story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
بيئة |

اليوم العالمي للمناخ.. إنجازات محدودة أمام أزمة ملحة

ص ص

يشكل اليوم العالمي للمناخ، الذي يحتفى به في الثامن من دجنبر من كل سنة، تذكيرا رسميا بضرورة اتخاذ إجراءات مناخية عاجلة وطموحة، لا سيما بعد أسبوعين فقط من انعقاد مؤتمر الأطراف “كوب 30” بالبرازيل، بغية الحد من آثار التغيرات المناخية، وخاصة على البلدان النامية.

ويكشف المسار الذي تم قطعه، منذ انعقاد أول مؤتمر للأطراف ببرلين سنة 1995، والذي دشن انطلاق المفاوضات السنوية، الهادفة إلى بلورة سياسات مناخية، وصولا إلى اتفاق باريس لسنة 2015 الرامي إلى الحد من الاحترار العالمي، إلى ما دون 2 درجات مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة، عن حجم الطريق المتبقي لاحتواء هذه الآفة العالمية.

وفي هذا السياق، يظل الواقع المناخي قاسيا على دول الجنوب، ولا سيما في إفريقيا وفي الدول الجزرية الصغيرة حيث تستمر المخاطر المرتبطة بالجفاف والفيضانات وارتفاع مستوى سطح البحر، وغيرها، في الإخلال بالتوازنات البشرية والبيئية والاقتصادية.

وتؤدي فترات الجفاف المطولة، والأمطار الغزيرة، وموجات الحر الشديدة في إفريقيا جنوب الصحراء، إلى تسجيل انخفاض ملحوظ في الإنتاج الفلاحي، مما يفاقم انعدام الأمن الغذائي لدى ملايين الأشخاص، في مناطق تعاني أصلا من الهشاشة.

كما تشهد بعض الدول الساحلية، خاصة في غرب إفريقيا، تعرية ساحلية متسارعة تؤدي إلى نزوح آلاف السكان. وتتسبب الفيضانات والانهيارات الأرضية، في شرق إفريقيا وجنوبها، سنويا، في خسائر بشرية كبيرة، فضلا عن تدمير المنازل والمدارس والمستشفيات والطرق.

وتعد الدول الجزرية أيضا من بين المناطق الأكثر عرضة للتأثيرات السلبية للتغير المناخي، بسبب انخفاض ارتفاعها عن سطح البحر، وتركز سكانها على السواحل، واعتمادها الاقتصادي على قطاعات حساسة مثل السياحة والصيد البحري.

ويؤدي ارتفاع منسوب مياه البحر إلى تسارع تآكل التربة وارتفاع ملوحة المياه الجوفية، مما يعيق الحصول على الماء الشروب ويهدد الأراضي الزراعية. كما تسبب الأعاصير الاستوائية المتزايدة التواتر والشدة أضرارا بشرية ومادية جسيمة، وتعطل عمل البنيات التحتية والخدمات الأساسية والاقتصادات المحلية.

علاوة على ذلك، تلقي تأثيرات المناخ عبئا ثقيلا على الميزانيات الوطنية، مما يقلص هوامش التدخل المحدودة أصلا في هذه البلدان. وتتزايد النفقات الطارئة لمواجهة الكوارث المناخية، كما يتزايد الاعتماد على الواردات الغذائية، مما يثقل الموازين التجارية.

وتواجه هذه البلدان، وهي من بين أقل البلدان مسؤولية عن الانبعاثات العالمية، تحديات متعددة الأبعاد تعيد تحديد أولوياتها وهو ما يتطلب التزاما حازما من المجتمع الدولي لمواجهتها.

وأفضت مفاوضات مؤتمر الأطراف الأخير إلى تحقيق بعض التقدم في جوانب معينة، لا سيما ما يتعلق بتمويل التكيف وإطلاق آلية لمعالجة الخسائر والأضرار، غير أنها كشفت أيضا عن انقسامات سياسية تعيق بلورة استجابة عالمية توازي حجم حالة الطوارئ المناخية.

وفي مشروع القرار النهائي، تمحور الخلاف الرئيسي حول مسألة الوقود الأحفوري، إذ اصطدمت المناقشات بشأن وضع جدول زمني للتخلص من الكربون بمعارضة عدد من الدول المنتجة والمستوردة للمحروقات، ما ترك غموضا يحيط بأكبر مصدر للانبعاثات العالمية.

وفي هذا اليوم العالمي للمناخ، يتضح أنه بالرغم من وجود الأدوات وإطار للحوار متعدد الأطراف، إلا أنها خطوات يجب أن تصاحبها إرادة سياسية جماعية حاسمة؛ لذلك، سيعتمد المستقبل المناخي على القدرة على الجمع بين الطموح والتمويل وسرعة التنفيذ، وإلا ستظل الوعود المقدمة مجرد حبر على ورق.