أنجيلا ميركل تستعيد ذكريات من حياتها الشخصية في “حرّية”
تستعيد أنغيلا ميركل، المستشارة الألمانية بين 2005 و2021، في مذكرات بعنوان “حرّية” تصدر الثلاثاء المقبل ذكريات من حياتها الشخصية في ألمانيا الشرقية وأخرى من مسيرتها السياسية مع التركيز على العلاقة بترامب وبوتين.
وقد نشرت أسبوعية “دي تسايت” مقتطفات الخميس من هذا الكتاب بعنوان “فرايهايت” (حرّية) الذي يصدر في 26 نونبر في ثلاثين دولة.
دونالد ترامب
كتبت ميركل عن لقائها الأول مع دونالد ترامب في البيت الأبيض في مارس 2017 الذي لم يخلّف لديها “انطباعا حسنا” ما مفاده “كنّا على مستويين مختلفين. كان ترامب يركز على العواطف وأنا على الوقائع.
وعندما كان يصغي إلى حججي، كان يقوم بذلك عادة لتحويلها إلى أسباب جديدة للعتاب. وكان يبدو أن إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة لم يكن هدفه… وخلصت من لقاءاتي إلى أن التعاون من أجل عالم مترابط لن يكون ممكننا مع ترامب”.
وكشفت ميركل أن “الرئيس الروسي كان يبهره كثيرا على ما يبدو. وفي السنوات التالية، خُيّل لي أن الزعماء ذوي الميول السلطوية والديكتاتورية يبهرونه نوعا ما”.
وفي يونيو 2017، أعلن ترامب لميركل في مكالمة هاتفية أن الولايات المتحدة ستنسحب من اتفاق باريس حول المناخ، ما شكّل “ضربة قاسية” للمستشارة الألمانية التي كانت تسعى إلى وضع المناخ “في صلب المسائل المحورية” لمجموعة العشرين.
أوكرانيا والناتو
وبرّرت ميركل معارضتها انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو موقف لطالما انتقدت عليه، مسترجعة قمّة الحلف في بوخارست في 2008.
واعتبرت أن وجود أسطول روسي في البحر الأسود قبالة شبه جزيرة القرم الأوكرانية كان ينذر بالخطر، لافتة إلى أن “أيا من البلدان المرشحة للانضمام إلى الناتو لم يشهد حتّى الآن تواجها من هذا القبيل مع أجهزة عسكرية روسية”.
وأقرّت “كان من الواهي الاعتقاد في ظنّي أن الترشّح لعضوية (الحلف) كان سيحمي أوكرانيا (وجورجيا أيضا) من عدوان بوتين”. وفي نهاية القمّة، تمّ التوصّل إلى تسوية “كان لها ثمن”.
وأوضحت ميركل أن “عدم استحصال جورجيا وأوكرانيا على تعهدّ بجعلهما من المرشحين إلى عضوية (الحلف) كان بمثابة جواب بالنفي على آمالهما.
أما قيام الناتو بالتلميح عموما إلى إمكان الالتحاق به، فهو كان بمثابة جواب بالإيجاب على الانضمام بالنسبة إلى بوتين… إعلان حرب”.
وكشفت المستشارة الألمانية “عدت من بوخارست بمشاعر متباينة. فقد تفادينا خلافا كبيرا لكن في الوقت عينه بات جليا في نظرنا أنه ليس لدينا في أوساط الناتو استراتيجية مشتركة إزاء روسيا”.
وأردفت “في فترة لاحقة وفي سياق آخر… قال لي فلاديمير بوتين: لن تكوني مستشارة إلى الأبد وستصبحان (أي أوكرانيا وجورجيا) من أعضاء الناتو. وأنا أريد أن أمنع ذلك”.
وفكّرت أنغيلا ميركل في قرارة نفسها “أنت أيضا لن تبقى رئيسا مدى الحياة. غير أن مخاوفي حول توتّرات مقبلة مع روسيا لم تهدأ”.
“طفولة سعيدة”
تستذكر أنغيلا ميركل “طفولة سعيدة” في تمبلين المدينة الصغيرة في ألمانيا الشرقية الشيوعية سابقا في شمال برلين.
وكان والدها، وهو قسّ من هامبورغ في الغرب، يدير دورة إعداد لاهوتي بهدف التعويض عن النقص في رجال الدين في ظلّ نظام مناوئ للديانات.
وكشفت المستشارة السابقة “بذل والداي كلّ ما في وسعهما لإنشاء فضاءات حماية لي ولإخوتي وأخواتي… وأنا ممتنة لهما على ذلك”.
وأخبرت أن العيش في ظلّ نظام ديكتاتوري كان يعني “العيش لحظات حرجة باستمرار. وحتّى لو كان اليوم يبدأ بخفّة، قد يتبدّل الوضع في خلال بضع ثوان في حال التعدّي على الحدود السياسية، ما يعرّض الحياة للخطر”.
وكان بيت القصيد يقضي “بإيجاد أين تقع هذه الحدود بالتحديد. وقد ساعدني طبعي التوافقي إلى حدّ ما في ذلك، فضلا عن مقاربتي البراغماتية”. لكن الحال لم يكن دوما كذلك. وفي أحد الأيام، ضبطت الطالبة أنغيلا في الجامعة وهي تحلّ تمارين في الفيزياء، مجال تخصّصها، بدلا من أن تنصت لمحاضرة إلزامية عن الماركسية اللينينية.
وطلب منها الأستاذ مغادرة القاعة “حيث كان صمت مطبق يخيّم”. وبقيت هذه الحادثة التي لم يكن لها تبعات محفورة في ذاكرتها بمثابة “مهانة”. ومع مرور الوقت، باتت تشعر “بنوع من الفوقية” إزاء ذاك النظام “لأن الدولة لم تنجح بالرغم من كلّ مساعيها في حرماني من… بعض الرعونة”.