story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

القضاء يلغي قرار لهيئة المحامين بتوزيع قضايا نزع الملكية

ص ص

أبطلت غرفة المشورة بمحكمة الإستئناف بمراكش اليوم الأربعاء 27 مارس 2024، قرارا صادر عن مجلس هيئة المحامين بالمدينة الحمراء بتعميم توزيع قضايا نزع الملكية والاعتداء المادي الرائجة أمام المحكمة الإدارية، معتبرة أن هذا يخرق قانون المحاماة وحقوق المواطنين من المتقاضين.

وفي الوقت، الذي علل مجلس هيئة المحامين بمراكش القرار المتخذ يوم 29 يناير 2024، والمؤرخ في 30 يناير 2024، بـ “حماية الممارسة المهنية وما تقتضيه المصلحة العامة من تكافل وتضامن اجتماعي بين محاميات ومحاميي الهيئة”، أكد الحكم أن علاقة المحامي بموكله هي علاقة تعاقدية تتمثل في عقد الوكالة، الذي نصت عليه الفقرة الثامنة من المادة 30 من القانون المنظم للمحاماة والتي يجري سياقها الحرفي كما يلي: “يتعين على المحامي أن يحتفظ بملفه بما يفيد توكيله للإدلاء به عند المنازعة في التوكيل أمام النقيب أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف”، كما أن عقد الوكالة من العقود الرضائية المسماة، والذي يستلزم لقيامه ركن الرضا أي توافق إرادتي الوكيل والموكل على عناصر ومضمون وحدود عقد الوكالة بين المحامي وزبونه بصريح المادتين 2 و 879 من قانون الالتزامات والعقود.

الدولة وصية على مهنة المحاماة

وأكد قرار غرفة المشورة، الذي اطلعت عليه صحيفة “صوت المغرب” أن أجهزة مهنة المحاماة المتمثلة في الجمعية العامة ومجلس الهيئة ومؤسسة النقيب أوجدها المشرع ونظمها بمقتضى قانون تشريعي، وأوكل لها اختصاصات الهدف منها التسيير اليومي للمهنة على صعيد كل دائرة في إطار ما لا يتنافى وطبيعتها الحرة، وهو ما يستنتج من خلال الصلاحيات المنصوص عليها بالمادة 91 من قانون المحاماة.

وأشار القرار إلى أن المحاماة باعتبارها مهنة حرة منظمة لا بد من وصاية الدولة بمفهومها الرسمي عليها، هذه الوصاية أو كلها المشرع لوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، وتتمظهر في موضعين إثنين أولهما أن الوكيل العام للملك طرف أصلي وأساسي في المسطرة التأديبية بصريح المادة 94 من القانون المنظم للمهنة، وثانيهما ضمان عدم خروج أجهزة المهنة على الحدود التي رسمها التشريع، وهي كما أوردتها المادة 92 الموالية مباشرة للمادة 91 والمحددة لجل اختصاصات مجلس الهيئة، ألا تكون مداولات ومقررات الجمعية العامة ومجلس الهيئة خارجة عن دائرة اختصاصاتهما أو خارقة للقانون أو تشكل إخلالا للنظام العام.

الدواء يعالج لكن يقتل

وأوضحت الغرفة أن صلاحيات مجلس الهيئة في اتخاذ القرارات المنظمة للمهنة ليست مطلقة وأيا كانت المقاربة التي استحضرها عند ممارستها وجب ألا تتجاوز ما رسمه التشريع المنظم للمهنة، وأنه بالرجوع إلى القرار موضوع الطعن يتضح أنه مس بشكل واضح بالأعمدة المؤسسة لمهنة المحاماة وبعلاقة المحامي بموكله، والتي تتلخص في حرية التعاقد وتوافق إرادتي المتعاقدين وهو ما يؤثر بشكل مباشر على حرية التنافس داخل المهنة.

وأكد الحكم أن  حرية التعاقد والتنافس المؤسسين لعلاقة المحامي بزبونه تستوجب حرية المتقاضي والمحامي في اختيار بعضهما البعض اعتمادا على ما توافقت عليه إرادتيهما، سواء من حيث طريقة الدفاع أو مقابل ذلك من أتعاب، طالما أن موضوع الاتفاق لا يخرج عما رسمه القانون من تنافس شريف بين أعضاء المهنة، وأن القرار الطعين يؤزم هذه العلاقة ويُخرجها من دائرة التعاقد إلى دائرة الإلزام (إلزام متقاض محدد بمحام معين) وهو ما سَيُؤدي لا محالة إلى إخراج المهنة من دائرة الحرة المستقلة وسيفقدها كنهها، وأن هكذا قرار متخذ لمحاربة السمسرة والفساد واحتكار الملفات سيكون بمثابة الدواء الذي قد يعالج المرض، لكن يقينا سيقتل المريض.

المحامي ممنوع من الإشهار أو استمالة المواطنين

وقال القرار إنه “أيا كانت المقاربات التي استُحضِرَت في القرار المطعون فيه أو التبريرات التي اتخذ على أساسها”، فلا يجب أن تخرج مهنة المحاماة عن الطبيعة الحرة المستقلة، خاصة وأن المشرع لم يغفل تمكين أجهزة المهنة خاصة مجلس الهيئة ومؤسسة النقيب من جميع الصلاحيات لممارسة جميع المساطر التأديبية لمحاربة كل ما من شأنه المساس بأخلاقيات المهنة وبحرية التنافس أو استمالة الزبناء، الذي اعتبرته المادة 35 في فقرتها الأولى مخالفة مهنية، حين منعت على المحامي “أن يمارس أي عمل يستهدف جلب الأشخاص واستمالتهم ولا أن يقوم بأي إشهار كيفما كانت وسيلته”.

واعتبرت الهيئة القضائية أن مجلس الهيئة باتخاذه قرار يخرج عما رسمه المشرع لمهنة المحاماة من كونها مهنة حرة مستقلة واستبداله للعلاقة التعاقدية بين المحامي وموكله بعلاقة الإلزام وفرض المحامي على المتقاضي، بعيدا عن الرضا وتوافق إرادتيهما، يكون قد تجاوز اختصاصه الذي يجب ألا يخرج عن تنظيم المهنة في حدود ما رسمه القانون رقم 28-08 كباقي القوانين السابقة، لطبيعة علاقة المحامي بموكله، وخَرَقَ بذلك التشريع الساري المفعول بتغييره لهذه العلاقة من علاقة عقدية حرة رضائية إلى علاقة الزامية مفروضة.