي تنشدها الأمم الديمقراطية، “والتي تعتبر معياراً رئيسياً من معايير التحول الديمقراطي”، إذ لا يمكن تصور حدوث هذا التحول في أي مجتمع، يضيف المتحدث ذاته “دون أن تطال بنياته الأمنية تغييرات جوهرية، لضبط تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطنين، بحسب ما تقتضيه القوانين وما تفرضه المواثيق الدولية التي تنظم مجال الاحتكاك بين قوات الأمن والمواطن”.

وهذا ما ذهبت إليه المادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، يقول المحام في هيأة الدار البيضاء، الذي أشار إلى أنها “لا تجيز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة”، ونفس الوضع يتعلق بمقتضيات المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان “التي تؤكد نفس الحق والمبدأ الأصيل”.

قوة الدولة.. في قوة أخلاقها

ويشدد محمد النويني وهو رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان على أن “قوة الدولة وأجهزتها تكون في قوة أخلاقها وقيمها وصيانتها لكرامة وإنسانية مواطنيها”، لافتاً إلى أن دولة الحق “هي دولة القانون والمؤسسات، التي تجمع السياسة والأخلاق، والقوة والإقناع، في حين تبقى دولة الاستبداد معزولة عن الناس، وهذا ما يجعلها هشة ومعرضة دوما للفردانية والتسلط كما يراها المفكر المغربي عبد الله العروي” يضيف المتحدث.

ويلفت النويني إلى أن دولة الحق هي صيغة قانونية قائمة على القانون والحق الخاضعين لمبدأ احترام الشخص “باعتباره وازعاً لضمان الحريات ومراعاة الكرامة الإنسانية، والعمل تبعاً لذلك على تجنب ومناهضة كل ما من شأنه أن يخل بهذا المبدأ من ظلم وطغيان وتعسف وعنف”.

يذكر أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان أعلن، الثلاثاء 17 شتنبر 2024، أن النيابة العامة أمرت بفتح بحث قضائي بخصوص تداول بعض مواقع التواصل الاجتماعي لصور بعض الأشخاص بلباس السباحة يجلسون على الأرض و بعضهم الاخر قبالة حائط اسمنتي.

فتح بحث قضائي

وقال الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بتطوان في بلاغ إن النيابة العامة أمرت بفتح بحث قضائي في الموضوع للوقوف على مدى صحة هذه الوقائع وخلفيات نشر تلك الصور، عهد به للفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

وخلص البلاغ إلى أنه، سيتم ترتيب الآثار القانونية اللازمة على ذلك فور انتهاء الأبحاث مع إشعار الرأي العام بنتائجه.

يأتي ذلك، في إطار التفاعل مع الصور والمقاطع التي جرى تداولها، منذ الإثنين 16 شتنبر 2024، على مواقع التواصل الاجتماعي والتي توثق لأشخاص نصف عراة يجلسون على الأرض بمحاذاة مركبات للقوات المساعدة أو قبالة حائط إسمنتي.

وقد كشفت مصادر محلية بعمالة المضيق الفنيدق أن الصور التي جرى تداولها مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي والتي توثق لأشخاص نصف عراة يجلسون على الأرض بمحاذاة مركبات للقوات المساعدة أو قبالة حائط إسمنتي “هي مقاطع مصورة قديمة تعود لعدة أيام خلت، خلال تمكن القوات العمومية من إحباط عملية هجرة غير مشروعة سباحة نحو ثغر سبتة المحتل”.

وأضافت أنه تم حينها إنقاذ المهاجرين وانتشالهم من مياه البحر، “وهو ما يفسر ظهور هؤلاء الأشخاص شبه عراة إلا من ملابس السباحة التي كانوا يرتدونها حين ضبطهم من قبل القوات العمومية”، بينما شككت في حقيقة الصورة الثانية التي تظهر جلوس أشخاص حيال حائط إسمنتي، معربة عن عدم يقينها حتى من كون الصورة ذات صلة بأحداث جرى تسجيلها بالمغرب.

وتعرف مدينة الفنيدق ومختلف السواحل الشمالية للمملكة “نزوحا” جماعيا لمئات الشباب الذين يريدون الهجرة بطريقة غير شرعية نحو مدينة سبتة المحتلة سباحة وعبر تجاوز السياج الحدودي، منذ مساء السبت 14 شتنبر، رافقه إنزال أمني مكثف لإحباط هذه العملية، التي دعت إليها حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، محددة تاريخ تنفيذها يوم الأحد المنصرم، الموافق لـ 15 شتنبر 2024.