بينها فتح الباب للملاك على “الشياع”.. هذه أبرز مستجدات دعم السكن 2026
شهد برنامج الدعم المباشر للسكن منعطفًا جديدًا مع حلول سنة 2026. فبعد ثلاث سنوات على إطلاقه بموجب قانون المالية لسنة 2023، كشفت التعديلات التشريعية الجديدة عن مجموعة من المستجدات المهمة.
وقد فرض المشرّع عدة شروط إضافية تهدف إلى ضمان توجيه الدعم نحو غايته الأصلية، المتمثلة في مساعدة المواطنين على اقتناء سكنهم الرئيسي، مع إرساء حواجز قانونية تحول دون استغلال هذا الدعم العمومي في المضاربة العقارية.
توسيع دائرة المستفيدين
من أبرز هذه المستجدات، إقرار أهلية الملاك على الشياع للاستفادة من الدعم الذي تمنحه الدولة، بعد أن كان هذا الحق مقتصرًا سابقًا على الشخص الذي يقتني العقار بصفة فردية ومباشرة.
تُعرف الملكية على الشياع بأنها الحالة القانونية التي يمتلك فيها أكثر من شخص عقاراً واحداً، بحيث تكون حصة كل شريك غير محددة أو مفرزة (غير مخصصة له) بشكل دقيق، وتبقى مشاعة بين جميع المالكين حتى يتم تقسيمها. وهي حالة شائعة تظهر غالباً في حالات الإرث قبل توزيع التركة، أو عند اقتناء عقار مشترك بين عدة أطراف.
ويهدف هذا التعديل إلى تحقيق قدر أكبر من العدالة والمساواة في الولوج إلى السكن اللائق، خاصة في الحالات التي يتم فيها اقتناء العقار بشكل مشترك بين أفراد الأسرة أو الشركاء.
مدة شغل السكن
في السابق، كان المستفيد ملزمًا بشغل العقار كسكن رئيسي لمدة أربع (4) سنوات قبل أن يُسمح له بالتصرف فيه. غير أن هذه المدة رُفعت إلى خمس (5) سنوات، وذلك انسجامًا مع مقتضيات مدونة الضرائب، التي تشترط مرور خمس سنوات للاستفادة من الإعفاء من الضريبة على الأرباح العقارية.
ويُستثنى من تمديد مدة شغل السكن إلى خمس سنوات كلٌّ من السكن الاقتصادي الذي تبلغ قيمته 250 ألف درهم، وكذا العقارات التي لا تتجاوز قيمتها 140 ألف درهم، حيث تظل مدة شغل هذه الأصناف محددة في أربع سنوات فقط، دون أن يشملها التعديل الجديد المتعلق بملاءمة مدة الاستفادة مع مقتضيات مدونة الضرائب.
ضوابط التفويت
هذا ويُعد ربط أي عملية بيع مستقبلية بـرفع الرهن من أبرز مستجدات سنة 2026. إذ يُمنع على المستفيد بيع أو تفويت السكن المقتنى في إطار الدعم قبل مرور خمس سنوات من السكن الفعلي.
وفي حال رغب المستفيد في بيع العقار قبل مرور خمس سنوات من السكن الفعلي، أو ثبت أنه لم يخصصه لسكنه الرئيسي، فإنه يصبح ملزمًا برد مبلغ الدعم كاملاً إلى خزينة الدولة، والذي يتراوح بين 70 ألف و100 ألف درهم حسب قيمة العقار.
كما يترتب عن هذا الإخلال أداء الضريبة على الأرباح العقارية وفق السعر الجاري، لعدم احترام أجل الخمس سنوات المنصوص عليه قانونًا للاستفادة من الإعفاء الضريبي. ويأتي هذا الإجراء لتكريس الطابع الاجتماعي للبرنامج، ومنع أي محاولات لاستغلال المال العام في عمليات المضاربة.
