story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

الهوية الكروية !

ص ص

لائحة اللاعبين الذين أعلن الناخب الوطني وليد الرݣراݣي عن ضرورة التحاقهم بمعسكر المعمورة تأهبا لمباراتي زامبيا والكونغو برازافيل في إطار إقصائيات كأس العالم 2026، سيأتي فيها لاعبون رأسا من أنديتهم وهم متوجون بألقاب مختلفة، وأبصموا على نهاية موسم متوهجة بالأهداف وبالتنقيط الجيد في المباريات الأخيرة.

ردود فعل الشارع الرياضي تجاه اللائحة الأخيرة كانت لا تحمل انتقادات كثيرة كما كان يحدث في السابق، حيث كانت تثار الأسئلة حول تجاهل لاعبين متألقين في أنديتهم، واستدعاء آخرين مصابين او لا يضمنون رسميتهم في أنديتهم، هذه المرة أغلب الإنطباعات ذهبت في اتجاه أن وليد الرݣراݣي اختار لائحة منطقية، على الرغم من بعض علامات الإستفهام القليلة حول عودة “الشيخ” رومان سايس وغياب لاعب الجيش الملكي حريمات، بالإضافة إلى الإستدعاء المفاجئ للشاب أسامة تيرغالين لاعب نادي لوهافر الفرنسي.

فها هي اللائحة عليها شبه إجماع، والأسماء التي تم استدعاؤها فرضت نفسها بفضل تألقها في أنديتها، وها هم النجوم سيحضرون بكل وزنهم الكروي في أنديتهم إلى الفريق الوطني.. لكن هل هذا كاف لنقول إننا “قطعنا الواد ونشفوا رجلينا” وإننا نتوفر على فريق وطني قوي لمجرد وجود لاعبين عالميين فيه؟.. طبعا لا، لأن مشكل الفريق الوطني منذ عودته من قطر ونهاية أسلوب “جوج طوبيسات” الذي أنتج تأهلنا لنصف نهاية المونديال، هو تخبطه في طرق لعب عشوائية، وعدم قدرته على صناعة اللعب والمبادرة إلى الهجوم وامتلاك الكرة بالفعالية اللازمة، وتيهان هؤلاء اللاعبين العالميين في غياب أسلوب لعب واضح ومتعوّدٍ عليه، وغياب وعاء تكتيكي معروف يستغل إمكانيات هؤلاء النجوم الذين يصنعون إنجازات أنديتهم.

معروف أن المنتخبات ليست هي الأندية على مستوى الممارسة، إذ أن النادي هو مكان عملٍ يومي طوال الأسبوع والشهر والسنة، ويتوفر فيه الوقت الدائم للمدربين واللاعبين بالتدرب على طريقة لعب معينة وخلق الإنسجام وبث روح الفريق يوما عن يوم، عكس المنتخب، فمدة المعسكر الذي يسبق المباريات الإقصائية أو الودية لا تتعدى خمسة أيام في ثلاثة أو أربعة أشهر، وقد تتغير التشكيلة المستدعاة باستمرار، وهي مدة غير كافية حتى للتعارف ما بين اللاعبين وخلق الأجواء الحميمية بينهم، فما بالك بالتدرب على طريقة لعب معينة بين لاعبين يلتقون ببعضهم لأول مرة ومفروض فيهم بعد أيام قليلة أن يهضموا خطة المدرب ويجيدون طريقة اللعب المختارة.

قد يتساءل أحد.. لماذا المنتخبات التي تتوفر على لاعبين وازنين يتقنون طريقة لعبها ومنسجمون ويحققون الألقاب بروح البطل وانسجام الفريق؟ الجواب بسيط للغاية.. جل هذه المنتخبات لديها نسبة كبيرة من عناصرها سبق لهم أن لعبوا مع بعضهم كجيل تدرج في المنتخبات السنية وتمرس على هوية كروية موحدة، وفي منتخب الكبار، وعندما يدخلون للمعسكرات يفعلون ذلك بروح الفريق والعارف بطريقة اللعب التي رضعوها في أكاديميات البلاد منذ الصغر، ولهذا تراهم منسجمون ويعرفون ما يفعلون وكأنهم يعيشون مع بعضهم طوال السنة.

الخلل لدينا في منتخبنا المغربي قادم من سياسة الإعتماد الكلي على أبناء المهاجرين القادمين من بيئات كروية مختلفة، يصعب صناعة التوليفة التكتيكية الفعالة لهم والتدرب عليها وإتقانها في ظرف خمسة أيام، وبسبب هذا الوضع”السوريالي” مع إكراهات ضيق وقت المعسكرات، نرى في المباريات كل ذلك الوجه الباهت الذي تغيب فيه النتيجة والأداء في كثير من الأحيان.

تبعا لكل ما سبق، لا أنتظر شخصيا أن أرى تأثير نجومنا العالميين في طريقة لعب الفريق الوطني، لأن كرة القدم اليوم أصبحت تعتمد على المجموعة واللعب الجماعي أكثر من الأسماء الرنانة، وأي منتخب مهما توفر على النجوم المتألقين في أنديتهم، فلن يحقق شيئا ما لم يتوفر على جيل منسجم ومتجانس ويعرف بعضه بعضا ونشأ في هوية كروية موحدة.