بعد إقراره بمجلس المستشارين.. مشروع قانون الإضراب يثير رفضًا نقابيًا واسعًا
يستمر رفض النقابات لمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، بعد أن صادق عليه مجلس المستشارين أمس الإثنين، بموافقة 41 مستشارًا، ومعارضة 7 آخرين، مع انسحاب فريق الاتحاد المغربي للشغل، في مستهل جلسة التصويت، تعبيراً عن رفضه للصيغة الحالية من مشروع القانون.
وفي هذا السياق، قال عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل يونس فيراشين، إن النقابة ماضية في خوض إضراب الخامس من فبراير، مبرزا أنه رغم مرور المشروع من مجلس المستشارين، إلا أنه لا يزال قيد المراجعة في القراءة الثانية بمجلس النواب، ومن المنتظر أن يتم النظر فيه أيضًا من قبل المحكمة الدستورية.
وأضاف فيراشين في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أنه حتى في حال إقرار القانون، فإن النضال ضد هذا المشروع سيستمر، مشيرا إلى أن النقابة ستلجأ أيضًا إلى منظمة العمل الدولية إذا اقتضت الضرورة، فضلا عن العديد من الخطوات المتاحة لمواصلة الضغط، “إذ أن إقرار القانون على مستوى مجلس المستشارين لا يعني نهاية النضال”.
وانتقد المتحدث ذاته، ما وصف “بالحوار الشكلي والحوار الإعلامي”، معتبرا أن ذلك لا يمثل ما تطمح إليه النقابة، “بل إن الحوار الحقيقي يجب أن يتسم بمضمون تفاوضي”.
وتابع قائلا: “الحوار هو الاستماع للتعديلات والتفاعل معها بشكل إيجابي، وليس مجرد جلسات استماع أو إنصات دون تحقيق نتائج عملية.”
وخلص فيراشين إلى التأكيد على أن هذا القانون “لم يخضع لحوار جاد يحمل مضمونًا تفاوضيًا”، وهو ما كان يجب أن يحدث وفقًا لما تم الاتفاق عليه مع الحكومة في الاتفاق الأخير.
ومن جانبه، قال كريم تاج، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية وعضو الجبهة الوطنية للدفاع عن الحق في الإضراب، إن الحكومة اختارت مرة أخرى “الاستقواء بأغلبيتها وتمرير هذا النص بناء على مقاربة تجزيئية، على غرار ما هو معتاد”، مشيرًا إلى أنه كان من الأفضل أن يتم تقديم المشروع ضمن حزمة واحدة تشمل على الأقل قانون النقابات.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الحكومة، بدلاً من الاستناد إلى روح الدستور، قدمت قانونًا “يقيد عمليًا الحق في الإضراب من خلال فرض شروط تعجيزية”، مثل الآجال والشكليات التي يجب أن تتوفر في الجهة الداعية للإضراب، مما يجعل هذا المشروع لا يمثل الحل الملائم لتنظيم ممارسة الحقوق والحريات الدستورية.
كما أقر تاج بأن وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات قد يكون استثناءً في الحكومة، بحيث قام بمحاولات لإجراء مشاورات واتصالات لإيجاد توافقات حول مشروع القانون، “إلا أن المشكلة تكمن في أن سقف الحكومة التي ينتمي إليها لم تظهر أية إرادة حقيقية للتعامل مع قضايا مهمة مثل تنظيم الحق في الإضراب”.
وأكد في هذا الصدد أن حزب التقدم والاشتراكية سيواصل النضال “ضد التراجعات التي تتسبب فيها هذه الحكومة”، بالتعاون مع حلفائه في الجبهة الوطنية للدفاع عن الحق في الإضراب، ومع جميع القوى الحية التي تطالب بتغيير الاختيارات “غير الشعبية لحكومة التوحش وتضارب المصالح”.
وفي سياق ذلك، صادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب بالأغلبية، الثلاثاء 04 فبراير 2025، على القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في إطار قراءة ثانية، كما أحيل من مجلس المستشارين، مع تصحيح خطأ مادي.
ووافق على مشروع القانون المذكور 11 نائبا، فيما عارضه 7 نواب، ولم يمتنع أحد عن التصويت، ليكون بذلك قد قطع جميع مراحل التصويتفي انتظار الجلسة العامة بمجلس النواب التي ستخصص للتصويت النهائي على مضامينه.
وكان مجلس المستشارين قد صادق بالأغلبية في جلسة تشريعية، الإثنين 03 فبراير 2025، على مشروع القانون السالف الذكر بموافقة 41 مستشاراً، فيما عارضه 7 آخرون، دون امتناع أي مستشار، علما أن فريق الاتحاد المغربي للشغل انسحب من عن أشغال الجلسة التشريعية، التي خصصت للدراسة والتصويت على مشروع قانون، منذ انطلاقها صباح الاثنين.
وكانت لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بالغرفة الثانية قد صادقت، في ختام اجتماع امتد إلى ساعة متأخرة من ليلة الجمعة 31 يناير 2025، بالأغلبية، وذلك بموافقة 10 مستشارين، فيما عارضه 5 آخرون.
وعلى إثر ذلك، أعلنت عدد من الهيئات النقابية خوض إضراب عام وطني يهم مختلف القطاعات غدا الأربعاء، احتجاجاً على سياسات الحكومة وإصرارها على تمرير مشروع القانون التنظيمي للإضراب الذي وصفته ب”التكبيلي الذي يضرب حقاً من الحقوق الدستورية”.
وقد أعلنت العديد من المركزيات والهيئات النقابية انضمامها لهذا الإضراب العام المنتظر يوم الأربعاء 05 فبراير الجاري، تأكيدًا على رفضها المس بحق العمال في الاحتجاج السلمي”، معتبرة في نفس الوقت أن تمرير قانون الإضراب بصيغته الحالية “يعد انتهاكًا صارخًا للدستور والاتفاقيات الدولية، وهو ما يستوجب تصعيد النضال من أجل إسقاطه أو تعديله”.