بعد الاعتراف بمغربية الصحراء.. وعد فتح قنصلية أمريكية بالداخلة ينتظر وفاء ترامب
يرى مراقبون أن عودة دونالد ترامب إلى عرش الرئاسة بالبيت الأبيض، تشكل محطة مفصلية لعدد من الملفات والقضايا الشائكة في المنطقة العربية، خوفا من نهج سياسة متطرفة قد تزيد من حدة الصراع في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة جراء الحرب الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينية، وتطلعا إلى موقف أكثر تقدما في دعم ملف الوحدة الترابية للمملكة المغربية، بعد اعترافه الرسمي بسيادة المغرب على صحرائه، الذي تزامن مع نهاية ولايته الأولى في دجنبر سنة 2020.
وتعليقا على انتخاب ترامب رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية لولاية ثانية وتأثير ذلك على مصالح المملكة المغربية، تقول أستاذة القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال مليكة الزخنيني، إن دونالد ترامب يمزج ما بين فراسة رجل الأعمال وتأهب رجل الحلبة، “وهما وضعيتان غير مستقرتين وتتطلبان حذرا كبيرا في التعامل، وسرعة فائقة في الحسم، وتوفر سيناريوهات بديلة لتجاوز أي طارئ، وهذه هي الوضعية التي سيجد نفسه فيها كل بلد خلال ولاية ترامب الجديدة، ومن ضمنها المغرب”.
وأضافت الأستاذة الجامعية في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن ولاية ترامب الأولى وإن كانت قد ساهمت في تحريك ملف الوحدة الترابية للمغرب من الرف الذي وضعت فيه طيلة عقود، والرهان على عودته من أجل استكمال مسار تصفية هذا الملف، إن كان مشروعا بالنسبة للمغرب بالنظر للتطورات التي عرفها، “إلا أن فرضية إعادة هذه القضية إلى تصنيف القضايا الهامشية يبقى قائما، بالنظر لحزمة القضايا الدولية المنفجرة اليوم وقيمة الصفقات التي يمكنه إبرامها بشأنها”.
وتبعا لذلك، دعت أستاذة القانون الدولي والعلاقات الدولية الديبلوماسية المغربية “إلى الحضور الحذر والفاعل في كل الملفات المفتوحة اليوم لتقوية موقعها في مختلف الصفقات/ القضايا الملتهبة، لتموقع أفضل يتيح الدفاع عن قضاياها الحيوية”.
وكان الرئيس الأمريكي قد تعهد عقب اعترافه بمغربية الصحراء في دجنبر 2020، بفتح قنصلية أمريكية بالداخلة، عقب اتصال هاتفي مع الملك محمد السادس حينها.
وبعد أسبوعين من هذا القرار أعلن كاتب الدولة الأمريكي، آنذاك، مايك بومبيو، بدء عملية فتح قنصلية أمريكية بالداخلة، مع التدشين “الفوري” لمكتب ذي حضور افتراضي، غير أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن لم تكمل تنفذ هذا القرار، ليبقى فتح القنصلية الأمريكية بالأقاليم الجنوبية معلقا إلى اليوم.
وتكتسي الانتخابات الرئاسية الأمريكية أهمية بالغة ليس للأمريكيين وحدهم، ولكن لكل دول العالم بالنظر للمكانة المركزية للولايات المتحدة الأمريكية في الساحة الدولية، وتأثيرها في السياسة الدولية. وبذلك، فشخصية الرئيس الأمريكي ومرجعيته، وتصوره لأدوار بلاده في العالم تعتبر محورية بالنسبة لكل بلدان العالم.
وفي هذا السياق، أوضحت الزخنيني أنه منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات في هذا البلد، تبدأ البلدان في ترتيب أوراقها وفق مخرجات هذه العملية، وتبدأ في عد مكاسبها أو خسائرها الحالية والمؤجلة من تغير ساكن البيت الأبيض، خاصة عندما يتعلق الأمر بدونالد ترامب.
وفي غضون ذلك، قامت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، عشيّة تنصيب الرئيس ترامب، بتحديث معلوماتها وخريطتها عن المغرب، على موقعها الرسمي، معترفة بذلك، بإقليم الصحراء، كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني.
وجاء في الموقع الرسمي للوكالة الأمريكية في وصف خريطة المغرب، ما يلي: “خريطة المغرب التي تظهر المراكز الرئيسية لتوزيع الساكنة، فضلا عن أجزاء من الدول المجاورة وشمال المحيط الأطلسي. وتجدر الإشارة إلى أنه، ومنذ سنة 2020، تعترف الولايات المتحدة الأمريكية بالصحراء الغربية كجزء من التراب المغربي”.
وتتضمن الورقة الخاصة بالمغرب على الموقع الرسمي لـ”السي آي إي” معلومات متنوعة حول موقع المملكة الجغرافي، وتاريخها، وأسس اقتصادها، ونظامها السياسي، وديمغرافيتها، وتنوعها السكاني، ومسؤوليها الرسميين وغيرها من المعلومات المفتاحية.
وأدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإثنين 20 يناير 2025، اليمين الدستورية رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن.
وقال ترامب بعد أدائه اليمين الدستورية إنه سيضع أمريكا أولا، “وسنستعيد أمننا وسيادتنا وميزان العدالة”، مضيفا في خطاب له أن أميركا ستصبح قريبا أقوى وأكثر استمرارية عما كانت عليه في السابق، مطالبا بالالتزام “بالصدق” “إزاء التحديات التي نواجهها وأعداؤنا يحاولون التأثير على الكثير من أمورنا”.
وأشارت الأستاذة الأكاديمية إلى أن الأمر يتعلق بـ “رجل الأعمال الذي يكيف كل الوقائع بمنطق الصفقة، والبحث عن المكاسب على شتى الواجهات والتحرر من كل المعيقات خاصة إذا كانت التزامات تعاقدية، لا صوت يعلو على صوت الصفقة الرابحة، وهو ما دشنه حتى قبل تنصيبه بخطاب التوسع وضم بلدان جارة”.
وخلصت المتحدثة إلى أن ترامب يعد رئيسا “مثيرا للجدل بفعل مواقفه وطريقة تعاطيه مع الأحداث الدولية بما يمكن اعتباره مراجعة للعقيدة السياسية للولايات المتحدة الأمريكية القائمة على الليبرالية في شقيها الاقتصادي والسياسي، والحرص على سلامة الجسم الأمريكي من أي ندوب لنزاعات مسلحة، تحرص الولايات المتحدة على إدارتها خارج حدودها الوطنية”.
وفي خطاب أعقب مراسم تنصيبه بمبنى الكابتول أمس الإثنين، أعلن دونالد ترامب عن مجموعة من القرارات المثيرة للجدل منها التوقيع على مرسوم الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، والتعهد بطرد ملايين المهاجرين، والإعلان عن لقاء وشيك بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تخوض بلاده حربا مدمرة ضد أوكرانيا منذ سنتين، والتلميح لإعلان تطبيع وشيك بين السعودية وإسرائيل، فضلا عن شنه لحرب على المتحولين جنسيا إذ أعلن أن السياسة الأميركية الرسمية ستعترف فقط “بجنسين ذكور وإناث”.