بتمويل أوروبي..دراسة ميدانية ترصد الممارسات الفضلى في رعاية السجناء الأحداث
قدمت جمعيتا “بيتي” وعايدة” اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024، بالرباط حصيلة نتائج الدراسة الميدانية المنجزة في إطار مشروع “من أجل عدالة صديقة للأطفال”، حول “الممارسات الفضلى بشأن الرعاية القانونية والاجتماعية للقاصرين في وضعية نزاع مع القانون”.
ويمول هذا المشروع بشكل مشترك مع الاتحاد الأوروبي، بهدف تعزيز حقوق السجناء الأحداث من خلال تحسين ظروف احتجازهم وإعادة إدماجهم وتقوية قدراتهم الترافعية اتجاه المؤسسات المعنية بضمان حقوق الأطفال، إذ عرفت هذه الندوة تبادل وجهات النظر واقتراح حلول ملموسة لتعزيز التعاون في إعادة الإدماج بشكل أفضل وأنجع لهذه الفئة من السجناء ومواجهة حالات العود.
نتائج الدراسة
وخلصت نتائج هذه الدراسة الميدانية التي أنجزت على مستوى مراكز إعادة التأهيل والتعليم، وتحديدا تلك المتواجدة في منطقة سطات-الدار البيضاء بمراكز عين السبع وعكاشة وبنسليمان؛ إلى حتمية تعزيز احترام الحدث عبر إحداث أنظمة تدعمه نفسيا واجتماعيا كما قانونيا بعد أن يكمل فترتهالإصلاحية.
ووفق النتائج التي قدمتها حبيبة الدهبي، منسقة المشروع، فقد تم إنشاء 90 ورشة عمل في المناطق التي شملها المشروع؛ وتمكن 600 حدث (تتراوح أعمارهم بين 12 و19 سنة) من الاستفادة من الأوراش التعليمية، إضافة إلى أنه تم إنشاء مدرسة فنية افتراضية للقاصرين السجناء؛ تم فيها أوراش تهم الكتابة على الجدران وفنون الراب والرقص.
ولمحاربة الشعور “بوصمة العار” الذي يلاحق الأحداث السجناء خلال فترتهم الإصلاحية أو بعدها؛ عمل المشروع على تنظيم ورشات خاصة بالمسرح والتمثيل بهدف التوعية بهذه المرحلة الدقيقة في حياتهم.
هذا وخلصت الدراسة الميدانية بإنتاج فيلمين متحركين ودراسة استقصائية حول التصور الاجتماعي والثقافي للقاصرين في صراعهم مع القانون.
حماية “السجناء الأحداث”..حق مكرس دستوريا
وتأتي “هذه الحصيلة نتيجة لسياق تطور النصوص التشريعية بالخصوص تلك المتعلقة بمدونة الأسرة وقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية، فضلا عن مواصلة منظمات المجتمع المدني إدانة انتهاكات حقوق القاصرين المخالفين للقانون، ثم البحث عن سبل إعادة الإدماج من أجل مناصرة قضايا هؤلاء الأطفال” وفق ما سجله حسن رحييا، أستاذ جامعي بكلية الحقوق بفاس جامعة سيدي محمد بن عبد الله.
ويتخطى هؤلاء الأطفال، حسب رحييا، “نطاق العدالة الجنائية للأحداث، فالمشرع المغربي لاءم إطاره القانوني مع المواثيق الدولية، كالقانون الجنائي الموضوعي؛ الذي يتضمن شق التجريم والضمانات التي ارتأى فيها تعزيز وتكريس الحماية على المستوى القانوني من المسطرة الجنائية”، مبرزا في هذا الصدد أن “الأصل هو اتخاذ وعي أو أكثر من التدابير المنصوص عليها بموجب التشريع الوطني والدولي”.
ومضى الأستاذ الجامعي بكلية الحقوق بفاس جامعة سيدي محمد بن عبد الله شارحا، “مقتضيات المادة 473 من قانون المسطرة الجنائية”؛ باعتبارها “فيصلا في قضية سجن الأحداث، إذ تنص هذه المادة على جعل الحدث الذي يتراوح عمره بين 12 و18 ذو مسؤولية ناقصة أو منعدمة، ولو ارتكبوا أية فعل محرم قانوني، غير أن المادة تنص كذلك على إذا ظهر أن هذا التدبير ضروري أو استحال اتخاذ أي تدبير آخر، يحتفظ بالطفل في هذه الحالة في جناح خاص، أو عند عدم وجوده، في مكان خاص معزول عن أماكن وضع الرشداء”.
وشدد الأستاذ الجامعي على أن “الأصل يجب أن يكون الطفل حرا طليقا في فضائه وليس خلف القضبان في السجن” محملا كامل المسؤولية للقطاع الوصي على إيواء هذه الفئة من الأطفال، بالتكوين والدعم النفسي على حد سواء، معتبرا أن موضوع حماية الأحداث السجناء في ما يتعلق بشقها الحقوقي؛ يجعلها مكرسة دستوريا، وهو ما ينعكس في دستور 2011، حيث ينص على أن لكل شخص الحق في التمتع بظروف اعتقال إنسانية وبحقوقه الأساسية، كما استفادته من برامج التكوين وإعادة الإدماج.
في تراجع مستمر
وكان مركز دراسات حقوق الإنسان والديموقراطية قد أنجز السنة الفارطة، بتعاون مع مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، دراسة تتناول موضوع وضعية السجناء الأحداث بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، إذ سجلت انخفاضا في عدد الجرائم المرتكبة من طرف الأطفال كما حذرت من خطورة احتجاز هذه الفئة من السجناء.
الدراسة، التي حملت عنوان “الأحداث في نزاع مع القانون وواقع أماكن الحرمان من الحرية” أرجعت هذا انخفاض عدد الأحداث نزيلي السجون إلى ثلاثة عناصر أساسية على الأقل وهي قصر العقوبات المحكوم بها على الأحداث تغيير التدابير في الفترة اللاحقة عن صدور العقوبة، وإجراءات العفو.
سنة 2020، حسب الدراسة عينها شكلت استثناء، إذ سجلت تراجعا على جميع المستويات، وذلك راجع لوضعية الطوارئ التي فؤضتها جائحة كورونا، حينما تم حصر حركة الجولان والمرور ما أدى إلى انخفاض مستويات الجريمة وكذا عدد المتابعات.