تسببت إحداها في مقتل مواطن.. تنامي اعتداءات المرضى النفسيين يثير القلق

قال وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، إن السلطات المحلية بمختلف عمالات وأقاليم المملكة تعمل، بتنسيق مع مختلف المتدخلين، على إيقاف الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية وإحالتهم على المؤسسات الاستشفائية المختصة لتلقي العلاج، موضحا أنه “يتم في هذا الإطار تنظيم حملات دورية، سواء راجلة أو ثابتة، في المناطق التي يرتادها المواطنون والسياح”.
وفي جواب قدمه الوزير للنائبة البرلمانية خديجة أورهال عن فريق التقدم والاشتراكية، حول ظروف وملابسات مقتل مواطن على يد مختل عقلي بمدينة تارودانت، كشف لفتيت أن عدد القضايا المنجزة سنة 2023 بلغ ما مجموعه 246 قضية تم بموجبها إيقاف 254 شخصا.
وفيما يتعلق بسنة 2024، أضاف لفتيت أن عدد القضايا المنجزة بلغ ما مجموعه 475 قضية تم بموجبها إيقاف 435 شخصا، في حين تم إنجاز 254 قضية إلى حدود نهاية شهر ماي سنة 2025 تم على إثرها إيقاف ما مجموعه 255 شخصا.
وبخصوص ظروف وملابسات مقتل مواطن بمدينة تارودانت جراء تعرضه لاعتداء على يد مختل عقلي بواسطة حجر من الحجم الكبير، أوضح لفتيت أنها تعد “حالة معزولة في الزمان والمكان”، مؤكدا أنه “سبق للسلطات المحلية أن أحالت، بتاريخ 08 ماي 2025 مرتكب هذه الجريمة على مصالح الأمراض العقلية بالمركز الاستشفائي الإقليمي المختار السوسي بتارودانت، أي قبل وقوع هذا الحادث المؤسف بيومين”.
في تعليقه على هذا الموضوع، قال رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان عبد الإله الخضري، إن الأرقام الواردة بشأن الاعتداءات المرتكبة من طرف أشخاص يعانون من اضطرابات عقلية، “مقلقة وخطيرة على المجتمع المغربي”، موضحا أن ارتفاع عدد الحالات من 246 سنة 2023 إلى 475 سنة 2024 يمثل مؤشراً واضحاً على تصاعد هذه الظاهرة، ويستوجب التعامل معها بجدية أكبر.
وأشار الخضري إلى أن هذه الأرقام يجب أن تُقرأ من زاويتين أساسيتين، الأولى تتعلق بضرورة ضمان سلامة وأمن المجتمع، والثانية تخص حماية حقوق الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية ونفسية، حيث يرى أن أي مقاربة مسؤولة يجب أن توازن بين هذين البعدين لضمان فعالية التدخلات العمومية.
وتابع أن السلطات العمومية يُفترض بها اتخاذ تدابير استباقية لمنع مثل هذه الحوادث، من خلال ضمان إحالة المرضى النفسيين على مؤسسات الرعاية المتخصصة، إذ أكد أن هؤلاء الأشخاص يجب أن يتلقوا العلاج والرعاية داخل مؤسسات صحية متخصصة، وليس أن يُتركوا يتجولون في الشوارع.
ويضيف الخضري، أن ارتفاع عدد الاعتداءات يوحي بأن الإجراءات المتخذة في هذا الصدد “شكلية وغير فعالة”، ما يطرح علامات استفهام حول مدى توفر المغرب على مؤسسات للصحة النفسية قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى، كما تساءل عن مستوى التنسيق بين المؤسسات المعنية كالصحة النفسية والأمن لضمان تتبع الحالات.
وأكد المتحدث أن الأشخاص المصابين بالاضطرابات النفسية لديهم الحق في العلاج والرعاية دون أن يُعرضوا للتهميش أو الإقصاء، لافتا إلى “أن غالبية هؤلاء لا تتم إحالتهم على المؤسسات الصحية إلا بعد وقوع الحوادث”.
وفي غضون ذلك، شدد الخضر على أن الجهود المبذولة حالياً “تظل غير كافية”، وأن الحكومة مطالبة، وخاصة وزارتي الداخلية والصحة والحماية الاجتماعية، باتخاذ خطوات أكثر جدية، من بينها تقوية البرامج الوقائية، وتوفير دعم نفسي مستمر، وتحسين التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية لضمان حماية المجتمع والتعامل الإنساني مع المرضى النفسيين.