story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

النيبت وأهلية التدريب

ص ص

تعيين العميد السابق للمنتخب الوطني نور الدين النيبت مدربا لمنتخب أقل من 18 سنة، أثار موجة من الإستغراب والتساؤل لدى الجمهور الرياضي المغربي، وفتح نقاشا مهما في وسائل التواصل الإجتماعي حول كفاية التجربة الكروية وحدها للتحول إلى ميدان التدريب.

النيبت الذي لا أحد يجادل في قيمته الكبيرة كلاعب انطلق من المغرب ليحقق مسارا مشرفا في أعلى مستويات كرة القدم العالمية، حيث لازال الإسبان يذكرونه بين الفينة والأخرى كواحد من أعظم المدافعين الذين مروا في تاريخ “لاليغا”، كان قد أنهى مشواره الكروي قبل حوالي 20 سنة، وصار فيها وجها مألوفا كعضو في جامعة كرة القدم أو مستشارا لرئيسها فوزي لقجع، وحضي بمكانة رمزية مشرفة في مختلف الأنشطة الكروية الكبرى، بالنظر لتاريخه وعطاءاته للفريق الوطني، إلى أن تفاجأنا أمس بورود إسمه ضمن بلاغ يعينه مدربا لمنتخب أقل من 18 سنة.

مبعث المفاجأة والإستغراب، هو أن نور الدين النيبت يبلغ من العمر حاليا 55 سنة، فما الذي أسقط عليه فكرة أن يلج عالم التدريب في هذا السن وبعد قطيعة طويلة مع الملاعب منذ اعتزاله؟ وهل كرة القدم التي لعبها مدافع الديبور السابق، هي كرة القدم اليوم؟ وهل يكفي فقط أن تكون لاعبا كبيرا لكي تصبح مدربا ناجحا؟ وأصلا هل يمكن للاعب لديه مستوى دراسي متواضع و قدرات تواصلية ضعيفة أن يتحول بهذه السهولة إلى ناخب وطني، وفي فئة سنية صعبة؟

الحديث عن تعيين النيبت يجرنا إلى معضلة كبيرة ساهمت في هذا المستوى الهزيل الذي أصبحت عليه بطولتنا الوطنية ولاعبي أنديتها، وهي كيفية تأطير الفئات الصغرى داخل الأندية الوطنية، حيث أن لسنوات كان فيها مسيرو هذه الأندية يعمدون من أجل يتخلصوا من “حريق الراس” الذي مصدره لاعب قديم اعتزل اللعب وبقي عرضة للبطالة، يعمدون بعد إرساله لنيل شهادة شكلية في التدريب، إلى تكليفه بتأطير إحدى الفئات السنية للنادي مقابل “شي بركة” يسد بها رمقه وجيبه الفارغ، وغالبية هؤلاء “المؤطرين” لم يكن بينهم وبين التربية والتأطير الحقيقي إلا الخير والإحسان، وكنت تجد فيهم الأميون والمنحرفون سلوكيا، والجاهلون بأبسط أبجديات البيداغوجيا وأساليب التلقين العلمية ومعرفة شخصية الأطفال.. النتيجة أنه تمت “صناعة” أجيال من لاعبي كرة القدم يعانون من أعطاب فظيعة في التكوين وضعف في بنيتهم الجسمانية ونقص في استيعاب الأساليب التكتيكية ومستوى أقرب إلى الصفر في قوتهم الذهنية.

سؤال الأهلية للتحول إلى التدريب والتأطير، سيفرض نفسه قريبا عندما سيبدأ تنزيل مشروع اتفاقية الشراكة بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، والمكتب الشريف للفوسفاط حول التكفل بجانب التكوين داخل الأندية، وسنصبح حتما أمام أولى التساؤلات، وهي هل لدينا في المغرب العدد الكافي من المدربين المختصين في الفئات الصغرى، والمؤطرين ذوي التكوين العلمي والبيداغوجي اللازم الذين يخضعون للشروط الإحترافية المعاصرة التي تصنع لاعبين مؤهلين للعب في المستوى العالي؟ أم أننا “غادين نقضيو” من جديد ب”من والا” من قدماء اللاعبين الذين ليس لديهم من مؤهل أكاديمي سوى أيامهم فوق الملاعب عندما كان الجمهور يصفق لعطاءاتهم؟

بالنسبة لنور الدين النيبت اللاعب الذي لازلنا نحتفظ له بكثير من التقدير والإحترام والأشياء الجميلة في مشواره الكروي، أتمنى أن يكون تقديري خاطئا في حق الرجل، وأن نكون أمام حالة فريدة للاعب اعتزل الميادين، وبعد عقدين من الزمن تحول فجأة إلى مدرب ناجح، فقط بفضل تجربته الطويلة وليس بشيء آخر.