بنسعيد والمنصوري وكودار.. هل يُخطط البام لحكومة المونديال عبر “الاستيلاء” على الأندية الرياضية؟

من الوزير المهدي بنسعيد رئيس نادي يعقوب المنصور بالرباط مرورا بالرئيسة الجديدة الشرفية للكوكب المراكشي، ابنة الباشا فاطمة الزهراء المنصوري، إلى إبن آسفي سمير كودار رئيس مجلس جهة مراكش-آسفي الذي أظهر غراما منقطع النظير لأولمبيك آسفي، برز مشهد في الآونة الأخيرة يبدو ليس بريئا، ولا عابرًا. فجأة، برزت كرة القدم في أجندة قادة حزب الأصالة والمعاصرة، كأنها اكتشاف سياسي جديد، أو كأنها الورقة السحرية التي يمكن أن تفتح الطريق نحو مكاسب انتخابية، وربما نحو رهان أكبر: حكومة المونديال 2030.
من يعقوب المنصور إلى الكوكب المراكشي
القصة بدأت مع وزير الثقافة والشباب والتواصل، المهدي بنسعيد، حين تمكن من رئاسة نادي يعقوب المنصور لكرة القدم. خطوة بدت في ظاهرها “رياضية”، لكنها سرعان ما أيقظت تنافسًا داخل الحزب نفسه، وحرّكت غريزة التباهي والتموقع.
يوم السبت المنصرم، جاء الدور على فاطمة الزهراء المنصوري، “المرأة الحديدية” في حزب “البام”، لتُزكّى رئيسة شرفية لنادي الكوكب المراكشي. خطوة أخرى تؤشر على أن الأندية الرياضية باتت مجالًا مفضلًا لدى قيادات الحزب، وربما ورقة سياسية تُلعب على إيقاع شغف الملايين.
كودار وأولمبيك آسفي.. التقدم نحو الملعب
في السياق نفسه، حضر القيادي سمير كودار، رئيس جهة مراكش-آسفي، حفل تتويج أولمبيك آسفي بكأس العرش. ألقى خطابًا، وبّخ الرئيس الحالي، أعلن دعمًا ماليًا رسميًا من مجلس الجهة، وقدم وعودًا بتبرعات شخصية. بدا الأمر وكأنه بداية “قصة حب” جديدة بين كودار وأولمبيك آسفي، قصة قد تتفاقم لتتحول إلى معركة مفتوحة مع محمد الحيداوي، الرئيس الحالي للنادي.
السؤال المطروح: هل بدأ كودار فعليًا في تمهيد الطريق لانتزاع النادي من يد رئيسه؟ كل المؤشرات تقول نعم، لكن الرجل الذي توارى طويلًا عن الأنظار، وغيّر سياسته تجاه آسفي، ما يزال صامتًا حتى الآن.
المشهد يطرح أسئلة جوهرية: هل فطن “البام” إلى حيلة انتخابية جديدة تقوم على التغلغل في الأندية الرياضية؟ وهل يمكن أن تتحول هذه المنصات إلى وسيلة لتوسيع النفوذ والتهيؤ لمونديال 2030؟
الصحافي مصطفى الفن قدّم قراءة حادة في هذا الاتجاه، حين علّق على رئاسة المنصوري الشرفية للكوكب المراكشي. تساءل: ماذا يعني أن يُمنح فريق رياضي رئاسة شرفية لمسؤولة سياسية أو وزيرة؟ هل قدمت هذه المسؤولة خدمات استثنائية للفريق؟ هل باعت أرضًا أو موّلت من مالها الخاص؟
الجواب، بحسب الفن: لا. كل ما قدمته القيادات السابقة كان من المال العام، المقرر جماعيًا والمصادق عليه بحضور جميع الأحزاب. فلماذا لم يُمنح غيرها الرئاسة الشرفية؟ ولماذا المنصوري وحدها؟
ملكية الجمهور.. وخطورة التحرش السياسي
في الحقيقة، ما جرى في مراكش وآسفي وغيرهما ليس إلا إقحامًا للسياسة في الرياضة لكن الأمر برمته من الناحية القانونية لا عيب فيه، بل يطرح أسئلة أخلاقية، الأمر أقرب إلى “تشويش” على مجهودات الدولة، بل إلى “نسف” لهذه المجهودات، وفق توصيف مصطفى الفن. هو “دوباج سياسي” بامتياز، واستغلال للمال العام في واضحة النهار.
لكن الثابت أن أولمبيك آسفي وكل الفرق الرياضية ملك لجماهيرها وحدها، وليس لأي حزب سياسي. وأي محاولات للتحرش بالنادي أو استغلاله كورقة انتخابية لن تخدم لا الفريق ولا المدينة، بل ستضعف الثقة بين الأنصار ومؤسساته، وتكرس صورة الرياضة كفضاء ملوث بالصفقات السياسية بدل أن تظل مجالًا نقيًا للتنافس الرياضي.
الأندية الرياضية وُجدت لتوحيد الناس حول الشغف بالكرة، لا لتقسيمهم وفق الولاءات الحزبية. وأولمبيك آسفي أكبر من أي نزوات انتخابية، لأنه إرث جماعي ووجدان مشترك لا يُباع ولا يُشترى، فهكذا تقول أصول “الإلتراس”.
*صلاح الدين خرواعي