بعد قطاع غزة .. سكان الضفة الغربية يروون “أياما سوداء”
بعد انسحاب المدرعات والجرافات الإسرائيلية من شوارع مدينة جنين مخلفة دمارا في كلّ مكان، روى سكان في المدينة الواقعة في شمال الضفة الغربية المحتلة “أياما سوداء” عاشوها.
وقالت فايزة أبو جعفر في الحي الشرقي لمدينة جنين لوكالة فرانس برس “أيام سوداء”، مضيفة وهي تشير إلى الدمار المحيط بها، “الوضع صعب، صعب جدا، على الأطفال وعلى الجميع. خوف ورعب. ودمار…” إلا أنها تستدرك “معنوياتنا عالية”.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم السبت 31 غشت الجاري، عمليته العسكرية الواسعة ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية لليوم الرابع على التوالي.
وتتركّز المعارك اليوم في مخيم جنين، على مسافة غير بعيدة من الشارع الذي وقفت فيه أبو جعفر، استشهد رجل ثمانيني برصاصة قناص إسرائيلي، وفق ما يقول سكان، واستشهد في العملية التي يقول الجيش إنها “لمكافحة الإرهاب”، 20 فلسطينيا.
ودفع الجيش الإسرائيلي منذ الأربعاء بعربات مدرّعة مدعومة بسلاح الجو إلى جنين وطولكرم وطوباس ومخيماتها، وهي معقل المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.
وجرفت الآليات العسكرية الأسفلت عن الطرق، ما تسبّب بتدمير البنى التحتية. وأمكن السبت رؤية تلال صغيرة من التراب والأسفلت على جوانب هذه الطرق، بالإضافة الى دمار وفجوات في الأبنية.
ويقول جيش الاحتلال الإسرائيلي إن أنابيب المياه تحت الأرض ثُقبت عن طريق الخطأ بينما كان يحاول البحث عن عبوات على جانبي الطرق، لكن سكانا يؤكدون أن الأمر متعمّد.
وأعلنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي أن 13 على الأقل من الشهداء ينتمون إلى جناحيهما العسكريين، كتائب القسام وسرايا القدس.
وتشهد الضفة الغربية توغلات جيش الاحتلال. لكن من النادر أن تنفذ بشكل متزامن في مدن عدّة، وبإسناد جوي، كما يحدث منذ الأربعاء. ومنذ بدء الحرب الإجرامية الإسرائيلية على قطاع غزة، ازدادت أعمال العنف في الضفة الغربية.
– “حرب” –
ووقف مجدي المهدي يتفقّد سيارتين ودراجة نارية سحقت تحت كومة من الركام والمعادن المتناثرة من جرافات عسكرية إسرائيلية. ووصف ما حدث بأنه “حرب”، مضيفا “أقاموا ثكنة عسكرية قبالتنا، وكانوا يُحضرون الشبان إليها للتحقيق معهم”.
وقال طاهر السعدي “نحن معزولون عن العالم الخارجي تماما”. وأضاف “المياه مقطوعة والكهرباء مقطوعة… كلّ البنية التحتية دُمّرت. لم يبق بنية تحتية”.
وتابع “جميع مقومات الحياة هنا معدومة. لا يوجد خبز. نحن نعيش بصعوبة. لا يوجد حليب، والمواد الغذائية مقطوعة بشكل نهائي”.
وأفاد مصور لوكالة فرانس برس في جنين اليوم السبت بأن أصوات إطلاق النار تسمع في أنحاء المدينة، بينما خلت الشوارع تقريبا من الحركة، باستثناء العربات العسكرية الإسرائيلية، مشيرا إلى تحليق طائرات مسيّرة في أجوائها.
– 2002 –
ويدور قتال عنيف في مخيم جنين. ويقول محافظ جنين كامل أبو الرب “لا نعرف بالضبط ما الذي يحدث هناك”. وبحسب أبو الرب، هناك “إجراءات إسرائيلية بمحاصرة المستشفيات وتقسيم المدينة والمخيم إلى مربّعات واعتبارها مناطق عسكرية مغلقة”.
وتابع “لا يسمح للإسعاف ولا الدفاع المدني ولا الصحافيين بالدخول والخروج حتى نعرف حقيقة ما يجري”. وكان مخيم جنين مركز الانتفاضة الفلسطينية الثانية ضد الاحتلال الإسرائيلي في مطلع الألفية الثانية.
في العام 2002، حاصر جيش الاحتلال المخيم لأكثر من شهر وسط قتال شرس سوّيت خلاله مئات المنازل بالأرض، فيما استشهد 52 فلسطينيا وقتل 23 جنديا إسرائيليا. ويُعرف المخيم بأنه معقل “للمقاومة” الفلسطينية في الضفة الغربية.
وقارن أبو الرب ما يحدث اليوم ب2002، قائلا “هذا العدوان يذكّرنا بذلك العدوان اللئيم، من حيث العدد (..)، من حيث تدمير البنية التحتية وإطلاق النار على الأبرياء”.