“الفتح”.. لعبة مغربية بومضات من السيرة لمواجهة إدمان الشاشات
في وقت تزايد فيه إدمان الأطفال على المكوث طويلا أمام الشاشات واستخدام الهواتف المحمولة، وبينما ابتعدت بعض العائلات عن روابطها الأسرية جراء ذلك، ابتكر طبيب مغربي لعبة محلية تعيد النسيج الاجتماعي إلى نصابه الطبيعي قدر الإمكان.
لعبة “الفتح” تجمع بين التسلية والتعليم، ابتكرها الطبيب المغربي أمين المجهد، مستلهما أحداثها من السيرة النبوية، بهدف مواجهة إدمان الأطفال على الشاشات، والحفاظ على اللمة الأسرية، وتعليمهم المحطات الكبرى من السيرة.
ويرى المجهد، وهو طبيب قلبية بالعاصمة الرباط، أن هذه اللعبة صناعة محلية، تستمد معالمها من الثقافة الإسلامية بغية مواجهة المنتجات الأجنبية، وتقديم بديل للأطفال والأسر.
المجهد له طموح كبير لإنتاج ألعاب أخرى بالتصور نفسه، ورغم التحدي الكبير خلال عملية الإنتاج، يصر على أن تكون اللعبة صناعة مغربية، بهدف غرس قيم السيرة لدى الصغار والكبار على حد سواء.
بعدما ابتكر المجهد لعبة “الفتح”، وبدأ يلعب بها مع أولاده، اقترحها على عائلته وأصدقائه الذين أعجبوا باللعبة، وشجعوه على تسويقها حتى تعم الاستفادة.
**فريق عمل متخصص
يقول الطبيب المغربي : “بشكل سلس يجمع ما بين المتعة والاستفادة، أطلقت مشروعا شخصيا منزليا، ثم اقترحت اللعبة على الأصدقاء والعائلة، الذين استحسنوها، واقترحوا أن تكون مشروعا قائما بذاته، والعمل على تسويقه وتعميمه”.
وفي هذا الإطار، شكل المجهد فريق عمل يضم 3 أشخاص بتخصصات مختلفة إلى جانبه، يضم مهندس معلوميات، ومتخصص في التصميم، ومسؤول التسويق والأمور التقنية.
انخرط الفريق في عمل دؤوب لإطلاق اللعبة، لتبدأ المغامرة منذ أسابيع، انطلاقا من تأسيس شركة باسم “مناهل”، تعنى بتصميم وابتكار أصناف متعددة من الألعاب التي تستمد معالهما من الثقافة الإسلامية، بحسب المجهد.
لعبة “الفتح” تهدف إلى تقديم بديل للأطفال في مواجهة إدمان الشاشات والهواتف، خاصة أنها لعبة توفر اللمة الاجتماعية، وتجمع ما بين المتعة والاستفادة في آن واحد، فضلا عن أنها تدور حول السيرة النبوية.
تتكون اللعبة من 4 بيادق خشبية منحوتة يدويا بعمامات مغربية وأزهرية وشامية وعثمانية، وبطاقات لعب تضم أسئلة حول الأحاديث الشريفة والسيرة النبوية.
كما تتضمن أقراصا تحمل أسماء سور الحزب الـ60 في القرآن الكريم، ليكون حفظ قصار السور مجالا إضافيا لتعليم الأطفال، إضافة إلى مكعب أرقام ورايات وقاعدة ورقية برسوم لأماكن دينية تاريخية.
وتضم لعبة “الفتح” الموجهة للكبار والصغار، العديد من الفصول المشوقة.
وفي هذا السياق، قال المجهد إن “لعبة الفتح تتمحور حول السيرة النبوية، وتهدف إلى غرس معالم السيرة لفائدة الأطفال ليتعلموا المراحل الكبرى للسيرة، وأمور أخرى مفيدة”.
طريقة الاستخدام
وبشأن طريقة الاستخدام، يقول المجهد إنها تلعب فوق رقعة تمثل محطات كثيرة من السيرة، “بدءا من ولادة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة، إلى غاية الانتهاء من محطة عظيمة وهي فتح مكة (عام 630 ميلادي)، ولذلك سميت لعبة الفتح”.
وما بين المرحلتين، توجد مراحل أخرى، من بينها نزول الوحي، وحادثة الطائف، والإسراء والمعراج والغزوات الكبرى، مثل بدر و أحد، ومحطات أخرى من حياة النبي الكريم.
ويمكن الانتقال بين مراحل اللعبة بشكل مثير يغمره جو المتعة والمنافسة. وبموازاة ذلك يجيب اللاعبون على تحديات وأسئلة تتمحور حول 3 مواضيع أساسية، القرآن والأحاديث والسيرة.
وبحسب المجهد، فإن محور القرآن يضم سور الحزب الـ60، وهو ما يشكل فرصة للأطفال لحفظ ومراجعة قصار السور لهذا الحزب، بينما يضم محور الأحاديث الكثير من الأحاديث السهلة للأطفال، أما المحور الثالث فيضم أسئلة حول السيرة.
ويشير المجهد إلى أن اللعبة تساعد على مراجعة بعض مراحل السيرة، ومعرفة ترتيب سور الحزب الـ60، وترسيخ أبرز محطات السيرة بكل ما تحمل من معاني وروح وقدوة.
وبخصوص مكونات اللعبة، أوضح المجهد أن لعبة الفتح صناعة مغربية، وهو أمر نادر جدا في البلاد، خاصة أن أغلبية اللعب في السوق مصنوعة في الخارج.
ويضيف: “وجدنا تحديا كبيرا خلال عملية الإنتاج، ولكن أصررنا على أن تكون صناعة مغربية مئة في المئة، لتضم لمسة من الصناعة التقليدية المغربية”.
وقدم المجهد مثالا على ذلك بالقول: “بيادق اللعبة مصنوعة تقليديا من خشب العرعار بمدينة الصويرة”.
مشاريع قادمة
كما أن طموح المجهد وفريقه لم يقف عند حد لعبة “الفتح”، إذ يؤكد: “بداية الألف ميل هي عبارة عن خطوة، لذلك هناك مشاريع جديدة سنعمل عليها في الاتجاه ذاته، وسيتم الإعلان عن ألعاب جديدة حول التاريخ السياسي للمغرب، والمآثر التاريخية، ولعبة حول القدس وفلسطين”.
ويوضح أن جميع اللعب التي سيتم ابتكارها ستكون صناعة مغربية، وتضم لمسات من الصناعة التقليدية، تشجيعا ليد الحرفيين المغاربة.
ويشدد الطبيب المغربي على ضرورة تقديم بدائل للأسر من أجل الحفاظ على اللمة العائلية في مواجهة إدمان العديد من الأطفال على الشاشات والهواتف.
وبخصوص سعر لعبة الفتح، فتبلغ 480 درهما، ويتم التخفيض إلى 420 درهم في بعض المناسبات، مثل المعرض الدولي للكتاب بالرباط، الذي أقيم ما بين 10 و19 ماي الجاري.
الأناضول