بنسعيد: مؤسسات الدولة الديمقراطية تحتاج إلى قيم تنتجها المدرسة
قال عالم الاجتماع المغربي، الدكتور إدريس بنسعيد إن دور السلطة المركزية في المغرب يجب أن يكون وازنا لكن مع دور تحكيمي لهذه السلطة، مشددا على ضرورة إيلاء الإهتمام بالتنوع الحاصل على المستوى المجتمعي، كما اعتبر أن العصرنة التي تشهدها الدولة ومؤسساتها الجديدة تحتاج إلى مضمون وقيم خاصة بها ينتجها المجتمع والمدرسة على الخصوص.
وخلال استضفاته في برنامج “ضفاف الفنجان” الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، سجل بنسعيد أن البعد الجغرافي في المملكة لا يتم الإنتباه إليه، مشيرا إلى تنوع المجالات الجغرافية في المغرب الذي يؤثر في الأنماط الإقتصادية والميل لصنف معين من المعتقدات كما تحدد شكل التنظيم الإجتماعي والسياسي، معتبرا أن وجود أنماط اجتماعية واقتصادية وبنيات سياسية وثقافية مختلفة تتفاعل فيما بينها دون انتقائية يؤدي إلى ظهور توليفية هي ما يمكن تسميته الوصفة المغربية .
واعتبر بنسعيد أن ذلك ما يؤدي إلى تكون الشخصية المغربية التي فيها لا يمكن العيش دون توافق حيث تكون السياسة أنشط وأقرب إل الناس إذا كانت محلية، أو بوجود جهوية تراعي خصائص القرب الجغرافي معتبرا أن السلطة التي يخضع لها الناس هي السلطة التحكيمية وليس القوة.
وقال بنعسيد إن السلطة في المغرب فطنت لهذه المسألة منذ زمن مبكر حيث أنه وكلما كان هناك تعدد على المستوى الواقعي يتم مقابلته بتعدد على مستوى السلطة وعلى متسوى الفكر، معتبرا أن هذا البعد له دور في تعزيز الوحدة الوطنية مع الإعتراف بالبعد المحلي والجهوي الأمر الذي قال إنه ضروري للديمقراطية ولبناء الثقة.
وأضاف أن “دور السلطة المركزية يجب أن يكون موجودا ووازنا ولكن وظيفته يجب أن تكون تحيكيمة مستشهدا بكلام “المفكر جريمان عياش باعتباره أكبر المدافعين عن الدولة حيث يقول هذا الأخير ان “الوظيفة الأساسية للمخزن وسر نجاحه هو أن وظيفته هو وظيفة تحكيمية”.
في المقابل شدد المحدث على ضرورة الإنتباه إلى خطر بروز هويات متوحشة تخوض في جدال الأصل وهل المغاربة أمازيغ أو عرب مسلمون سنة أم شيعة، معتبرا أن في ذلك خطر على الديمقراطية وعلى التماسك الوطني .
ومن جهة أخرى قال بنسعيد إن الديمقراطية تشتغل في مؤسسات عصرية حديثة ومقننة ولكن -في المغرب- تفتقر المؤسسات إلى قيم خاصة بها ومضمون، مؤكدا أن هذه القيم التي كان ينتجها المجتمع قديما عبر الأسرة والعائلة والقبيلة يجب أن ينتجها في الدولة العصرية التعليم والمدرسة، على اعتبار أن المدرسة هي أداة من الأدوات الإديولوجية للدولة مثل الإذاعة والتلفزيون وغيرها.
لكن وظيفة المدرسة في المملكة صارت مقتصرة على التكوين دون التربية كما كان في السابق، يخلص بنسعيد الذي أكد أن دور المدرسة صار يقتصر على التلقين، وهدفها تكوين شخص منتج وفقط.