الفيفا وإسبانيا.. ومونديال 2030
ملف التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 بين إسبانيا والمغرب والبرتغال يشهد الكثير من التحولات الطارئة ، ويعرف تبادل مراكز القوة بين البلدان الثلاثة في جاهزية الترشح، وصلابة وضعية جامعاتهم الكروية من الناحية القانونية ومن حيث التأثير في مختلف السلط الموجودة في كل بلد على حدة.
إسبانيا التي كانت في البداية هي صاحبة فكرة تنظيم المونديال بشكل مشترك، وضمت إليها جارتها البرتغال، ثم أوكرانيا في خطوة رمزية وسياسية لا علاقة لها بالجغرافيا ولا بكرة القدم، قبل أن تضطر إلى إبعادها بسبب تورط رئيس جامعتها في ملفات فساد، وتعويضها بالمغرب الذي كان ينوي الترشح بمفرده إسوة بما كان يفعل منذ مونديال 1994.. أصبح موقعها في الملف يضعف شيئا فشيئا لصالح المغرب، رغم أن لها حصة الأسد من الملاعب الجاهزة والبنيات التحتية الهائلة التي أنجزتها في فترة التحول الديموقراطي.
خلال بداية هذا الأسبوع انتشر خبر في جل وسائل الإعلام الإسبانية، مفاده أن الإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” يهدد إسبانيا بالإستبعاد من ملف تنظيم كأس العالم 2030 وإيقاف جميع المنتخبات الكروية وأندية لاليغا من المشاركة في المسابقات القارية بسبب الفراغ الذي تعيشه جامعة كرة القدم وعدم وجود مكتب قانوني بعد إيقاف رئيسيها السابقين لويس روبياليس وخليفته المؤقت بيدرو روتشا، وعدم وجود مخاطب رسمي قانوني ينسق مع الأجهزة الكروية خارج البلاد.
التهديد الذي قيل إن إسبانيا تعرضت له، جا عقب الإجتماع الذي عُقد في مدريد بين “إميليو غارسيا سيلفيرو”، المدير القانوني لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم، مع ممثلين للمجلس الأعلى للرياضة بإسبانيا وجامعة كرة القدم بها، والإتحاد الاوربي لكرة القدم “ويفا”، والذي شدد فيه مسؤول الفيفا على ضرورة عقد جمع عام للجامعة الإسبانية في أجل لا يتعدى الأشهر الثلاثة المقبلة من أجل انتخاب رئيس للجامعة، أي قبل موعد الحادي عشر من دجنبر تاريخ المصادقة على ملف التنظيم المشترك لمونديال 2030 بين إسبانيا والمغرب والبرتغال.
طبعا الكل يعرف طريقة اشتغال وسائل الإعلام الإسبانية، باعتبارها آلة لخلق الزوابع من لاشيء، وتضخيم تفاصيل صغيرة حتى تصبح قضايا تأخذ باهتمام الرأي العام، والحديث عن “التهديد” في الإجتماع المذكور يدخل في هذا الإطار.
في حديث مع مصادر إسبانية مطلعة على ملف تنظيم مونديال 2030، أشارت إلى أن الإجتماع الرباعي في مدريد كان الغرض منه فقط تسريع وتيرة التنسيق من أجل عقد الجمع العام للجامعة الإسبانية وانتخاب رئيس جديد قبل تاريخ المنح الرسمي للإحتضان في زوريخ، وأن الأمور تأخذ مجراها الطبيعي لتجاوز هذا الوضع اللاقانوني، والحديث عن “التهديد” ليس سوى فرقعات إعلامية بدأت منذ انطلاق أزمة الجامعة، وأن “الفيفا” لا يمكن لها أن تتراجع عن منح إسبانيا والبلدان الثلاثة شرف تنظيم المونديال بعدما قطعت أشواطا كبيرة في ذلك، واستدلت بلقاء جياني إنفانتينو مع بيدرو سانشيز على هامش الجمعية العامة لهيأة الامم المتحدة في نيويورك، وهو الذي جدد فيه المسؤول الإسباني التزام بلاده بتوفير كل ضمانات نجاح تنظيم المونديال.
بالنسبة للمغرب، فيبدو أنه أصبح الطرف الرئيسي في الترشيح الثلاثي بعد تراجع إسبانيا بفعل مشاكل جامعتها التنظيمية وفراغها القانوني، الشيء الذي سيمنحه هامشا كبيرا للتفاوض مع شريكيه في التنظيم ومع الفيفا حول حصته من المباريات المهمة، ومن استقطاب استثمارات مالية للشركات العالمية الكبرى.. شيء واحد لا أعتقد أن إسبانيا ستتنازل عنه لصالح المغرب، وهو تحويل المباراة النهائية من ملعب سانتياغو بيرنابيو إلى ملعب بنسليمان.. ببساطة لأنه كان منذ البداية شيئا غير قابل للتفاوض.