“انضبط لقرار المحكمة أو انسحب منها”.. الجامعي يراسل ماكرون بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت
دعا المحامي المغربي عبد الرحيم الجامعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إعلان الانضباط الكامل لقرار المحكمة الجنائيى الدولية اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، على خلفية ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وقال الجامعي، مخاطباً الرئيس الفرنسي في رسالة مفتوحة توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منها، إن “واجبكم اليوم هو واجب الضمير الإنساني الذي يجب أن يجري في عروقكم، أي ضرورة دعمكم اللامشروط لحصانة أوامر و قرارات قضاة المحكمة الجنائية الدولية أولاً وأخيراً”.
وأضاف: “إن عَجزتم أو ضَعُفَت إرادتكم و فضلتكم تَركِيع فرنسا تحت أقدام نتنياهو وغلانت بحمايتهما و بتبييض جِرائمهما ومساعدتهما على الإفلات من العقاب، فما عليكم سوى قطع علاقاتكم بالمحكمة والانسحاب منها دون ضجيج”، متسائلاً “هل هذا الموقف العار يرضيكم و يرضي بلدكم؟”.
واستنكر النقيب عبد الرحيم الجامعي عدم سماع أي رأي صريح لماكرون بخصوص الأمر بإلقاء القبض الصادر عن قضاة المحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من إعلانه رفض ما يتعرض له الفلسطينيون بغزة، في الوقت الذي ترك الناطق باسم قصر الإليزيه أو وزارة الخارجية “يوحي بأن فرنسا توجد أمام إشكال دبلوماسي يثيره موضوع الاعتقال بصعوباته بسبب موضوع الحصانة الدبلوماسية وحصانة رؤساء الدول”، معبراً عن حسرته “على الإيليزيه وموقفه المدهش”.
وأشار صاحب الرسالة إلى أن تعامل فرنسا مع المحكمة الجنائية الدولية وقرارها التاريخي غير المسبوق “بمنطق الانحياز للمجرمين بدون تحفظ، وهو الأمر بالقبض على نتنياهو وغلانت، هو موقف مخجل ومرفوض سياسياً وقانونياً ودبلوماسياً وإنسانياً”، فضلاً عن أنه مثير للاستغراب وفقاً لتعبيره.
ونبه الجامعي الرئيس الفرنسي إلى أن نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية “يطبق كيفما كانت طبيعة الشخص المطلوب أمامها، وبالتالي لا يسمح لكم أو لمن يتحدث باسمكم، إثارة موضوع سبق أن تنبأ به نظام المحكمة الجنائية الدولية، ووضع له الجواب القانوني وذلك بمقتضى المادة 27 التي تؤكد على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية للأشخاص الملاحقين والمطلوبين”.
ووفقاً للمادة المذكورة فإن النظام الأساسي “يطبق على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية، وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص, سواء كان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة أو برلمان أو ممثلاً منتخباً أو موظفاً حكومياً, لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي, كما أنها لا تشكل في حد ذاتها, سبباً لتخفيف العقوبة”، بالإضافة إلى أنه “لا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي, دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص”.
وشدد على أنه “لا يمكن لرئيس فرنسا ودبلوماسيتها التناور على قرار إلقاء القبض على نتنياهو وغلانت”، متسائلاً “أو ليست محكمة باريس بفرنسا مؤخراً في شهر ماي 2024 هي من حكمت على ثلاثة متهمين سوريين غيابياً بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية؟ أو ليست فرنسا من يتربع قاضي من قضاتها بهيئة قضاة المحكمة الجنائية الدولية؟ أوَ ليست فرنسا هي من أول الموقعين على ميثاقها؟ أو ليست فرنسا من بين المساهمين في ميزانيتها؟”.
وأشار إلى أنه أن القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لا يترك للرئيس الفرنسي أي مفر قد يستعمله ذريعة للتهرب من مسؤولياته لتنفيذ أمر الهيئة القضائية للمحكمة بإلقاء القبض على المجرمين نتانياهو وغلانت، مشدداً على أن موقع فرنسا كطرف أساسي ومصادق على قانون روما يلزمه “كرئيس للدولة وكمتحدث باسمها وباسم سيادتها وألوان رايتها وصفحات عظمتها، بالتقيد بقانونها الأساسي وبالمادة 27، والتقيد بالقانون الدولي وبالمعاهدات التي وقعتها الدولة، وباحترام القضاء الدولي والأمر الصادر بملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، وبشجاعة بالدفاع عن عشرات الآلاف من الضحايا”.
وأورد النقيب عبد الرحيم الجامعي في رسالته أن أحرار العالم، ومُنظماته الحقوقية والديمقراطية والانسانية، ينتظرون من الرئيس الفرنسي عدم التردد باسم فرنسا في تَحمل مسؤولياته، وإِعلان الانضباط الكامل لقرار المحكمة الذي أمر بإلقاء القبض على نتنياهو وغلانت، داعياً ماكرون إلى احترام بلده أولاً وأرواح شهداء فلسطين وغزة ثانياً “الذين أبادهم نتانياهو وغلانت بجرائم الإبادة والتجويع والقتل العمد”.ذ
كما طالبه بالإعلان أمام العالم الالتزام الصارم بالقانون الدولي باستعمال كل الوسائل المشروعة للقبض عليهما في أية لحظة قدموا فيها لفرنسا، وأمر قواته الأمنية بالتعاون مع كل دول العالم لملاحقتهم احتراماً لإرادة المحكمة الجنائية الدولية.
هذا وختم النقيب عبد الرحيم الجامعي رسالته، قائلاً: “لا يمكنكم السيد الرئيس الاستسلام لضغوط مُجرمَي الحرب، لأنكم بذلك ستُضْعِفُون جهود المحكمةووُجُودها”، مشيراً إلى أن فرنسا “واجهت أمثَالهم قبل اليوم وعبر التاريخ”، وأضاف: “لا تخذلوا فرنسا، ولا تخذلوا من يستشهد بتاريخها الحقوقي والإنساني والقانوني، وبالتالي ليس لكم أن تُحَصنوا نتانياهو وغلانت بعد أن أسقط عنهما نظام المحكمة الجنائية كل حصانة وأمر بالقبض عليهما”.