رفع الرهن
كما لا يمكن للمستفيد إتمام أي عملية بيع للعقار – حتى بعد مرور خمس سنوات – إلا بعد استكمال إجراءات رفع الرهن لدى الإدارة الضريبية. ولا تُسلَّم شهادة رفع الرهن إلا بعد مرور خمس سنوات على تاريخ إبرام عقد البيع النهائي، شريطة احترام جميع الالتزامات القانونية.
ويتعين على المستفيدين اكتتاب رهن عقاري من الدرجة الأولى أو الثانية لفائدة الدولة، يُعد ضمانًا لاسترداد مبلغ الدعم في حال الإخلال بالشروط.
وبموجب قانون المالية لسنة 2026، لا تُسلَّم شهادة رفع الرهن إلا في حالتين محددتين. تتعلق الحالة الأولى بإثبات السكن الفعلي، إذ يتعين على المستفيد الإدلاء بملف متكامل يثبت إشغاله للعقار كسكن رئيسي لمدة خمس سنوات متواصلة، من خلال وثائق رسمية تشمل بطاقة تعريف وطنية تحمل عنوان السكن المعني، إلى جانب وثائق إدارية داعمة ووصولات أداء ضريبة الخدمات الجماعية.
أما الحالة الثانية، فتهم وضعية الإخلال بالالتزامات، إذ لا يُسمح بالتصرف في العقار إلا بعد قيام المستفيد برد كامل مبلغ الدعم إلى خزينة الدولة.
وعقب إيداع طلب رفع الرهن لدى الإدارة المختصة، يتعين على المستفيد الإدلاء بمجموعة من الوثائق، تشمل نسخة من بطاقة التعريف الوطنية تتضمن عنوان السكن موضوع الرهن أو وثيقة إدارية تثبت مدة السكن الفعلي، ونسخة من عقد البيع النهائي، إضافة إلى نسخ من وصولات أداء ضريبة الخدمات الجماعية، وذلك قصد التحقق من احترام الشروط القانونية للاستفادة من الدعم.
حصيلة بالأرقام
تعكس حصيلة برنامج دعم السكن إلى غاية نهاية أكتوبر 2025 إقبالًا ملحوظًا على هذا الورش الاجتماعي، حيث تشير معطيات وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة إلى أن عدد الطلبات المودعة عبر المنصة الإلكترونية «دعم سكن» بلغ 170.743 طلبًا. ومن بين هذه الطلبات، حصل 72.185 شخصًا على الموافقة النهائية للاستفادة من الدعم.
وتُظهر تركيبة المستفيدين أن الطبقة المتوسطة تستحوذ على الحصة الأكبر، إذ تمثل 62 في المائة من مجموع المستفيدين، في حين تشكل النساء 46 في المائة، ما يعكس حضورًا وازنًا للعنصر النسوي في الاستفادة من البرنامج. كما تمثل فئة مغاربة العالم نسبة 24 في المائة من مجموع المستفيدين، وهو ما يؤكد انخراط هذه الفئة في البرنامج واستفادتها من آلياته.
وعلى مستوى الوتيرة الشهرية، سجل البرنامج تطورًا ملحوظًا، إذ ارتفع عدد المستفيدين إلى معدل 3.850 مستفيدًا شهريًا خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2025، مقارنة بـ2.400 مستفيد فقط في نهاية أكتوبر 2024، ما يعكس تسارع وتيرة تفعيل البرنامج واتساع قاعدة المستفيدين منه.
أما من حيث الكلفة المالية، فقد بلغت القيمة الإجمالية للمساكن المقتناة في إطار الدعم العمومي حوالي 29,8 مليار درهم، ساهمت الدولة منها بما يناهز 5,9 مليارات درهم. وفي هذا الإطار، اقتنى مغاربة العالم مساكن بقيمة إجمالية بلغت 7,9 مليارات درهم بفضل هذا الدعم، ما يعزز الدور الذي يلعبه البرنامج في تحفيز الاستثمار السكني وربط الجالية المغربية بوطنها.