المغرب وموريتانيا… مفتاح القارتين
خصصت مجلة “لسان المغرب” غلاف عدد الأخير لموضوع العلاقات المغربية الموريتانية، بالنظر للإمكانات الكبيرة التي تتيحها العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين، حيث تعتبر موريتانيا مفتاحا حيويا للمغرب نحو إفريقيا، فيما يمثل المغرب مفتاح موريتانيا نحو أوربا.
حيث تزامن تأهل المنتخب الموريتاني لكرة القدم إلى الدور الثاني من بطولة كأس إفريقيا للأمم، وما خلّفه من احتفالات في المغرب بالنظر إلى ارتباطه بالفوز على المنتخب الجزائري، مع زيارة وزير الخارجية الموريتاني للمغرب، وسيادة شعور عام لدى جزء من المغاربة بكون قرار السلطات الموريتانية فرض رسوم إضافية على بعض المنتجات المغربية ساهم في خفض الصادرات وبالتالي تراجع أسعار بعض الخضر في الأسواق المغربية.
أحداث تعيد إلى الواجهة العلاقات المغربية الموريتانية، والتي تخضع لمحددات أساسية، في مقدمتها المحدد الجغرافي، حيث تمتد الحدود البرية بين البلدين على مسافة أكثر من 1500 كيلومتر، علاوة على حدود بحرية لم ترسم بعد، فيما يمثل التبادل الاقتصادي والتجاري محددا ثانيا في العلاقات بين البلدين، ومن الحدود بينهما ذات ثقل استراتيجي وجيو اقتصادي هام، ويعد الارتباط التاريخي محددا ثالثا، تبلور بحكم الاتصال البشري والثقافي واللغوي والديني.
تتحكم هذه المحددات في طبيعة العلاقات السياسية بين البلدين، التي تراوحت بين المدّ والجزر، نتيجة مخلفات الاستعمار الفرنسي، ورعايته للمشروع الانفصالي في المنطقة. ويلاحظ منذ وصول محمد الشيخ ولد الغزواني إلى الرئاسة في يوليوز 2019، أن السياسة الخارجية لموريتانيا عرفت دينامية جديدة في علاقاتها بالمغرب، وتميزت بتطورات متلاحقة في شتى الميادين، السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية.
وفي ضوء مسار التعاون النشط بين البلدين، يبدو أن موريتانيا بصدد بناء موقفها من مبادرة المغربية بخصوص ربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي، خصوصا وأن المبادرة تجعل من موريتانيا بوابة دول الساحل نحو المحيط الأطلسي، ما يجعلها المستفيد الأكبر من الاستثمارات والبرامج التنموية الموجهة للمنطقة.
الأكاديمي الموريتاني أحمد ولد انداري، قال لـ”لسان المغرب” إن من المبكر الحكم على الموقف الموريتاني من المبادرة، “نظرا لكونها مازالت في طورها التأسيسي”. وأوضح أستاذ القانون العام وباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة العلوم الإسلامية الموريتانية، أن الموقف الموريتاني لن يخرج عن واحد من خيارين: “تأييد المبادرة في حال ما إذا اقتنعت موريتانيا بالمشروع الذي تحمله هذه المبادرة، أو عدم الانضمام للمبادرة في حال عدم الاقتناع بها، لكن مع عدم معارضتها في الوقت ذاته”.
وعن موقف موريتانيا من قضية الصحراء، قال ولد انداري إن الحياد الذي تتخذه نواكشوط هو في حد ذاته موقف، “وأعتقد أنه بغض النظر عن رضا أطراف النزاع عن هذا الموقف من عدمه فهو موقف أثبت جدوائته ونجاعته بالنسبة لصانع القرار الموريتاني، ولا أعتقد أن موريتانيا قد تتخلى عنه قريبا”.
ويخلص ملف “لسان المغرب” إلى لأن أن علاقات المغرب وموريتانيا، وإن تميزت بالمد والجزر طيلة العقود الماضية، إلا أنها اتسمت في السنوات الأخيرة بالجودة والتنوع والشمول، مما يعكس وجود رؤية متقاربة لدى قيادتي البلدين حول ما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بينهما.