story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

العراقيون ينتخبون برلمانا جديدا تترقبه طهران وواشنطن

ص ص

بدأ العراقيون الإدلاء بأصواتهم، الثلاثاء 11 نونبر 2025، لاختيار برلمان جديد، في انتخابات تراقبها طهران وواشنطن عن كثب ومن شأنها أن تحدد مستقبل البلاد إبان مرحلة إقليمية حاسمة.

وتجري الانتخابات التشريعية السادسة منذ الغزو الأميركي الذي أطاح نظام صدام حسين في 2003، وسط استقرار نسبي يشهده العراق الغني بالموارد النفطية بعد عقود من نزاعات نسفت بنيته التحتية وخلفت فسادا مستشريا.

ويرى عراقيون كثر أن لا أمل في أن تؤدي الانتخابات إلى تغيير حقيقي، معتبرين أن الاقتراع يشكل مساحة للتصارع السياسي الذي سيصب أخيرا في مصلحة كبار السياسيين واللاعبين الإقليميين.

وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 07,00 (04,00 ت غ) أمام ما يزيد عن 21,4 مليون ناخب مسجلين لاختيار البرلمان لولاية تمتد أربع سنوات، على أن تغلق في السادسة مساء (15,00 ت غ).

وشاهد مراسلو وكالة “فرانس برس” في بغداد وإقليم كردستان سياسيين بارزين يدلون بأصواتهم بعيد بدء الاقتراع.

وبحلول منتصف النهار، شاهد مراسلو “فرانس برس” إقبالا خجولا على مراكز الاقتراع في المدن فيما لاحظوا مشاركة أكبر نسبيا في الأرياف.

ويتوقع أن تعلن النتائج الأولية خلال 24 ساعة من إغلاق المراكز.

ويتنافس أكثر من 7740 مرشحا ثلثهم تقريبا من النساء ومعظمهم ضمن تحالفات وأحزاب سياسية كبيرة إذ يشارك 75 مستقلا فقط هذا العام، على 329 مقعدا لتمثيل أكثر من 46 مليون نسمة.

وفي بغداد، يتساءل الموظف الحكومي محمد مهدي “لماذا يصرف (المرشحون) هذا الكم الهائل من الأموال إن لم تكن الانتخابات تحدث تغييرا؟ صرف هذه الأموال دليل على أن صوتي مهم ، لذلك يجب أن أدلي به”.

وفي الموصل، يقول علي عبد (57 عاما) “نشارك بالانتخابات لأننا نريد تغييرا (…) الناس يعيشون في البطالة، لذلك نريد فرص عمل ونهوضا اقتصاديا”.

مقتدى الصدر مقاطع

ويغيب عن السباق الانتخابي هذا العام الزعيم الشيعي البارز مقتدى الصدر الذي يتمتع بقاعدة شعبية كبيرة، إذ اعتبر أن العملية الانتخابية يشوبها “الفساد”. ودعا مناصريه إلى مقاطعة التصويت والترشح، ما قد يساهم في أن تكون نسبة المشاركة في هذه الانتخابات منخفضة.

وقال صالح محمد العراقي المعروف بقربه من الصدر، عبر حسابه “وزير القائد”، إن الزعيم الشيعي دعا أنصاره إلى ملازمة منازلهم والتعامل مع يوم الاقتراع على أنه “يوم العائلة وإجازة عن العمل”.

وانتهت الانتخابات الأخيرة التي شهدت أدنى نسبة مشاركة (41%) في 2021، بفوز الصدر بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان (73 مقعدا)، لكنه انسحب منه جراء خلافات مع “الإطار التنسيقي” الذي يضم أحزابا شيعية موالية لإيران، حول تشكيل الحكومة. وأثارت الأزمة التي استمرت عدة أشهر أعمال عنف دامية.

وتهيمن على الساحة السياسة العراقية الغالبية الشيعية التي اضطهدت على مدى عقود خلال حكم صدام حسين، وتحتفظ معظم الأحزاب الشيعية بعلاقاتها مع إيران المجاورة.

وتبقى الانتخابات مدخلا لاختيار رئيس جديد للجمهورية، وهو منصب رمزي إلى حد بعيد مخصص للأكراد، وتسمية رئيس جديد للوزراء، وهما عمليتان تتمان عادة عن طريق التوافق وقد تستغرقان أشهرا.

ويتوقع محللون أن يحصل ائتلاف الإعمار والتنمية الذي يقوده رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، على عدد جيد من المقاعد، من دون أن يعني ذلك بالضرورة عودته إلى منصبه.

ووصل السوداني إلى سدة رئاسة الحكومة في 2022 بعد جمود استمر أكثر من عام نتيجة خلافات سياسية بين التيار الصدري و”الإطار التنسيقي” صاحب أكبر كتلة برلمانية حاليا. ولطالما أشاد بجهود حكومته لإبقاء العراق بمنأى عن الاضطرابات التي شهدها الشرق الأوسط منذ استلامه منصبه.

ورغم خوضها الانتخابات بشكل منفصل، يتوقع أن تتحد الأحزاب الشيعية المنضوية ضمن “الإطار التنسيقي” بعد الاقتراع لتشكيل أكبر كتلة.

في المقابل، تخوض الأحزاب السنية الانتخابات بشكل منفصل، ويتوقع أن يحقق رئيس مجلس النواب السابق السياسي السن ي النافذ محمد الحلبوسي مكاسب ملحوظة.

وتشمل الانتخابات إقليم كردستان حيث يستمر التنافس السياسي التاريخي بين الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.

طهران وواشنطن

وتزداد حاليا أهمية التوازن الذي يقيمه العراق منذ سنوات في علاقاته مع حليفته إيران وعدوتها الولايات المتحدة، في ظل التغيرات في موازين القوى الإقليمية منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة عام 2023.

وفي خضم التوترات، حافظ العراق على استقرار نسبي، رغم أن فصائل مسلحة موالية لطهران تبنت إطلاق صواريخ ومسيرات على مواقع تضم قوات أميركية في سوريا والعراق، بينما قصفت واشنطن أهدافا لهذه المجموعات في العراق.

وتمارس واشنطن ضغوطا متزايدة على الحكومة العراقية من أجل نزع سلاح الفصائل الموالية لإيران.

وعينت مبعوثا خاصا إلى العراق هو مارك سافايا الذي شدد الشهر الماضي على ضرورة أن تكون البلاد “خالية من التدخل الخارجي الخبيث، بما فيه من إيران ووكلائها”.

ومنذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، تلقى حلفاء الجمهورية الإسلامية، مثل حركة حماس وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، ضربات قاسية من الاحتلال الإسرائيلي الذي شن كذلك حربا على إيران في يونيو الماضي طالت خصوصا منشآت نووية وعسكرية. كما فقدت طهران حليفا رئيسيا مع سقوط حكم بشار الأسد في سوريا أواخر العام 2024.

وبعد الخسائر التي منيت بها، تسعى طهران حاليا للابقاء على مكتسباتها في العراق الذي شكل منفذا رئيسيا لتوسع دورها الإقليمي بعد الغزو الأميركي عام 2003.