بالشموع والوزرات البيضاء.. “حراك” طلبة الطب يتواصل بمساندة الآباء والحقوقيين
يستمر “حراك” طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة عبر وقفات الشموع التي ينظمها جهويا، إذ خاض هؤلاء الطلبة بمدينة فاس احتجاجات رفقة آباءهم تنديدا بالاحتقان المتصاعد الذي يعرفه الملف “في غياب أي مؤشرات للانفراج” وسط مطالب لرئيس الحكومة بالتدخل العاجل لحل الملف.
الوزرات البيضاء والشموع
واحتج يوم أمس السبت 25 ماي الجاري بفاس عشرات الطلبة الذين حجوا إلى شارع الحسن الثاني بوزراتهم البيضاء مرفوقين بالأباء والأمهات الذين يؤازرونهم حاملين الشموع ومطالب العودة للحوار “من أجل تفادي سيناريو السنة البيضاء”.
ويرى الآباء المحتجون وفق تصريحات متطابقة أن “الامتحانات صارت على الأبواب بينما لا حل يلوح في أفق هذه الأزمة” ما يدفعهم إلى القلق بشأن مصير أبنائهم الطلبة، معتبرين أن “هؤلاء مستعدون للحوار بشأن ملفهم المطلبي وليسوا هواة إضرابات واحتجاجات”.
نفس هذا الموقف عبرت عنه عائلات طلبة الطب والصيدلة بمراكش والتي قالت في بيان لها أصدرته يوم أمس إن “هذا الملف سيعرف تصعيدا آخر جراء توقيف ممثلي الطلبة وإصدار أحكام تجاوزت 30 سنة في حق 60 طالبا، وهي سابقة لم يعرفها المغرب والجامعة المغربية لأزيد من ثمان عقود”.
سعيا نحو الوساطة
وتابعت أنه “إحساسا من الآباء بتعقد الأمور، والوصول إلى الباب المسدود، اجتمعت عائلات طلبة الطب والصيدلة، بمقر الاتحاد المغربي للشغل على الساعة السادسة يوم السبت 25 مايو 2024، من أجل تبني وساطة واقتراح حلول ان قُبلت، بين الوزارتين الوصيتين”.
وتوجهت العائلات المتوجسة من سيناريو سنة بيضاء قد يحدث لأبنائهم إلى رئيس الحكومة، بصفته المسؤول الأول من أجل التدخل الشخصي لتقريب وجهات النظر وفتح حوار جاد بدون خطوط حمراء ولا لاءات مسبقة، وبأجندة زمنية سريعة.
وأكدت أن هذا الحوار الذي تريده العائلات والطلبة “لن يكون إلا بإعادة المطرودين والموقوفين ممثلي الطلبة”، مضيفة أنها تعتبر أن “توقيف ممثلي الطلبة هو توقيف للطلبة ككل” معتبرة أن إرجاعهم ستكون بادرة لحسن النية في حل باقي نقاط الأزمة.
وجددت تأكيد أن “مطالب الطلبة هي مطالب طلابية صرفة، بعيدة كل البعد عن أي توصيف لو تأويل سياسي أو فصائلي” داعية في الآن ذاته إلى إعادة فتح مكاتب الطلبة “لتلعب دورها كصلة وصل بين الوزارتين والطلبة على الأقل حتى الوصول إلى حل للازمة” وفق تعبير العائلات.
“مرافعات” حقوقية
وتبنت هيئات حقوقية مغربية هذا الملف، معلنة سعيها إلى تشكيل جبهة لدعم ومساندة طلبة كلية الطب والصيدلة وطب الأسنان، المضربين عن الدراسة والامتحانات منذ أشهر، بغية الضغط على الحكومة من أجل حل الأزمة الآخذة في التصاعد.
وفي هذا الصدد نظمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يوم أمس السبت 25 ماي الجاري مهرجانا تضامنيا مع هؤلاء الطلبة، أكدت عبره عدد من الهيئات الحقوقية والنقابية التي شاركت في المهرجان عن “دعمها المبدئي واللامشروط” للطلبة المحتجين، وتنديدها بقرارات التوقيف في حق عدد منهم وإخضاعهم للمجالس التأديبية.
وأعلنت الهئيات المشاركة في المهرجان التضامني تنسيق الجهود من أجل عمل “مشترك ووحدوي”، مضيفة أنها ستواصل تنسيقها، خلال الأسبوعين المقبلين، مع توجيه الدعوة إلى إطارات حقوقية ونقابية أخرى من أجل تشكيل جبهة تدعم حق طلبة الطب.
وضعية “مؤرقة”
وكانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عقدت ندوة صحافية صباح يوم الجمعة 24 ماي الجاري، أعلنت فيها خوض سلسلة أنشطة ترافعية خول ملف طلبة الطب والطب الأسنان والصيدلة رفقة هيئات حقوقية أخرى “مؤمنة بعدالة مطالب الطلبة” وفق تعبيرها.
وفي هذا الصدد قال عبد السلام العسال الكاتب العام للجمعية السالفة الذكر إن وضعية طلبة الطب “خطيرة جدا”، وبرر ذلك بكون أن “خروقات جسيمة من طرف الحكومة قد شابت التعامل مع هذه الأزمة” واصفا هذا التعامل بـ”التصعيد غير محسوب العواقب”.
وأضاف الحقوقي ذاته متحسرا قوله إن “هذا الملف أرقنا كثيرا، خاصة أمام الآذان الصماء التي قوبل به منذ أشهر، في وقت كنا ننتظر فيه من الحكومة التدخل طبقا لمسؤوليتها السياسية، تفاجأنا بتصريح وزير التعلم العالي عبد اللطيف ميراوي الذي قال متوعدا إن الامتحانات ستجرى في وقتها”.
وذلك بالرغم من التوقف الشامل للدراسة والتداريب الاستشفائية للطلبة، واعتبر حقوقيو الجمعية أن في ذلك في تهديدا صريحا للطلبة المضربين، وقال العسال في هذا الصدد إنه “تصريح غير لائق ستكون له تداعيات ليس فقط على كليات الطب بل على سمعة الجامعات المغربية كلها”.
وتساءل في هذا السياق “عما سيمتحن فيه هؤلاء الطلبة تحديدا في وقت لم يحضروا فيه مدرجات الدرس ولا قاعات التكوين منذ شهر دجنبر المنصرم” واسترسل “هل تنوي الوزارة مثلا أن تجعله امتحانا شكليا، إمعانا في إفراغ تكوين الطلبة من معناه” وفق كلامه.
وطالبت الهيئة الحقوقية ذاتها “الحكومة بضرورة التدخل بشكل مسؤول بحل هذه الأزمة وإلغاء كافة القرارت الصادرة في حق الطلبة ووضع حد لكل أشكال التضييق ضدهم في ممارسة حقهم في التعبير، قبل فوات الأوان” على حد تعبيرها.
وحملت “الحكومة المسؤولية في استمرار التصعيد” والذي قالت إنه “سيضر حتما بسمعة الجامعة المغربية” مشيرين إلى أنه “ليس هناك أخطر من عدم الإنصات لـ25 ألف طالب وطالبة بحت أصواتهم منذ أشهر دون تفاعل”. مؤكدين أن “هذا التعنت لن يؤدي إلا المزيد من تأزيم الوضع”.