المغاربة من نباتيين إلى لاحمين!
تحليل يعيدنا إلى البعد التاريخي في علاقة المغاربة بالحيوانات ولحومها. وفي هذا الصدد قال 12 في المئة من المستجوبين في استطلاع الرأي الذي أنجزه المركز المغربي للمواطنة، إنهم يستهلكون لحم الأضحية بالكامل، بينما قال 37 في المئة أنهم يستهلكون جزءا ويتصدقون بجزء آخر، مقابل تصريح 43 في المئة بكونهم يستهلكون جزءا من لحم الأضحية ويخزنون الجزء الآخر. أي أن 55 في المئة يستهلكون لحم الأضحية بالكامل، إما بشكل فوري عبر التخزين.
ونقرأ بهذا الخصوص مقالا للباحث حسن بودلالK بعنوان “الانسان والحيوان إبان الأزمات في تاريخ المغرب”، تضمنه كتاب “الأزمات والهشاشة بالمغرب مقاربات متقاطعة، كيف اتسم الاقتصاد المغربي بخاصية “القلة” أو “الندرة” في فترة ما قبل الحماية، وهو ما جعله يقف بشكل دائم على حافة المجاعة.
خاصية يقول بودلال إنها جعلت الحيوان يمثل حبل النجاة بالنسبة للمغربي البسيط، باعتباره مصدرا للغذاء وقوة إنتاجية في مختلف الأنشطة. ويعزى الدور الحيوي للحيوان في الاقتصاد المغربي، حسب الباحث نفسه، إلى الطبيعة البدوية التي كانت تغلب على المجتمع المغربي، حيث لم تكن المدن أكثر من جزر صغيرة وسط بحر من القرى.
ويسجّل المؤرخ محمد حبيدة بدوره في كتابه “المغرب النباتي”، كيف كان عيد الأضحى يمثّل المناسبة التي يتناول فيها المغاربة كميات كبيرة من اللحم، ويستمتعون بما هو نفيس كالكبد والملفوف، ويجفِّفون قطع اللحم لإعداد “القديد”، “أما الوزيعة، والتي همت البقر والغنم، فقد شكلت نظاما اقتصاديا جماعيا، وتخطت التقليد والعادة”.
ويقف محمد حبيدة على أنواع اللحوم التي يتناولها المغاربة تاريخيا، ويميز بين ما يستهلك في المدن وما يُتناول في البوادي. ففي السهول والمدن، غالبا ما يتناول الناس لحم الغنم. أما سكان الجبال فيتناولون لحم الماعز. فيما كان لحم البقر أقل شأنا لديهم، باستثناء لحم العجل الفتي. أما لحم الجمل فكان يستهلك في المناطق شبه الصحراوية. ويشدّد حبيدة على أن المغاربة في استهلاكهم للحوم كانوا مكرهين اجتماعيا، ومحكومين بمراتبهم الاجتماعية والمناطق الجغرافية التي يقطنونها وبالمناسبات التي ينظمونها أو يعيشونها.
وأن الأغذية الرئيسية في المغرب، لدى جميع الشرائح الاجتماعية، هي أغذية نباتية، متنوعة في التحضير ومتعددة على مستوى الأطباق والأذواق.
ويرصد حسن بودلال نقطة تحول في العادات المغربية، تتمثل في الانتقال من الحقل الزراعي إلى مرعى للمواشي، منذ القرن 11 الميلادي، حيث بدأ الاعتماد أكثر علي تربية المواشي في مقابل تراجع التعويل علي الزراعة بسبب كثرة مواسم الجفاف وقلة المردودية.
تفاصيل أوفى، تجدونها في العدد الأخير من مجلة “لسان المغرب” على الرابط التالي.